تطرح دعوة الزعيم الكردي عبد الله أوجلان حزب “العمال الكردستاني” إلى طي صفحة النزاع المسلح المتواصل منذ أربعة عقود أسئلة عدة من دون أجوبة حول تبعاتها السياسية في تركيا ووضع الأكراد الذين يشكلون نحو 20 في المئة من سكان البلاد.

وتتوج رسالة مؤسس الحزب المسجون في تركيا منذ 26 عاماً الحوار الذي بدأته معه السلطات التركية في أكتوبر (تشرين الأول).

يبدو إطلاق سراح أوجلان البالغ 75 سنة والمسجون في جزيرة قبالة إسطنبول منذ العام 1999، أمراً غير مرجح نظراً للتهديدات التي تطاله، لكن توقع بيرم بالجي من مركز الأبحاث الدولية في باريس أن “قد تطرأ تعديلات كبيرة على تدابير سجنه”.

حل الحزب لا يعني نهاية القضية الكردية

وعلى المستوى الأيديولوجي، لفت المؤرخ حميد بوزرسلان من كلية الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية في باريس، إلى أن أوجلان “اعترف بأن حزب العمال الكردستاني ولد في سياق معين، انتهى حالياً”. وأضاف “لكن من الواضح أن حل الحزب لا يعني نهاية القضية الكردية: لقد أصر على التحول الديمقراطي لتركيا”.

وتابع أن أوجلان من ناحية أخرى “لم يفعل ما كانت تركيا تتوقعه منه، أي إدانة الإرهاب والإعلان عن نهاية الإرهاب”، وفق تعبيره، بعد أربعة عقود على بدء النزاع الذي خلف أكثر من 40 ألف قتيل.

ورأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة سابانجي في إسطنبول بيرك إيسن، أن هذا المسار يستجيب في المقام الأول لمشكلة محلية.

واعتبر أن بعد الهزيمة الثقيلة التي لحقت بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه “العدالة والتنمية” الإسلامي المحافظ الحاكم منذ العام 2002، في الانتخابات البلدية في مارس (آذار) 2024، “أصبح من الواضح أنه من دون حصول تغييرات كبيرة”، فإنه يجازف بخسارة الانتخابات المقبلة، بما في ذلك الانتخابات الرئاسية في العام 2028.

ولفت إيسن إلى أنه مع صعود رئيس بلدية إسطنبول المعارض الشهير أكرم إمام أوغلو الذي يخشاه إردوغان، “شعر بأنه مضطر إلى اتخاذ إجراءات”.

إلى ذلك، تأمل أنقرة أن تحصل من الإدارة السورية على طرد مقاتلي حزب “العمال الكردستاني” الأتراك المتواجدين في شمال شرق سوريا، عند حدودها إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبر الرئيس التركي الجمعة أن دعوة أوجلان تشكل “فرصة تاريخية” لـ”تدمير جدار الإرهاب”، وأكد أن تركيا “ستتابع عن كثب” العملية التي بدأت لضمان أن تصل إلى “نهاية ناجحة”.

وأضاف أردوغان الجمعة “عندما يتم إزالة ضغط الإرهاب والسلاح فإن مساحة الديمقراطية في السياسة سوف تتسع بشكل طبيعي”.

تعديل دستوري

ورأى بيرم بالجي أن أردوغان قد يتمكن من حشد النواب المؤيدين للأكراد لإجراء تعديل دستوري من شأنه أن يسمح له بالترشح للانتخابات الرئاسية في العام 2028.

ولفت المحلل في شركة فيريسك مابلكروفت الاستشارية هاميش كينيار إلى أن أردوغان قد يفكر في “نوع من اتفاق عدم اعتداء مع حزب المساواة وديمقراطية الشعوب” (ديم) المؤيد للأكراد في مقابل بعض التنازلات في مجال الحقوق الثقافية واللغوية للأكراد”.

“حملة قمعية”

توازياً مع المفاوضات مع أوجلان، صعدت الحكومة التركية القمع: تم فصل عشرة رؤساء بلديات مؤيدين للأكراد ينتمون لحزب المساواة وديمقراطية الشعوب من مناصبهم، واعتقال مئات الأشخاص بتهمة “الإرهاب”.

وقال أنتوني سكينر، مدير الأبحاث في شركة الاستشارات الجيوسياسية مارلو غلوبال “لوح أردوغان باحتمال حصول السلام بينما واصل حملة قمعية وأمنية”.

وأضاف “أتوقع أن يستمر ذلك حتى يحصل على شروط مواتية قدر الإمكان”.

وقال سيدات يورطاش، من مركز دجلة للبحوث الاجتماعية في ديار بكر (جنوب شرق تركيا)، إن هذه الحملة “استهدفت سياسيين يُعتبرون مقربين من حزب العمال الكردستاني في قنديل”، وهي منطقة في شمال العراق يتمركز فيها مقاتلون تابعون للحزب.

ورأى أن هذا الأمر قد يُستخدم حالياً “كتهديد لأولئك الذين يعارضون دعوة (أوجلان) أو لا يدعمونها علانية”.

نقلاً عن : اندبندنت عربية