الصبر الاستراتيجي لـ”القاعدة”: تدفق الإرهابيين إلى أفغانستان

أظهر التقرير الجديد الصادر من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول أفغانستان والجماعات الإرهابية المستقرة في أفغانستان أن عناصر “القاعدة” قد عادوا أخيراً إلى أفغانستان من دول مختلفة، بخاصة من اليمن. ولهذا، فإن خطورة وجود تنظيم “داعش – خراسان” في أفغانستان تزايد أكثر من أي وقت مضى.

ووفقاً لهذا التقرير فإن الليبي عبدالعظيم بن علي أحد القادة القدامى في تنظيم “القاعدة” يعمل مستشاراً لزعيم “شبكة حقاني” ووزير الداخلية في نظام “طالبان” سراج الدين حقاني، كما يعمل حالياً عدد آخر من قادة تنظيم “القاعدة” على إنشاء مراكز للتدريب العسكري والتعاون مع جماعات إرهابية أخرى.

وجاء في تقرير مجلس الأمن الذي تم إعداده خصيصاً حول أنشطة “داعش” و”القاعدة” في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، أن “داعش – خراسان” يشكل تهديداً خطراً لأمن عديد من دول العالم، وقد أمر أعضاءه بشن هجمات انتحارية على دول أخرى غير أفغانستان وباكستان.

ويشير التقرير إلى أن تهديد تنظيم “داعش” في خراسان لا يقتصر على الدول المجاورة لأفغانستان وآسيا الوسطى فحسب، بل يعتزم توسيع نطاق هجماته القاتلة إلى ما وراء حدود آسيا. وجاء في التقرير أيضاً أن الطاجيكي أبو منذر الذي يقيم حالياً في أفغانستان هو المسؤول عن الشؤون المالية لتنظيم “داعش” في خراسان.

مساعدات مالية

وأنشأ تنظيم “داعش – خراسان” شبكة من الأشخاص المرتبطين به في تركيا وأوكرانيا ودول آسيا الوسطى ودول أوروبا، ومن خلالهم يقوم بجمع المساعدات المالية، وتجنيد الأشخاص للعمل في صفوفه.

ويضيف تقرير مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن عصمت الله خلوزي هو المسؤول عن تنظيم “داعش – خراسان” في أوروبا، ومن ممولي هذا التنظيم مالياً. ولا توجد معلومات كثيرة حول عصمت الله خلوزي، لكن وزارة الداخلية السعودية في يونيو (حزيران) 2022 وضعت خلوزي و13 شخصاً آخرين على قائمة الأفراد والجماعات المحظورة بتهم النشاط الإرهابي والدعم المالي لمنظمات إرهابية.

وجاء في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنه بعد الهجوم على كنيسة في إسطنبول في يناير (كانون الثاني) 2024، اعتقلت قوات الأمن التركية 16 مواطناً من دول آسيا الوسطى والقوقاز وأفغانستان، وكانوا جميعهم على صلة بتنظيم “داعش – خراسان”. وبعد اعتقال هؤلاء الأشخاص، أجرى تنظيم “داعش – خراسان” تغييرات في طريقة التواصل مع التنظيم وبين عناصره الموجودين في تركيا، كما غير مكان نشاط العناصر المرتبطة به.

 

ومنذ بداية عام 2024 أحبطت هجمات لـ”داعش – خراسان” في دول مثل فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وبريطانيا وهولندا والنمسا وألمانيا والسويد وكندا والولايات المتحدة، واعتقل عناصر هذا التنظيم، ومعظم هؤلاء الأشخاص الذين كانوا يعتزمون شن هجمات مميتة هم مواطنون من أفغانستان وطاجيكستان وبعض الدول الآسيوية الأخرى.

وفي يونيو (حزيران) الماضي قامت قوات الأمن الإسبانية بتفكيك خلية دعائية تابعة لـ”داعش – خراسان” كانت تعمل على تجنيد أفراد ونشر رسائل إرهابية بـ30 لغة.

ولا توجد معلومات تفصيلية عن عدد عناصر “داعش – خراسان” في التقرير الذي صدر من مجلس الأمن الدولي، لكن وفقاً لمصادر بعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، فإن عدد عناصره قدر بـ6000 شخص، وأخرى قالت إن عددهم يقدر بـ2000 إلى 3500 عنصر. وانتقل بعض قادته في الأشهر الأخيرة من معاقلهم الرئيسة في كنر وننكرهار إلى بدخشان في الشمال الشرقي وإلى نيمروز وهرات في غرب أفغانستان.

ووفقاً للتقرير فإن أحد الأهداف الرئيسة للتنظيم السيطرة على مناطق أكثر في أفغانستان وأن يهاجم آسيا الوسطى وروسيا وإيران.

ويحاول التنظيم تجنيد مزيد من العناصر من هذه الدول من خلال الدعاية بلغات مختلفة، بما في ذلك اللغات الشائعة في روسيا ودول آسيا الوسطى. ويحاول أيضاً تجنيد العناصر في الهند، وهؤلاء العناصر الذين يطلق عليهم “الذئاب المنفردة”، عادة ما يهاجمون أهدافاً محددة مسبقاً وبمفردهم. كما أشار التقرير إلى أن هناك صلات بين “داعش – خراسان” و”جيش العدل” المتمركز في إيران.

ووفقاً لهذا التقرير أيضاً فإن التنظيم قام بتجهيز عدد من الانتحاريين ووفر المعدات العسكرية لـ”جيش العدل” البلوشي لشن هجمات على قواعد قوات الأمن الإيرانية في مدينة راسك وشابهار.

تعزيز الشبكة المالية

تحدث تقرير مجلس الأمن أيضاً عن الشبكة المالية لتنظيم “داعش” قائلاً إن أبو منذر، وهو مواطن طاجيكي، المسؤول عن الشبكة المالية للتنظيم في أفغانستان، وأنشأ التنظيم شبكات أخرى لجمع الأموال والتبرعات. ويعد قاري رفيع الله أحد المسؤولين الآخرين في الشبكة المالية للتنظيم في أفغانستان، كما أن هناك شخصاً آخر يدعى أبو تميم الكردي، وهو صديق مقرب لأبو محمد المدني، يشرف على فرع مالي آخر للتنظيم. وأضاف التقرير أن قائد التنظيم في أفغانستان هو سناء الله غفاري والمعروف بشهاب المهاجر، ويدير أحمد المدني، وهو مواطن عراقي يقيم في شرق أفغانستان، وحدة العمليات الخارجية للتنظيم، ويعتقد أن مدني يقيم في ولايتي كنر ونورستان في شرق أفغانستان. ووفقاً للمعلومات الواردة في هذا التقرير فإن “داعش – خراسان” يتلقى مساعدات مالية من فرع “داعش” في أفريقيا، ويتنقل عناصره بين أفغانستان وآسيا الوسطى وتركيا وإيران، وعدا عن جمع الأموال، يقومون أيضاً بتجنيد العناصر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مستشار

جاء في التقرير أيضاً أن بعض أعضاء تنظيم “القاعدة” قد عادوا أخيراً إلى أفغانستان من دول مختلفة. وورد أيضاً أن “القاعدة” يعمل على إعادة بناء هياكله العسكرية والتدريب، إلا أنه مقارنة بتنظيم “داعش” فتنظيم “القاعدة” أقل نشاطاً وينتهج “الصبر الاستراتيجي”، كما أضاف التقرير أن القاعدة تتجنب الهجمات في الوقت الحالي للحفاظ على علاقتها مع حركة “طالبان”.

ويدخل أعضاء “القاعدة” إلى أفغانستان من إيران عبر مدينتي مشهد وزابل، ويقيمون في منازل آمنة مخصصة لهم من قبل التنظيم. وذكر في التقرير أن أبو حمزة الأنصاري وعبدالقادر المصري وعلي عمر الكردي عادوا إلى أفغانستان من دول الشرق الأوسط، بما فيها اليمن، بعد عودة “طالبان” إلى السلطة. وفي هذه الأثناء، يعمل أحد قادة تنظيم “القاعدة”، ويدعي عبدالعظيم بن علي، وهو مواطن ليبي، مستشاراً لزعيم “شبكة حقاني” ووزير الداخلية في نظام “طالبان” سراج الدين حقاني.

تحالف

وناقش تقرير الأمم المتحدة أنشطة حركة “طالبان – أفغانستان”، وقال إن زعيم هذه الحركة نور ولي محسود، قد أقام أخيراً علاقات وثيقة مع تنظيم “القاعدة”، إذ تشير التقديرات إلى أن حركة “طالبان – باكستان” تضم نحو 60 ألف عضو. ووفقاً لهذا التقرير، فإن 14 ألف من أعضاء هذه الحركة هم من قبيلة نور ولي محسود ونائبه قاري أمجد. ويقوم أبو إخلاص المصري الذي يعد من القادة المخضرمين في تنظيم “القاعدة” والمقيم في ولاية كنر الأفغانية، بإعداد الانتحاريين لشن هجمات قاتلة داخل باكستان بالتنسيق مع “جماعة الأحرار”. وهناك مركز للتدريب بقيادة المصري في ولاية كنر الأفغانية.

ووفقاً لتقرير الأمم المتحدة، فإن حركة “طالبان – أفغانستان” وحركة “طالبان – باكستان” و”القاعدة” وفرت شبكة من مراكز التدريب والمرافق العسكرية لفرع “القاعدة” في الهند، الذي يمثل تهديداً كبيراً للهند وبنغلاديش وباكستان وميانمار. ونشر في وقت سابق فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات التابع لمجلس الأمن الدولي تقارير عدة عن أنشطة الجماعات الإرهابية الدولية في أفغانستان، إلا أن حركة “طالبان” اعتبرت هذه التقارير كاذبة ولا أساس لها من الصحة.

نقلاً عن “اندبندنت فارسية”.

نقلاً عن : اندبندنت عربية