جاءت مشاجرة لاعبى أحد الفرق الرياضية مع أحد أفراد الأمن خلال منافسات كأس السوبر بالإمارات، لتلقى الضوء على ما آل إليه السلوك الرياضى للاعبى كرة القدم فى مصر حالياً والذى صار بعيدًا كل البعد عما يسمى بـ«الروح الرياضية» كما يُفترض أن تغرسه فينا الرياضة من أخلاقيات التنافس الشريفة والقدوة الحسنة، إذ صار لاعب الكرة من هؤلاء يعتبر نفسه فوق القانون دون اعتبار لأخلاق أو سلوكيات حسنة، فقط لأنه ينتمى إلى «أعظم نادى فى الكون» أو إلى «أكبر قلعة رياضية فى مصر» أو مثل تلك المسميات العجيبة التى نطلقها ولا تمت للواقع بصلة والتى تتأكد لنا عند مشاهدتنا لأقران هؤلاء اللاعبين المحليين فى الدوريات الأوروبية؛ ليدرك أى متابع ذلك البون الشاسع فيما بينهم ونتساءل ما الذى أوصل هؤلاء لمثل تلك الدرجة من التعالى وما الذى يغذى هذا الشعور لديهم لتتكرر منهم هذه السلوكيات الغربية بشكل جعلها ظاهرة تستحق التأمل.
فقد صحونا ذات يوم لنفاجأ بأحد اللاعبين يقود عربته الخاصة بتهور – تحت تأثير المخدر لا أعرف- فى طريق عودته من إحدى المدن الساحلية كى يصطدم أحد المارة قليلى الحظ ويحوله إلى أشلاء ويدمر مصير أسرته بسبب استهتاره الشديد وعدم احترامه لقواعد القيادة، وهذا لاعب آخر يستدعى بلطجية فجراً ليهاجم أفراد أمن أحد المولات بداعى مغازلة أحدهم لزوجته وبكل أريحية يعمل الضرب والتنكيل مع «شلته» دون إعمال للعقل ودون أن يتبين حقيقة ما حدث.
لقد تجاوزت مثل هذه الحوادث الحدود إلى حدٍّ فاق التصور، وبالتأكيد فإن الإعلام الرياضى له تأثير فى طريقة تناوله لأداء هؤلاء اللاعبين، إذ يظل يضخّم فى القدرات الفنية لهذا اللاعب ويطلق المبالغات تلو المبالغات لذاك الآخر فى نوع أشبه بـ«المكايدة الرياضية» بين الأندية، بحيث يتغذى هذا اللاعب أو ذاك سلبياً ومن ثم يبدأ فى «نفخ نفسه» شيئاً فشيئاً إلى أن ينفجر سلوكياً بمثل هذه الحوادث المؤسفة؛ لذا فلا بد أن يتحلى الإعلام الرياضى بشىء من الواقعية فى التناول ومن منطلق تلك الواقعية يدرك هذا اللاعب أو ذلك أنه مجرد لاعب محلى لا أكثر، فقد اكتفينا من هذه المبالغات الخيالية التى تستتبعها بالتأكيد نتائج غير مرضية تجعلنا «محلك سر» رياضياً وتؤدى إلى تصدير صورة سيئة لنا فى تلك المحافل الرياضية.
وعلى النقيض من ذلك، لا تسمع عن مثل هذه السلوكيات السيئة -صدرت أو تصدر أو ستصدر- من صنف آخر من اللاعبين الذين وصلوا لأعلى المستويات الرياضية عالمياً مثل محمد صلاح، الذى أعتبره «النموذج المثال»، فهو أكثر اللاعبين التزامًا داخل الملعب وخارجه بحيث أصبح مثار فخر لكل مصرى وهو على النقيض من هؤلاء نجده مثالًا للتواضع ولا أثر لهذه «النفخة الكدابة» التى نجدها عند هؤلاء اللاعبين والتى ليس لها أى مبرر على أرض الواقع.
نعم، أنا مع العقاب المغلَّظ لمثل هؤلاء اللاعبين الذين يمثلون نموذجاً سيئاً للأجيال الناشئة كى يقوّموا سلوكهم الفج وليتحولوا إلى النموذج الرياضى القويم، فالرياضة قبل أن تكون أى شىء آخر «أخلاق»، ولا بد أن يدرك هذا اللاعب أو ذاك أنه مجرد «لاعب كورة محلى» لا أكثر.
نقلاً عن : الوفد