انهارت شركة البناء العملاقة “آي إس جي” بسيي ديون تقدر بنحو مليار جنيه إسترليني (1.2 مليار دولار)، وفقاً لوثائق جديدة تكشف عن حجم التداعيات المالية لانهيارها.
وتظهر التقديرات التي قدمها مديرو الشركة إلى “كومبانيز هاوس” الأسبوع الماضي أن “آي أس جي” أفلست في سبتمبر (أيلول) الماضي بسبب ديون قيمتها 981 مليون جنيه إسترليني (1.2 مليار دولار) لمصلحة الدائنين.
وكانت الشركة تدير عشرات العقود في القطاع العام ومن ضمنها مشاريع بناء المدارس والسجون، بقيمة إجمالية تزيد على مليار جنيه إسترليني (1.2 مليار دولار) وقت انهيارها.
ويشكل الجزء الأكبر من ديون “آي أس جي” نحو 615 مليون جنيه إسترليني (795 مليون دولار) كالتزامات تجاه “دائنين من جهات خارجية”، تتألف غالباً من موردين معظمهم مقاولون صغار يعملون بهوامش ربحية ضئيلة، فيما تدين الشركة بمبلغ 90 مليون جنيه إسترليني (116.3 مليون دولار) لهيئة الإيرادات والجمارك البريطانية، إضافة إلى 270 مليون جنيه إسترليني (349 مليون دولار) كقروض بين الشركات.
ويقدر المديرون أن “القيمة القابلة للتحقيق” لأصول “آي أس جي” لا تتجاوز 35 مليون جنيه إسترليني (45.2 مليون دولار)، مما يعني أن الدائنين، بمن فيهم مأمور الضرائب الذي يُعد أول من يستحق السداد، لن يستردوا سوى جزء بسيط من مستحقاتهم.
ويعد انهيار “آي أس جي” الأكبر في قطاع البناء منذ إفلاس “كاريليون” بديون بلغت سبعة مليارات جنيه إسترليني (تسعة مليارات دولار) عام 2018، وهو ما أثار صدمة واسعة في سلسلة التوريد الخاصة بها، وأعاد فتح النقاش حول ضرورة إصلاح قطاع التدقيق بعدما تبين إخفاق شركة المحاسبة “كي بي أم جي” في تدقيق حسابات “كاريليون”.
وفي استجابة لذلك وعد الوزراء بإنشاء هيئة رقابية جديدة للمحاسبة تتمتع بصلاحيات أكثر قوة لتدقيق أداء المدققين وملاحقة المسؤولين التنفيذيين، ومع ذلك تأجلت إصلاحات التدقيق على يد الحكومات المتعاقبة ولم تمرر حزمة الإصلاح حتى الآن.
صناعة التدقيق البريطانية
من جانبها التزمت حكومة حزب العمال الجديدة بإنشاء هيئة تنظيمية جديدة للمراجعة تتمتع بصلاحيات أوسع للتدقيق في أعمال المراجعة للشركات المملوكة للقطاع الخاص، مثل “آي أس جي”، وقال عضو البرلمان عن حزب العمال ورئيس لجنة الأعمال المختارة ليام بيرن لصحيفة “التايمز”، إن “انهيار ‘آي أس جي’ يقدم دليلاً جديداً على ضرورة الإصلاح العاجل لصناعة التدقيق البريطانية في هذه المرحلة، وستسعى لجنتنا للتأكد من أن مشروع قانون إصلاح التدقيق والحوكمة المؤسسية الجديد يلبي الغرض المنشود، مما يعني تعلم الدروس من تداعيات انهيار الشركة”.
وأفاد المدقق الخارجي لشركة “آي أس جي”، شركة المحاسبة “أم أتش إيه”، بإرجاء توقيع تدقيق الشركة لعام 2023 نظراً لمشكلات تتعلق باستمرار العمل.
وعلى صعيد آخر كتب معهد المدققين الداخليين المعتمدين (CIIA)، وهو هيئة مهنية تمثل 10 آلاف مدقق داخلي، رسالة إلى وزير الأعمال والتجارة جوناثان رينولدز يدعو فيها الحكومة إلى التحقيق في هيكل الحوكمة الداخلية لشركة “آي أس جي” قبل انهيارها.
وتشعر هيئة التدقيق الداخلي بالقلق من أن وظائف التدقيق الداخلي في “آي أس جي” لم تكن قوية بما يكفي أو مستقلة.
تقييم الأخطار التجارية
وتعمل وظائف التدقيق الداخلي على تقييم الأخطار التجارية وتقديم تقاريرها عادة إلى لجنة التدقيق التي ترفع نتائجها إلى مجلس الإدارة في شأن سلامة الشركة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتُلزم بعض المنظمات، مثل البنوك، بتوفير وظيفة تدقيق داخلي، بينما لا يطلب من شركات البناء مثل “آي أس جي” الالتزام بذلك، ويُترك لها تقدير إدارة الأخطار كما تراه مناسباً.
ولم يكن لدى الشركة لجنة تدقيق وقت انهيارها، وفي عام 2022 أعيدت تسمية وظيفة التدقيق الداخلي إلى وحدة “ضمان الأعمال”، إذ تدعي الشركة أن هذه الوحدة كانت تؤدي وظائف التدقيق الداخلي نفسها بكفاءة وموضوعية. وكانت الوحدة تقدم تقاريرها إلى لجنة الأخطار المستقلة عنها وليس إلى لجنة التدقيق، فيما خضعت لعملية تدقيق خارجي.
ولا يوجد ما يشير إلى أن “آي أس جي” تجاهلت أية متطلبات لإعداد التقارير، كما لم يزعم مديروها أن ترتيبات التدقيق الداخلي لديها كانت غير كافية.
ويقول معهد التدقيق الداخلي إن أفضل الممارسات تقضي أن تكون لدى شركة بحجم “آي أس جي” وظيفة تدقيق داخلي مستقلة ولجنة تدقيق، مشيراً إلى أن خمس شركات إنشاءات أخرى تحمل عقود البنية التحتية العامة قد تعمل أيضاً من دون وظائف تدقيق داخلي كافية.
نقلاً عن : اندبندنت عربية