قال دبلوماسيون إن القوى الأوروبية تسعى إلى إستصدار قرار جديد ضد إيران من جانب مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع المقبل للضغط على طهران بسبب قلة تعاونها، في وقت يترقب فيه العالم عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

يأتي هذا فيما وصل رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة رافائيل غروسي إلى إيران أمس الأربعاء لإجراء محادثات، بعد يوم من مناشدته القيادة الإيرانية لاتخاذ خطوات لحل القضايا القائمة منذ فترة طويلة مع الوكالة بشأن برنامج طهران النووي.

تصاعد دبلوماسي مرتقب

وتهدد مثل هذه القرارات الأوروبية بمزيد من التوتر الدبلوماسي مع إيران. فقد ردت إيران على قرارات سابقة وانتقادات أخرى وجهت إليها من جانب مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكون من 35 دولة بتكثيف أنشطتها النووية ومنع كبار مفتشي الوكالة من دخول البلاد، الأمر الذي زاد من المخاوف الغربية بشأن أهدافها.

وكثفت إيران نشاطها النووي منذ عام 2019، بعد أن تخلى ترمب خلال ولايته الأولى عن اتفاق عام 2015 الذي توصلت إليه إيران مع القوى العالمية، والذي بموجبه فرضت طهران قيوداً على التخصيب.

وأعاد ترمب فرض العقوبات الأميركية الصارمة على طهران. وينظر الغرب إلى عمل إيران في التخصيب على أنه جهد مستتر لتطوير القدرة على صنع الأسلحة النووية.

وتخصب طهران الآن اليورانيوم إلى درجة نقاء انشطارية تصل إلى 60 في المئة، وهي نسبة قريبة من 90 في المئة المطلوبة لصنع قنبلة نووية. لكن إيران نفت منذ فترة طويلة أي طموحات لصنع قنبلة نووية، قائلة إنها تخصب اليورانيوم لاستخدامات تتعلق بالطاقة المدنية فقط.

ومن شأن القرارات الأوروبية أن يكلف الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإصدار ما يسمى “تقريراً شاملاً” عن الأنشطة النووية الإيرانية بالإضافة إلى تقاريرها الفصلية المنتظمة. وستتضمن التقارير وصفا مفصلا وتركيزا أكبر على المشاكل مثل فشل إيران المستمر في تفسير آثار اليورانيوم التي عثر عليها في مواقع غير معلنة.

العودة إلى طاولة المفاوضات

والهدف هو إجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات للموافقة على قيود جديدة على أنشطتها النووية مقابل تخفيف العقوبات، وكلاهما أقل شمولاً مما ورد في الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى الكبرى الذي سحب ترامب بلاده منه في عام 2018، مما أدى إلى انهياره.

وفي ذلك الاتفاق وافقت إيران على قيود صارمة على أنشطتها النووية وعلى عمليات تفتيش دولية أكثر صرامة، حيث سعت القوى الغربية إلى تخفيف خطر الصراع بين إيران ومنافسيها الإقليميين من خلال تقليص قدراتها النووية.

وقال دبلوماسي أوروبي، وهو أحد خمسة دبلوماسيين قالوا إن فرنسا وبريطانيا وألمانيا تدفع باتجاه التوصل لقرار “مخاوفنا بشأن النشاط النووي الإيراني معروفة جيدا. يبدو من الطبيعي أن نطلب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرا شاملا. وهذا يوفر أساسا للتعامل مع السلوك الإيراني”.

 

كانت الجهود الغربية لإجراء مفاوضات مع إيران، بحيث يتم التوصل لاتفاق جديد قبل “يوم انتهاء” اتفاق عام 2015 في أكتوبر (تشرين الأول) من العام المقبل، تستند إلى حد كبير على افتراض فوز كامالا هاريس بالانتخابات الرئاسية، نظرا لرفض ترمب التفاوض مع إيران.

وقال دبلوماسيون إن الولايات المتحدة ليست القوة الدافعة وراء القرار ولكن من المتوقع أن تدعمه، كما حدث مع القرار السابق ضد إيران في يونيو (حزيران). وتناقش القوى الأوروبية التي تسعى إلى الحصول على قرار، والمعروفة باسم “إي 3″، المسودة مع الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها.

آثار اليورانيوم 

ولم يكن رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي حريصا على تقرير شامل لأنه منخرط في دبلوماسية دقيقة تهدف إلى الحصول على تفسيرات أكثر مباشرة لآثار اليورانيوم من إيران وإقناعها بتوسيع إشراف الوكالة على أنشطتها النووية.

وقال غروسي في مؤتمر صحافي في سبتمبر (أيلول) عندما سئل عن إمكانية تقديم تقرير شامل “نحن نطرح هذا بالفعل”.

وأضاف “نهجي يتلخص في محاولة حل المشكلات الآن وعدم التفكير في اتخاذ إجراء عقابي في مرحلة ما في المستقبل. وتتلخص فكرتي في محاولة إنجاح التعاون الآن”.

كسر الجمود 

وصل غروسي إلى طهران اليوم الأربعاء لإجراء محادثات ولعقد اجتماعه الأول مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان منذ تولي الأخير منصبه في يوليو (تموز)، والذي يأمل غروسي أن يساعد في كسر الجمود القائم منذ زمن طويل في القضايا الرئيسة.

وفي تسليط للضوء على التوتر بين هدف غروسي المتمثل في التنازلات الفورية وهدف القوى الغربية الضغط على إيران لإجراء محادثات بشأن القيود النووية العام المقبل، قال مسؤول إيراني كبير “قد يترتب على صدور قرار رد فعل من طهران يتمثل في فرض قيود على التعاون الدبلوماسي والفني (مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية).”

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولا يزال السؤال القائم هو ما إذا كانت إدارة ترمب المقبلة ستكون منفتحة على المفاوضات بشأن ما أطلق عليه بعض الدبلوماسيين صفقة “الأقل مقابل الأقل”، مقارنة بصفقة عام 2015.

وسيجري مراقبة التنازلات والوعود التي يحصل عليها غروسي من إيران عن كثب بحثا عن مؤشرات على انفتاح إيران على المحادثات.

ونقلت وسائل إعلام رسمية أول من أمس الثلاثاء عن بزشكيان قوله إن طهران لن يكون بمقدورها تجاهل عدوها اللدود الولايات المتحدة وتحتاج إلى “التعامل مع أعدائها بصبر”.

وفي حين لم ترد تقارير عن خطط إدارة ترمب لإجراء محادثات مع طهران بعد توليها السلطة في يناير (كانون الثاني)، قال الرئيس المنتخب خلال الحملة الانتخابية “لا أريد أن ألحق الضرر بإيران ولكن لا يمكنهم امتلاك أسلحة نووية”.

نقلاً عن : اندبندنت عربية