الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة كانت محل اهتمام وترقب في باكستان، وسط حال استقطاب سياسي غير مسبوقة في الدولة، وتعليق أنصار عمران خان آمالهم على عودة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في المكتب البيضاوي للإفراج عن زعيمهم الذي يقبع في السجن لأكثر من عام.

رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان اتهم إدارة الرئيس جو بايدن بالتآمر مع القوى الباكستانية في إطاحة حكومته، ورفع شعار “لن نقبل بالعبودية” في تجمعاته السياسية الضخمة قبل أن يعتقل في قضايا مختلفة تتعلق بالفساد وبيع الهدايا الحكومية.

وبعد أشهر طويلة من الاستبعاد السياسي الذي شمل اعتقال قادة “حركة الإنصاف” وعدم سماح الحزب بتنظيم الاجتماعات أو إعطائهم فرصة مكافئة في الانتخابات من قبل المؤسسة العسكرية، بدأ أنصار عمران خان في الخارج بالتحرك لكسب الدعم له في الدوائر السياسية بالدول التي تحظى بتأثير كبير في السياسية الباكستانية.

العدو المشترك

وكان دونالد ترمب من أكثر الشخصيات التي يتوقع منها حزب عمران خان أن يؤيد رئيس الوزراء الباكستاني السابق بسبب معرفته بخان عندما قابله الأول في واشنطن، كما أن إدارة بايدن تمثل عدواً مشتركاً للشخصيتين.

وقد وقع 62 مشرعاً ديمقراطياً في الكونغرس على رسالة إلى بايدن يطالبون فيها باستخدام النفوذ الأميركي لإطلاق عمران خان وغيره من السجناء السياسيين في باكستان، كما شدد الأعضاء على النظر في وضع حقوق الإنسان في باكستان، وإجراء تحقيق في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي وقت سابق من يوليو (تموز) الماضي طالب الفريق العامل المعني بحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالإفراج عن خان قائلاً إن سجن رئيس وزراء باكستان السابق يعد “انتهاكاً للقانون الدولي”.

وتقول الصحافية نسيم زهرة في مقالة لها بعد فوز دونالد ترمب إنه ربما تترقب دوائر الحكم الباكستانية نتائج الانتخابات الأميركية عن كثب، لأن ترمب بدا معجباً بعمران خان عندما زار الأخير بصفته رئيس وزراء باكستان البيت الأبيض للقاء الرئيس الأميركي آنذاك ترمب الذي أظهر ترحيباً حاراً به عند وصوله هناك.

“لم تقتصر العلاقة على ذلك اللقاء فقط، بل ظل ترمب يذكر عمران خان لاحقاً أيضاً ويصفه بالصديق”، تضيف زهرة، وتقول “سيحدد الوقت كيف يستخدم أنصار عمران المقيمون في الولايات المتحدة هذه العلاقة المستمرة منذ ثمانية أعوام مع إدارة ترمب، لكن الذي نستطيع الجزم به هو أن فوز ترمب أجبر أصحاب القرار في باكستان على التفكير في وضع عمران خان”.وزادت “يعلم الجميع كيف حدثت المقارنة بين عمران خان ودونالد ترمب بصورة سلبية في باكستان عندما خسر ترمب انتخابات عام 2020”.

دور لارا المحتمل

تتحدث وسائل الإعلام الباكستانية عن لارا ترمب، لأن ذو الفقار بخاري الذي كان عضواً في مجلس الوزراء بحكومة “حزب الإنصاف” والمقرب من عمران خان أشار إلى أنه سيجتمع مع فريق الرئيس المنتخب بما في ذلك ابنته وصهره.

وفي حديثه لصحيفة The News اليومية الإنجليزية قال بخاري إنه سيناقش في هذا الاجتماع التعسف السياسي، على حد تعبيره، الذي تعرض له عمران خان والوضع السياسي الحالي في باكستان.

والتقى وفد حزب عمران خان داخل الولايات المتحدة بلارا ترمب في الـ 30 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أي قبل أسبوع تقريباً من الانتخابات الرئاسية الأميركية.

ووفقاً للبيان الصحافي لـ “حزب الإنصاف” فإن الوفد ناقش حال القمع السياسي في باكستان بالتفصيل، مضيفاً “أعربت لارا عن قلقها إزاء هذه القضايا ووعدت بأن اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري ستناقشها في حال إعادة انتخاب ترمب”.

ولم يتضح بعد الدور الذي ستلعبه لارا في الإدارة الجديدة، وهل سيكون بإمكانها فعل أي شيء لإطلاق الزعيم السياسي الباكستاني.

رئيس استثنائي

وفي حديث خاص مع “اندبندنت أوردو” قبيل الانتخابات الأميركية، قال السيناتور الباكستاني السابق مشاهد حسين إن عمران خان وحزبه ربما يستفيدون من فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب، مضيفاً “سيكون دونالد ترمب الرئيس الأميركي الثاني بعد جون إف كينيدي الذي سينتخب رئيساً من دون إرادة الدولة العميقة في أميركا”.

وفي ما يتعلق بالتأثير المحتمل لنتائج الانتخابات الأميركية في باكستان، قال مشاهد حسين إن السياسات الأميركية كانت دائماً عدوانية إلا أن ترمب وعد بأنه لن تكون هناك حرب جديدة. وأضاف أن “ترمب كان الرئيس الأميركي الوحيد الذي اعترف بخسارة الحرب في أفغانستان، وألقى باللوم على الجنرالات في ذلك، ولم يجرؤ أي من الرؤساء السابقين على هذا الاعتراف”. وتابع، “تحدث ترمب أيضاً عن قضية كشمير عندما كان عمران خان رئيساً للوزراء، وأبدى استعداده للعب دور تصالحي بين الجانبين، وأكد أن الهند ستؤيد ذلك”.

وعن سبب أمله في استفادة خان من فوز ترمب قال حسين إن “الرئيس الأميركي المنتحب لا يعرف أحداً في باكستان سوى عمران خان، وكانت تربطه علاقة شخصية به”، مضيفاً أنه “عندما زار عمران خان أميركا رحب به ترمب ترحيباً كبيراً، كما أبدت زوجته احتراماً لعمران خان، لذا أتوقع أنه في حال انتخاب ترمب رئيساً فإن حزب عمران خان سيتفيد من ذلك”.

من وراء القضبان

ونشر الحساب الرسمي لـ “حزب حركة الإنصاف” رسالة زعيمها عمران خان التي يهنئ فيها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وتقول الرسالة “أهنئ دونالد ترمب نيابة عني وعن حزبي على فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، فلقد انتصرت إرادة الشعب الأميركي على رغم كل الصعاب”. وتضيف الرسالة أنه “سيكون الرئيس المنتخب ترمب مفيداً للعلاقات الباكستانية – الأميركية، ونأمل في أن يعمل من أجل السلام والديمقراطية وحقوق الإنسان على المستوى العالمي، تهانينا مرة أخرى يا صديقي”.

وفي هذا السياق ذكر أحد قيادي “حركة الإنصاف” بعد لقائه بعمران خان في السجن أن رئيس الوزراء الباكستاني السابق أعرب عن سعادته بفوز ترمب قائلاً إن قدومه سيكون أفضل لباكستان.

وينقل القيادي عن خان قوله إنه “عندما كنت رئيساً للوزراء كنت على اتصال مع ترمب، وكانت تربطني به علاقة ودية للغاية، والعلاقة بين البلدين قائمة منذ عقود، لذا من المتوقع أن تتحسن أكثر مع وصول ترمب”. ونفى القيادي المذكور أن عمران خان يأمل بإطلاقه بمساعدة الرئيس الأميركي المنتخب، مضيفاً أنه يرحب بترمب لأنه يرى أن الإدارة الأميركية الراحلة تدخلت ضده، وأن ترمب سيكون على الأقل محايداً في ما يتعلق بسياسة عمران خان.

نقلاً عن : اندبندنت عربية