يدرس المسؤولون بالاتحاد الأوروبي في بروكسل اقتراح عودة دول أوروبا إلى استيراد الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب، لتشجيع موسكو على الجلوس إلى طاولة مفاوضات وقف حرب أوكرانيا وتسوية الأزمة.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعهد بوقف الحرب في أوكرانيا وعقد صفقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تنهي الأزمة.
ونقلت صحيفة “فايننشال تايمز” في تقرير حصري لها اليوم الخميس عن مسؤولين أوروبيين مطلعين على المحادثات أن مؤيدي اقتراح استئناف استيراد الغاز الروسي عبر الأنابيب يدفعون بحجة أن ذلك سيؤدي إلى انخفاض أسعار الطاقة في أوروبا بصورة كبيرة.
وقبل حرب أوكرانيا كانت الدول الأوروبية تستورد أكثر من 40 في المئة من حاجاتها من الغاز الطبيعي عبر خطوط أنابيب من روسيا.
ومع الحظر الذي فرضته الدول الأوروبية وحزم العقوبات المتتالية من قبل الولايات المتحدة ودول الغرب على موسكو انخفضت كميات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب إلى 10 في المئة وحسب من الحاجات الأوروبية العام الماضي.
في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024، ألغت أوكرانيا عمل خط الأنابيب عبر أراضيها مع نهاية اتفاق التوريد لمدة خمسة أعوام وكانت تجدد كل فترة، مما أدى إلى توقف إمدادات الغاز من شركة “غازبروم” لبعض الدول الأوروبية التي كانت تعتمد بصورة أساس على إمدادات الغاز الروسي واستثنيت من الحظر والعقوبات.
مؤيدون ومعارضون
ولم يتبق الآن سوى خط أنابيب واحد لنقل الغاز من روسيا إلى تركيا وبعض دول أوروبا وهو خط “ترك ستريم”، بينما كان أكبر خطوط الأنابيب وأحدثها هو خط “نورد ستريم 2” الذي يمر تحت مياه بحر البلطيق قد تعرض لهجوم تخريبي بعد بداية الحرب واتهمت موسكو أوكرانيا وبولندا وأميركا وبريطانيا بذلك الهجوم، لكن تلك الدول نفت ذلك وما ما زالت التحقيقات لم تتوصل نهائياً إلى من وراء عملية تخريب الخط.
وحسب تقرير الصحيفة فإن النقاش حول إعادة فتح خطوط الأنابيب وانسياب الغاز من روسيا إلى أوروبا أثار رد فعل من بعض أشد المؤيدين لأوكرانيا الذين عارضوا الأمر، لكن الدول القوية والكبرى في أوروبا مع الاقتراح، خصوصاً ألمانيا والمجر، إضافة إلى دول أوروبية أخرى تدرك تماماً أن عودة استيراد الغاز من موسكو ستعني خفض أسعار الطاقة بصورة كبيرة، وهي مشكلة تضر باقتصادات معظم دول أوروبا بالفعل.
وترى معظم الدول الأوروبية أن استئناف عمل خطوط الأنابيب يمكن أن يكون حتى قبل التوصل إلى صفقة مع روسيا في شأن أوكرانيا، لأنه سيشجع الروس على التفاوض لإنهاء الأزمة، وأن استيراد الغاز الروسي مجدداً قد يكون ضمن صفقة أوروبية شاملة مع روسيا تضمن استقرار العلاقات ما بين الجانبين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول أحد المسؤولين القريبين من تلك المحادثات إن “هناك ضغطاً من بعض الدول الكبرى في الاتحاد بسبب أسعار الطاقة، ولذلك فإن استئناف استيراد الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب، أحد أهم العوامل التي يمكن أن تخفض الأسعار قطعاً”.
لكن في المقابل، بعض الدول من أوروبا الشرقية تعارض الاقتراح وتعتبره وسيلة لزيادة عائدات موسكو من صادرات الطاقة، مما يعني التخلي عن ورقة ضغط مؤثرة في الاقتصاد الروسي.
ومع أن أوكرانيا ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، لكن حليفتها بولندا غالباً ما تمثل صوتها في الاتحاد، وقد كررت كييف قبل نهاية العام الماضي أنها لن تسمح لروسيا بالاستفادة من صادرات الطاقة لتمويل حربها على أوكرانيا.
خسارة أميركية
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب هدد أوروبا بفرض رسوم وتعرفة جمركية على صادراتها للولايات المتحدة إذا لم تشتر مزيداً من النفط والغاز من أميركا، ومنذ حظر استيراد الطاقة من روسيا والعقوبات على موسكو لجأت الدول الأوروبية لاستيراد الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة وقطر وغيرهما، ومن الطبيعي أن تكون أسعار الغاز الطبيعي المسال أعلى كثيراً من أسعار الغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب.
ولا تقتصر مشكلة الغاز الطبيعي المسال على السعر وحسب الذي يرفع كلفة الطاقة بشدة في الدول المستوردة له، إنما تحتاج الدول المستوردة إلى إنشاء بنية تحتية جديدة مكلفة لإعادة تحويل الغاز المسال إلى حال غازية.
وفي العامين الماضيين حققت شركات الطاقة الأميركية الكبرى عشرات مليارات الدولارات من الأرباح نتيجة تصدير النفط والغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا.
وتشعر تلك الشركات الآن بالقلق، في وقت كانت تسعى فيه إلى عقد اتفاقات إمداد طويلة الأجل مع الدول الأوروبية لضمان استمرار التصدير بكميات كبيرة وبعائدات مرتفعة.
وبحسب السياسة الأوروبية، المتفق عليها مع الولايات المتحدة للضغط على روسيا، كان يفترض أن تصبح واردات أوروبا من الطاقة التي تصدرها روسيا عند الصفر بحلول عام 2027، بل إن بعض المسؤولين الأوروبيين ذكروا أنهم قد يصلون إلى هذه المرحلة بحلول مارس (آذار) المقبل.
وذلك ما جعل الشركات الأميركية تتفاءل بالتوصل لاتفاقات توريد الغاز الطبيعي المسال الطويلة الأمد، إلى أن جاء اقتراح استئناف استيراد الغاز الطبيعي الروسي عبر خطوط الأنابيب ليثير قلق تلك الشركات في شأن مستقبل صادراتها لأوروبا وعائداتها وأرباحها.
نقلاً عن : اندبندنت عربية