من أدعية النبي محمد ﷺ التي تحمل معاني عظيمة ومبادئ راسخة في الإيمان، هو الدعاء الذي ورد في الحديث الشريف: «اللهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْ تُضِلَّنِي، أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ» (رواه مسلم).
الاستسلام لله أساس الإيمان
في بداية الدعاء، يعلن النبي ﷺ استسلامه الكامل لله بقوله: “اللهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ”. هذا التعبير يشير إلى جوهر العقيدة الإسلامية، حيث يدرك المسلم أن التسليم لله هو الخطوة الأولى في رحلته الإيمانية. فالاستسلام يعبر عن خضوع الإنسان لقدرة الله الكاملة، والاعتراف بأنه سبحانه هو المدبر لكل أمر.
الإيمان بالله: اليقين الراسخ
يُكمل النبي ﷺ: “وَبِكَ آمَنْتُ”، مؤكدًا أهمية اليقين بالله والثقة بوعده وحكمته. هذا الإيمان يشكل قاعدة صلبة ترتكز عليها حياة المسلم، ويمنحه القوة لتجاوز المحن والشدائد.
التوكل: الثقة المطلقة
التوكل هو عنصر أساسي في حياة المؤمن، حيث يقول النبي ﷺ: “وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ”. هذا التوكل لا يعني التواكل أو ترك الأخذ بالأسباب، بل يعني تسليم النتيجة لله بعد بذل الجهد المطلوب، ما يعزز السكينة والرضا في النفس.
الإنابة والخضوع
بقوله: “وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ”، يوضح النبي ﷺ أهمية التوبة والرجوع إلى الله. فالإنابة تمثل عودة القلب إلى الله بعد كل زلة أو خطأ، وهي صفة تميز المسلم الحريص على رضى ربه.
طلب العون والاعتصام بالله
في نهاية الدعاء، يلجأ النبي ﷺ إلى الله مستعيذًا بعزته من الضلال، ويصف الله بأنه الحي الذي لا يموت، ما يبرز الفرق بين الخالق الذي لا يزول والمخلوق الفاني.
وفي الختام، هذا الدعاء ليس مجرد كلمات تردد، بل هو منهج حياة يجمع بين الإيمان، التوكل، الإنابة، وطلب العون من الله.
إنه دعوة للتأمل في علاقتنا بالله، والعمل على تعزيزها بكل إخلاص وثقة، وهذا الدعاء النبوي يدعونا للتفكر في معانيه العميقة، واستحضاره في حياتنا اليومية ليكون مرشدًا وداعمًا في كل المواقف.
نقلاً عن : الوفد