مدرب إسباني من إقليم الباسك يبلغ من العمر 42 سنة، وقد أحدث ضجة ونال إعجاب الجماهير في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن هذا ليس موقفاً فريداً، فبعد كل شيء ينطبق الأمر نفسه على ميكيل أرتيتا، لكن هذا العام على وجه الخصوص، يمكن القول إن هناك مدرباً آخر بالأوصاف نفسها يتفوق عليه، إذا أخذنا سياق النادي الذي يدربه في الاعتبار.
لم يرفع أندوني إيراولا أي كأس ولم يفز بأي لقب، ولم يحقق أبداً مركزاً في النصف الأول من جدول مسابقة دوري نخبوية، ومع ذلك فقد أثبت جدارته، إلى الحد الذي جعل أندية أكبر بكثير من تلك التي أدارها حتى الآن – أيك لارنكا وميرانديس ورايو فايكانو والآن في بورنموث – تلاحظ ذلك، ولا شك أنها تتساءل عما إذا كان هو الشخص الذي يجب أن تلجأ إليه في المرة المقبلة التي تحتاج فيها إلى وجه جديد في مقاعد البدلاء.
بعد كل شيء، وعلى رغم الافتقار إلى الألقاب وما إلى ذلك، فقد ساعد في تسجيل الأرقام القياسية وكسر حواجز الأداء بانتظام لا يصدق، بالنظر إلى مكانة الفرق التي كان يدربها.
كان فريق ديبورتيفو ميرانديس قد وصل إلى الدور نصف النهائي من كأس ملك إسبانيا مرة واحدة في ما يقارب قرناً من الزمان، لكن إيراولا قاد الفريق الذي يلعب في الدرجة الثانية إلى المرحلة نفسها مرة أخرى، وكان رايو فايكانو قد وصل إلى نصف النهائي مرة واحدة في قرن أيضاً ونجح إيراولا في الوصول إلى هناك مرتين، ثم في العام الماضي مع فريق “الكرز” الذي كان يتزامن مع موسمه الأول في إنجلترا، حصد أعلى حصيلة من النقاط في موسم من الدرجة الأولى.
يقود إيراولا نادياً صاعداً أخيراً بعد صفقة استحواذ حديثة نسبياً ولديه سجل انتقالات مزدهر لكن تأثير المدرب هو الذي يحول الإمكانات إلى نتائج على أرض الملعب.
ولنتأمل هنا ما يلي: في فترة 42 مباراة بين الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 والـ 24 من ديسمبر (كانون الأول) 2024، حصد بورنموث 64 نقطة تحت قيادة إيراولا، أي ما يزيد قليلاً على 1.5 نقطة في المباراة الواحدة، وهو ما يعادل 57 أو ما يقارب 58 نقطة في الموسم، وكان هذا ليضعهم في المركز التاسع في الموسم الماضي، أي خلف نيوكاسل ومانشستر يونايتد.
فهل ينبغي لهم أن يتنافسوا مع أندية من هذا الحجم؟ لقد فعلوا أكثر من مجرد التنافس في ملعب “أولد ترافورد” فقد سحقوا يونايتد واحتلوا موقعاً أعلى منه بثمانية مراكز في الجدول، وإذا عدنا إلى المواسم الماضية، فسنجد أن هذا العدد من النقاط يمنحهم عادة مركزاً في النصف الأول من الجدول بمتوسط المركز الثامن أو التاسع.
هل يمكن لبورنموث الذي لم يصل قط إلى 50 نقطة في أي موسم بالدوري الممتاز، ولم ينهِ أي موسم في مركز أعلى من التاسع، أن يتوقع حقاً أن يفعل أي شيء أكثر من ذلك؟
في الدوري الإنجليزي الممتاز، يعد هذا أكثر بكثير من مجرد سقف زجاجي (حاجز غير مرئي) لفريق “الكرز”، بل قد يكون الجنة، ومع ذلك فخلال الموسم الحالي يتجهون إلى ما بعد عيد الميلاد وإلى سلسلة مباريات العام الجديد داخل المراكز الستة الأولى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نظراً إلى القتال الخماسي بين ما يصل إلى ثمانية فرق على مقاعد دوري أبطال أوروبا، وهو الهدف أو الحد الأدنى المتوقع لمانشستر سيتي ومانشستر يونايتد وليفربول وأرسنال وتشيلسي، إضافة إلى أستون فيلا وتوتنهام ونيوكاسل – وهي الأندية التي تضم لاعبين من النخبة وموارد مالية كبيرة – فإن أي نادٍ آخر يحتل المركز الثامن أو أعلى في الدوري الإنجليزي الممتاز سيكون قد حقق أمراً رائعاً، وانظر إلى برايتون سابقاً، ونوتنغهام فورست حالياً.
الطريقة الوحيدة والمعقولة التي يمكن أن يأمل بها بورنموث والأندية المماثلة له في الوصول إلى مثل هذه المرتفعات تكون من خلال الفوز بمسابقة كأس.
ومع ذلك في موسم ما قد تتيح عوامل مثل عدم الكفاءة وعدم الثبات في المستوى في الفرق الأخرى الكبيرة الطريق مفتوحاً لتحقيق مستويات قياسية للأندية الأصغر عندما تسير الأمور معها على ما يرام، ولا شك أن إيراولا يفي بعدد من المتطلبات التي يحتاج إليها لتحقيق ذلك.
أولاً من خلال خطته التكتيكية الواضحة والمتماسكة والمتسقة، وحتى لو تم استدعاء لاعبين مختلفين لأداء أدوار مختلفة قليلاً ضد خصوم جدد، فإن الأسلوب العام الذي يتبناه فريق “الكرز” قوي بصورة ملحوظة من مباراة إلى أخرى، وحتى من شوط لآخر.
ثانياً، لقد نجح إيراولا في تحسين أداء أعضاء فريقه بصورة فردية، وكذلك على المستوى الجماعي، فقد أعيد اختراع رايان كريستي في خط الوسط، ووجد جاستن كلويفرت الثبات كضابط إيقاع ومركز إبداعي، وحتى حارس المرمى كيبا نجح في إعادة بناء نفسه في بيئة أقل أهمية بعد أعوام من النكسات والأخطاء، وأصبح كل هؤلاء أمثلة مشرقة على قدرة إيراولا التدريبية واهتمامه بالتحسن.
ناهيك عما قد يكون إحدى أكثر مجموعات المدافعين الشباب موهبة في الدوري الإنجليزي: إيليا زابارني (22 سنة)، وميلوس كيركيز (21 سنة)، ودين هويسن (19 سنة)، الذين يمثلون مجموعة رائعة من اللاعبين الأكثر تطوراً وقدرة على التحسن إذا تمكن بورنموث من الاحتفاظ بهم معاً، جنباً إلى جنب مع مديرهم الفني.
لكن هذا هو التهديد المستمر للفرق المتوسطة في الدوري الإنجليزي الممتاز، ففي ظل الفرصة والنجاح يأتي الضوء ورسوم الانتقال وآفاق كرة القدم الأوروبية وثروات أعظم بكثير من تلك التي يمكن أن تقدمها تلك التي الأندية التي سعة ملاعبها 12 ألف متفرج.
لكن هذا العام، إيراولا هو بورنموث، وهذا العام يقدم إمكانية حقيقية لنشوة موسم آخر يحطم الأرقام القياسية.
نقلاً عن : اندبندنت عربية