يخوض الأردنيون في الـ10 من سبتمبر (أيلول) الجاري تجربة انتخابية فريدة من نوعها، وخصصت للأحزاب 41 مقعداً من مقاعد مجلس النواب، وفقاً لتحديثات منظومة الحياة السياسية التي يفترض أن تفضي إلى تشكيل أول حكومة برلمانية حزبية في البلاد، ويشارك في هذه الانتخابات 36 حزباً من أصل 38، وبعدد مقترعين يزيد على 5 ملايين مقترع، وسط ظروف محلية وإقليمية معقدة، وقلق متزايد من تراجع نسب المشاركة.
وجرت أول انتخابات برلمانية عام 1947، أي بعد عام واحد من استقلال المملكة عن بريطانيا، في حين سيحمل مجلس النواب الجديد رقم 20 في تاريخ البلاد.
فرصة تاريخية للمرأة
تعد هذه الانتخابات فرصة غير مسبوقة للمرأة الأردنية إثر زيادة نسبة تمثيلها تحت قبة البرلمان، وخصص قانون الانتخاب 18 مقعداً للمرأة على نظام “الكوتا”، علاوة على إلزام الأحزاب تخصيص مقعدين في الأقل للمرأة من ضمن المقاعد الستة الأولى في قوائمها، مما دفع وزير الشؤون البرلمانية حديثة الخريشة للتفاؤل بحصد المرأة أكثر من 20 في المئة من مقاعد البرلمان الجديد وبنحو 27 مقعداً.
ويقول مراقبون إن مشاركة المرأة في البرلمان لا تزال ضعيفة على رغم أن نسبة الناخبات إلى عدد الناخبين تبلغ 52 في المئة. ومنحت المرأة الأردنية عام 1974 حق الترشح لانتخابات المجالس النيابية.
وشهدت المنظومة الجديدة للانتخاب تغييرات لمصلحة النساء من بينها ارتفاع نسبة المرشحات إلى 24 في المئة حالياً مقارنة مع 21 في المئة في انتخابات 2020.
برلمان شبابي
ووفقاً للبيانات الصادرة عن الهيئة المستقلة للانتخاب فإن طلبات الترشح للانتخابات النيابية 2024 بلغ عددها 199 قائمة توزعت على شكل 174 قائمة على مستوى الدوائر المحلية، و25 قائمة على مستوى الدائرة العامة. وكانت الفئة العمرية ما بين 46 و55 سنة الأعلى بـ485 مرشحاً ومرشحة، وبنسبة وصلت 29 في المئة، بينما كانت الفئة العمرية ما بين 25 و35 سنة بنسبة 14 في المئة بـ233 مرشحاً ومرشحة، أما متوسط أعمار المرشحين فتراوح بين 51 و52 سنة، لكن في المقابل ثمة 82 نائباً من مجلس النواب الـ19 تقدموا بطلبات ترشح للانتخابات المقبلة.
وعلى رغم تشجيع الشباب لخوض هذه الانتخابات كمرشحين ومقترعين تشهد عمليات الاقتراع تراجعاً مطرداً في نسبة المشاركة منذ عام 1989، إذ سجلت نسبة 61.7 في المئة، ثم وصلت إلى أدنى مستوى لها في انتخابات 2020 بنسبة 29.9 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حزبيون تحت القبة
وتقول دراسة صادرة عن مركز “راصد” إن 71 في المئة من المتقدمين للترشح منتسبون للأحزاب السياسية، وإن عدد المرشحين على مستوى الدوائر المحلية 945 مرشحاً، إضافة إلى 686 مرشحاً يتنافسون على مقاعد الدائرة العامة المخصصة للأحزاب. وبلغ عدد القوائم المتقدمة للترشح 174 قائمة على المستوى المحلي و25 قائمة حزبية ضمن الدائرة العامة تشكل منها النساء نحو 20 في المئة فيما الرجال 80 في المئة. ويحمل نحو 15 في المئة تقريباً من المرشحين والمرشحات الثانوية العامة. يشار إلى أن الانتخابات البرلمانية لعام 2020 شهدت مشاركة 41 حزباً من أصل 48 حزباً مرخصاً.
ومر قانون الانتخاب في الأردن بتغييرات عدة، فعلى سبيل المثال أجريت انتخابات 1989 وفقاً لنظام تعدد الأصوات، مما أفرز في حينه، أقوى مجلس نيابي في تاريخ البلاد وفق مراقبين. وفي عام 1993 أقر نظام الصوت الواحد الذي بقي معمولاً به حتى انتخابات عام 2016، ثم جاء نظام القوائم النسبية المفتوحة عام 2016، إذ يصوت الناخب لقائمة معينة، ثم يصوت لأحد المرشحين داخل هذه القائمة، ويتم توزيع المقاعد بناءً على نسبة الأصوات التي تحصل عليها كل قائمة، وكان الهدف من هذا النظام وفق الحكومة الأردنية تعزيز دور الأحزاب السياسية وزيادة التمثيل النسبي وتقليل تأثير العشائرية في الانتخابات.
أما في العام الحالي فسيجرى الانتخابات البرلمانية وفقاً لنظام القائمة النسبية المفتوحة مع وجود قائمة وطنية. ومن أصل 138 مقعداً خصص 41 مقعداً للأحزاب السياسية، وتنافس المرأة على 18 مقعداً، بينما يتنافس المسيحيون على تسعة مقاعد، منها سبعة مقاعد في القوائم المحلية في حين ينافس الشركس والشيشان على ثلاثة مقاعد، منها مقعدان في القوائم المحلية.
مفارقات انتخابية
لكن هذه التجربة لم تخلُ من بعض المظاهر والمفارقات الغريبة والمثيرة للجدل التي شهدها بعض المقار الانتخابية والحملات الدعائية في أنحاء الأردن، والتي اعتبرتها السلطات مخالفة للقوانين والأنظمة.
فقد أحيل للقضاء مرشح أقدم على ذبح الجمال في الشارع العام. وفي هذه الواقعة تم نحر 38 جملاً لتقديمها لضيوف ومناصري أحد المرشحين في منطقة مأدبا (وسط).
ورداً على هذه الواقعة قالت الهيئة المستقلة للانتخابات إن توزيع الطعام وإقامة المآدب في مقار الانتخابات سيتم حظرها، ولكن في الموسم الانتخابي المقبل، وضمن تعديلات قانونية مرتقبة، ينظر إلى مآدب الطعام في المقار الانتخابية على أنها نوع من الرشوة ومحاولة للتأثير في ميول الناخبين.
وفي مفارقة أخرى سميت على وسائل التواصل الاجتماعي بــ”موقعة الكنافة” تناقل أردنيون باستياء تهافت مناصري أحد المرشحين، وبصورة فوضوية لم يخلُ من التدافع والشجار وتبادل اللكمات، للحصول على طبق من حلوى” الكنافة” الشعبية في الأردن.
وفي شمال المملكة أعلن مرشح آخر أنه قرر افتتاح صالون حلاقة لناخبيه بعد شكوى منهم أنهم يعانون الفقر والإفلاس لدرجة عدم قدرتهم على دفع ثمن خدمة الحلاقة.
وتداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي لقطات مصورة لنائب سابق وعريق في البرلمان يخاطب أنصاره ويقول إنه سيوفر خدمة شعوذة خاصة بكل مواطن في دائرته الانتخابية مع التلميح لوجود خبراء في السحر والحجاب ضمن قائمته.
وعلى رغم أن بعض هذه التصريحات قد تكون مجرد طرفة فإن واقع الحال يشير إلى أن كثيراً منها حقيقي وواقعي وحدث فعلاً على أرض الواقع، كتلك اللوحة الدعائية لمرشح يرفع فيها شعار “لا لمحاربة الفساد”، إلا أن بعض المرشحين كانت لديهم فكرة طريفة تتمثل باستئجار راقصين من إحدى الدول الأفريقية والتمايل على وقع الموسيقي وهم يحملون صورهم.
نقلاً عن : اندبندنت عربية