النوم جيدًا وبشكل كافى هو أساس الصحة الجيدة ولا يقل أهمية عن التغذية الصحية وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، ولكن الملايين من الناس في مختلف أنحاء العالم يعانون من الآرق، وهو اضطراب شائع في النوم، وفي كثير من الحالات، يُنظر إليه باعتباره مجرد مصدر إزعاج، ولكن تشير الأدلة الجديدة بشكل متزايد إلى أن الأرق قد لا يخلو من عواقب وخيمة، فهو في نهاية المطاف له آثار على صحة القلب والأوعية الدموية، حسبما أفاد تقرير موقع “تايمز أوف انديا”.


إن الأرق من الاضطرابات الشائعة التي تصيب الإنسان، وهو ما يوصف بصعوبة النوم أو الاستيقاظ مبكرًا دون الحصول على قدر كافى من عدد الساعات المناسب مع عدم القدرة على العودة إلى النوم، ورغم أن آثاره المباشرة تتمثل في التعب والانفعال وانخفاض التركيز، فإن الأرق المزمن يرتبط بمشاكل صحية أكثر خطورة، وخاصة أمراض القلب والأوعية الدموية مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية، وقد أثبتت العديد من الدراسات أن المرضى الذين يعانون من الآرق معرضون لخطر أكبر للإصابة بارتفاع ضغط الدم، وهو السبب الرئيسي للنوبات القلبية والسكتات الدماغية.


قلة النوم أو الأرق يعمل على رفع مستويات الكورتيزول، وهو هرمون يزيد من ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، وبمرور الوقت، قد يتسبب كل هذا في حدوث التهابات وتلف الأوعية الدموية وتراكم الترسبات في الشرايين، مما يزيد من احتمالية الإصابة بالنوبات القلبية أو السكتات الدماغية.


العلاقة بين زيادة الالتهاب وقلة النوم


عند النظر في الالتهاب ودور النوم، هناك أدلة متزايدة على أن الحرمان من النوم يمكن أن يؤدي إلى زيادة الاستجابات الالتهابية في الجسم، ومن بين الآليات الأخرى الكامنة وراء الآرق وأمراض القلب والأوعية الدموية الالتهاب، حيث وجد أن الأرق المزمن يزيد من علامات الالتهاب الجهازي، مثل البروتين التفاعلي سي، الذي يؤدي إلى ارتفاع خطر الإصابة بتصلب الشرايين، ويؤدي هذا التراكم في شكل دهون وكوليسترول إلى تضييق تدفق الدم ويمكن أن يكون خطيرًا للغاية لأنه يمكن أن يؤدي إلى أحداث قلبية وعائية مدمرة، علاوة على ذلك، لا يستطيع الجسم إصلاح نفسه بشكل كافى في غياب كميات كافية من النوم، حيث أنه في النوم العميق، تكون العمليات بالغة الأهمية للجسم، بما في ذلك إصلاح الأنسجة وتجديد وظائف القلب والأوعية الدموية، وفى حال عدم كفاية النوم، لا يستطيع الجسم تنفيذ هذه المهام، مما يعني مخاطر أكبر على القلب والأوعية الدموية على المدى الطويل.


اضطراب الإيقاع اليومي


لا يؤدي الأرق إلى تقصير فترة النوم فحسب، بل يمكن أن يربك أيضًا إيقاعات الجسم الطبيعية للتغيرات اليومية، ويحدد الإيقاع اليومي تنظيم جميع العمليات الجسدية تقريبًا مثل معدل ضربات القلب وضغط الدم، ويعطل الآرق هذه الساعة الداخلية مما يؤدي إلى تغييرات في ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، فعلى سبيل المثال، يُفترض أن يكون هناك انخفاض طبيعى في ضغط الدم، يؤدي الأرق إلى ارتفاع ضغط الدم من الغسق حتى الفجر مما يضع الشخص في حالة من الزيادة المستمرة في إجهاد القلب والأوعية الدموية.


الاختلافات بين الجنسين والعمر


ومن المثير للاهتمام أن تأثيرات الآرق على خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية تختلف بين الرجال والنساء، فعلى سبيل المثال، اقترحت بعض الدراسات أن النساء بعد انقطاع الطمث قد يكونن أكثر عرضة للتأثيرات القلبية الوعائية لهذا الاضطراب بسبب بعض التغييرات في الهرمونات التي تؤثر على تنظيم النوم وصحة القلب، كما يلعب عامل العمر أيضًا دورًا رئيسيًا، حيث يكون كبار السن أكثر عرضة للإصابة بالآرق وأمراض القلب، لذلك، من المهم جدًا أن يركز كبار السن على سلوكيات نومهم، وعلاج الآرق لتحسين صحة القلب مع الأدلة المتزايدة على الارتباط بينه وبين مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.


ويمكن لإجراء بعض التعديلات البسيطة على نمط الحياة لدينا أن يساهم في تحسين جودة النوم، مثل:


التأكد من إنشاء جداول نوم منتظمة


تقليل استهلاك الكافيين خاصة قبل النوم


توفير روتين وقت النوم الهادئ


العلاج السلوكي المعرفي للأرق لصعوبات النوم المزمنة، هو أيضًا خيار علاج فعال، في بعض الحالات، قد تكون هناك حاجة إلى بعض الأدوية أو مساعدات النوم ولكن يجب استخدامها فقط إذا تم تناولها بعناية تحت إشراف طبي لأنها يمكن أن يكون لها أيضًا آثار جانبية وحتى تؤدي إلى الاعتماد عليها وصعوبة النوم بدونها.


الأمر الأكثر أهمية هو أن معالجة الظروف التي تؤدي إلى مشكلة الأرق مثل القلق أو الاكتئاب، يمكن أن يساعد غالبًا فى تحسين جودة النوم وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

نقلاً عن : اليوم السابع