قد يتعرف يورغن كلوب إلى شيء ما في كلمات ميكيل أرتيتا هذا الأسبوع، إذ أصر مدرب أرسنال على أن فريقه “سيطير” في مباراة الأحد على أرضه ضد ليفربول، على رغم عدد من الغيابات التي قد تؤدي إلى توقف الفريق.

مثل هذا التفاؤل- الذي قد يبدو في بعض الأحيان متطرفاً لدرجة أنه وهمي- يتماشى إلى حد كبير مع نهج كلوب المتمثل في التحدث بشكل إيجابي فقط في الأماكن العامة كي لا يدع الناس يفكرون في السلبيات، والفكرة هي أن مثل هذا الحزم يتجلى بعد ذلك في المباراة نفسها.

قد لا تزال هذه المباراة تشهد أزمة أفراد لأرسنال. إذا تم تأكيد جميع الإصابات، فقد يضمن ذلك أن أرتيتا قد خسر بالفعل سبعة من لاعبه الأساسيين في المباريات المهمة هذا الموسم.

هذه المباراة وحدها يمكن أن يخوضها من دون 75 في المئة من دفاعه المفضل و 50 في المئة من هجومه المثالي، وبعض هذه الغيابات كانت نتيجة للبطاقات الحمراء، وبطريقة كانت ذاتية جزئياً، لكن بعضها كان بسبب الإصابات سيئة الحظ.

الإحباط أعمق لأن هذا كان من المفترض أن يكون الموسم الذي أغلق فيه أرسنال الهوامش الدقيقة مع مانشستر سيتي في السباق نحو تحقيق اللقب، لكن بدلاً من ذلك فإن مثل هذه الغيابات تفتح كل أنواع الثغرات نحو الأخطاء، وهذا جزئياً هو السبب في أنهم الآن متأخرون بأربع نقاط عن ليفربول.

هذا بالطبع حيث توجد ميزة إضافية لهذه المباراة، إذ كان أرسنال يركز بشدة على مطاردة سيتي، ولكن ها هو ليفربول يعود لتولي زمام الصدارة.

قد ينتهي الأمر بهذه المباراة إلى صراع اللقب الذي لم يتوقعه الناس، بخاصة إذا سارت جلسة استماع سيتي بالطريقة التي يأمل بها المسؤولون التنفيذيون في كلا الناديين، وإذا أدين البطل بأشد التهم وتم خصم نقاط من رصيده أو تعرض للطرد من الدوري الإنجليزي الممتاز فقد تنتهي مباراة الأحد إلى أن تكون سباق اللقب نفسه، لكن سيتي يصر على براءته.

الملكية الأميركية لكل من أرسنال وليفربول هي إلى حد كبير على نفس الجانب من هذه القضية، مما أدى إلى علاقات متوترة دائمة مع سيتي، وعندما انفجرت سلسلة من العناوين الرئيسة بعد تعادل أرسنال (2-2) في ملعب “الاتحاد”، أرسلت شخصيات من “أنفيلد” رسائل إلى نظرائهم في لندن حول كيف “الآن تعرفون كيف يبدو الأمر”، ثم أن علاقة أرسنال مع سيتي أسوأ بكثير من علاقة ليفربول في أي وقت مضى.

مثل هذه الديناميكيات هي جزئياً تشير إلى كيفية انتشار أسطورة “الكارتل الأحمر” على الإنترنت، وحتى لو كان على الناس فقط أن ينظروا إلى كيفية تجمع كل “الستة الكبار” القدامى في ما كان يمكن أن يكون الكارتل الفعلي لدوري السوبر الأوروبي الانفصالي، وكان مالكو ليفربول ومانشستر يونايتد هم الذين قادوا ذلك، حيث قدم أرسنال المشورة، على رغم أن سيتي وتشيلسي شاركا منذ الاجتماعات الأولى في عام 2016.

من الواضح أن هناك تحالفات مصلحة بين الملكية الرأسمالية الأميركية، بخاصة في الطريقة التي يفضلون بها التأثير في تنظيم الدوري الإنجليزي الممتاز بحيث تبدأ المنافسة في جلب المزيد من المال لهم بدلاً من تكلفتهم المال، ومع ذلك لا ينتشر نفوذهم بالضرورة إلى هذا الحد، لأنهم ما زالوا بحاجة إلى ضمان حصولهم على 14 صوتاً من الأندية الـ20 لتمرير أي قرار. صيغة التصويت هذه هي السبب في أن “الستة الكبار” لم يحصلوا على تغييرات كبيرة في توزيع الإيرادات التلفزيونية.

وبالمثل تجدر الإشارة إلى أن أي تحالفات من هذا القبيل تكون موقتة فقط، ويمكن أن تتغير بمجرد أن تتنافس ضد بعضها البعض، فعندما شهد أحد الاجتماعات في مجلس الإدارة مناقشة المسؤولين مكتوفي الأيدي لما قد يحدث إذا ثبتت إدانة سيتي ومن يجب أن يحتسب إليه لقب سيتي سخر أحد المسؤولين التنفيذيين المرتبطين بنادٍ آخر مملوك لأميركا “ما الذي سيحصل عليه أرسنال؟ لقب واحد؟”.

في حين أن هناك علاقات جيدة بشكل عام بين أرسنال وليفربول على المستوى الأعلى، فقد نمت ميزة بين الفريقين، إذ خاضا بعض المواجهات الشرسة، وكان كلوب بعيداً من الشعبية في أرسنال.

ومن المفارقات أن البعض في ليفربول يرون الآن نشاط أرتيتا الجانبي بالطريقة التي اعتاد الآخرون رؤيتها في الألماني، بأنه كان مزعجاً ولديه هذا النوع من الحضور، وهذا هو السبب في أن أرسنال قد ينظر أيضاً بحسد قليلاً إلى مدى سرعة ليفربول في التغلب على رحيل كلوب، على الأقل حتى الآن.

قاتل أرتيتا وطاقمه من أجل كل سنتيمتر لمدة خمس سنوات لأجل إعادة النادي من المركز الثامن في الدوري إلى موسم أنهى فيه المنافسات على بعد نقطتين من تحقيق اللقب، وكان أرسنال قد حل محل ليفربول باعتباره المنافس الرئيس، وهذا وضع قد يكون أكثر أهمية إذا سقط سيتي موقتاً نتيجة لجلسات الاستماع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع ذلك فإن ليفربول لا يزال هنا، وقبل مباراة كبيرة وبعد اضطرابات هائلة عاد إلى صدارة الدوري.

مثل هذه المنافسة شيء من الواضح أنه يتم بشكل جيد في “أنفيلد” إذ واجه النادي رحيل عدد من الشخصيات الكبرى أكثر من أي نادٍ آخر، ومع ذلك لا يزالون يتمتعون بمزيد من المجد.

قدم بيل شانكلي وبوب بيزلي وجو فاغان وكيني دالغليش فترات إدارية تعتبرها الأندية الأخرى فترات تاريخية من العظمة، ورحلوا جميعاً واحداً تلو الآخر، وبالكاد تم تفويت موسم لم يكن فيه ليفربول ينافس، ولم يمر ليفربول بفترة كتحمل معاناة مانشستر يونايتد بعد السير مات بازبي أو السير أليكس فيرغسون، أو أرسنال بعد أرسين فينغر.

لقد كان الأمر حتى الآن سلساً مثل أسلوب لعب آرني سلوت المعتمد على التمرير، ويبدو أن ليفربول ينزلق بدلاً من الطيران. الحقيقة هي أنه لا توجد وصفة سحرية أو سمة أسطورية للنادي بهذا المعنى لكنه عقلاني.

الأمر يتعلق فقط بالتخطيط، إذ غذت “غرفة التمهيد” القديمة في ليفربول فكرة اقتنعت بها شخصيات مثل بيزلي وفاغان، والتي لديها نسخة للعصر الحديث في التحليلات المتقدمة وإدارة التعاقدات في النادي.

كان نهج ليفربول متطوراً للغاية لدرجة أنهم تمكنوا من إعادة بناء فريق يتمتع بإمكانات حقيقية قبل رحيل كلوب، ناهيك عن فريق يناسب أي مدرب حديث تقريباً.

تأثر الفريق الإداري في أرسنال بليفربول وسعى لتكرار هذا النهج والسير على الخطى، وقد أتقنوا الأمر إلى حد كبير، وكما هي الحال مع ذروة كلوب الطويلة فإن معظم التعاقدات تتناسب تماماً، إذ يقدم ريكاردو كالافيوري وجورين تيمبر دليلاً على ذلك. هذه طريقة أخرى لموازاة أعمال الفرق الإدارية التي كانت تختلف معاً.

تمت مساعدة ليفربول في كيفية مغادرة كلوب في ذروته وبدلاً من ترك أي شيء يتفاقم. وعلى النقيض من ذلك، يمكن القول إن فينغر بقي ثماني سنوات أطول مما ينبغي. بالتالي كان لدى أرسنال الكثير ليعمل عليه، ولهذا السبب حقق أرتيتا نجاحاً في الوصول بالنادي إلى هذا الحد، لكن يتعين على ليفربول الآن مطابقة ذلك على مدار موسم كامل.

ما يضيف ميزة أخرى لهذه المباراة أن سلوت الذي تعامل مع الانتقال بشكل مثالي تقريباً حتى هذه النقطة قد ساعدته قائمة اللاعبين التي يمتلكها وكذلك قائمة المباريات، إذ كانت البداية هادئة والآن بدأ فترة الاختبارات الحقيقية، لكن بالكاد تعرض ليفربول لأي إصابات وهو تناقض آخر مع أرسنال.

ومع ذلك، حولت مثل هذه النكسات فريق أرتيتا إلى مقاتلين، كما رأينا في المباريات خارج أرضه أمام توتنهام وسيتي، ويبدو أرسنال أكثر استعداداً لتقديم تنازلات على رغم أن كلا المدربين من مدرسة بيب غوارديولا.

كانت كرة القدم التي يلعبها سلوت أكثر مثالية لدرجة أنه كانت هناك فترات في بعض المباريات يبدو أنه يسيطر عليها للغاية، وهو لا يعتمد على الإثارة مثل كلوب، ولذلك سيسعى أرسنال إلى زعزعة استقرار ليفربول ثم تعطيل تلك السيطرة، وقد تكون يوم الأحد حالة قتال بدلاً من الطيران.

نقلاً عن : اندبندنت عربية