أظهرت نتائج مسح إقليمي أجرته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) رغبة متزايدة لدى اللاجئين السوريين في دول عدة بالعودة إلى وطنهم.

وسجل الأردن أعلى نسبة من حيث عدد الراغبين بالعودة إذ أعرب 40 في المئة منهم عن رغبتهم بالعودة خلال عام، وأوضحت المفوضية أن نسبة كبيرة من اللاجئين يرغبون بالقيام برحلات معاينة إلى سوريا لتقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار نهائي بالعودة.

 ووفقاً لوزارة الداخلية الأردنية، فقد غادر 44.675 لاجئاً سورياً الأردن عبر معبر جابر الحدودي منذ سقوط النظام في سوريا، منهم 7.117 لاجئاً غادروا من المخيمات.

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024، اتخذت الحكومة الأردنية إجراءات عدة لتشجيع العودة الطوعية للاجئين السوريين إلى بلادهم، الذين يبدو أن غالبيتهم تساورهم مخاوف وشكوك لها علاقة بالأمن والوضع الاقتصادي.

إعفاءات جمركية

يؤكد وزير الاتصال الحكومي المتحدث الرسمي باسم الحكومة، محمد المومني، وجود قرار بإعفاء اللاجئين السوريين من بعض الرسوم الجمركية لتسهيل عودتهم الطوعية إلى وطنهم، مما يعني عملياً إعفاء اللاجئين السوريين من رسوم جمركية مترتبة على نقل أمتعتهم إلى وطنهم، إذ إن البيئة الحاضنة في سوريا اليوم قادرة على تشجيع السوريين في الأردن على العودة الطوعية.

كما قررت الحكومة الأسبوع الماضي أيضاً إعفاء الشاحنات السورية من الرسوم والبدلات المفروضة عليها، لمواكبة التطوّرات في حركة النقل والتبادل التجاري بين البلدين، التي تشهد تحسناً وارتفاعاً منذ سقوط النظام السابق.

وفي السياق ذاته، عملت الحكومة الأردنية على تحسين وتطوير معبر جابر – نصيب بين البلدين كونه الوسيلة الأهم المتاحة حالياً لمغادرة اللاجئين عبر تخصيص مبلغ نحو 5 ملايين دولار لذلك.

كما سُمح للاجئين باستخدام بطاقة الخدمة الخاصة بالجالية السورية أو الحصول على تذكرة مرور من وزارة الداخلية الأردنية لمن يفتقر إلى وثائق السفر، لتسهيل عودتهم.

في حين قامت السفارة السورية لدى الأردن بتمديد نحو 30 ألف جواز سفر سوري مجاناً لمدة ستة أشهر، وأصدرت نحو 400 تذكرة مرور للسوريين الذين لا يملكون وثائق سفر، مما يتيح لهم العودة إلى سوريا.

آثار متوقعة

ومقابل التأثيرات السلبية لبدء عودة اللاجئين السوريين كانخفاض الطلب على قطاع العقار وسوق العمل، ثمة تأثيرات إيجابية أيضاً وفق مراقبين من قبيل تخفيف الضغط على الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم، وتقليل نسبة البطالة بين الأردنيين، وبخاصة في المناطق التي كانت تستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين.

وأعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن سعيها إلى جمع 22 مليون دولار لتسهيل عودة اللاجئين السوريين من الأردن إلى سوريا في عام 2025.

وتقدر الحكومة الأردنية كلفة استضافة اللاجئين السوريين بنحو 2.4 مليار دولار سنوياً، تشمل قطاعات التعليم والصحة والمياه والبنية التحتية والدعم الغذائي، وهو ما يقارب ستة إلى ثمانية في المئة من الناتج الإجمالي المحلي.

ويستضيف الأردن منذ 14 عاماً نحو 1.3 مليون لاجئ سوري، بينهم 660 ألف لاجئ مسجلون لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وتشير تقديرات إلى توفير الأردن بين 400 و700 مليون دولار سنوياً وذلك اعتماداً على عدد اللاجئين الذين سيعودون.

أرقام متواضعة

وثمة تقييمات متضاربة حول نسبة اللاجئين العائدين وعددهم ما بين اعتبارها متواضعة أو جيدة، لكن في مخيم الزعتري، الذي أُنشئ عام 2012 لاستقبال اللاجئين السوريين، بدأت تتضح ملامح عدد من التغيرات الديموغرافية على مر الأعوام وبخاصة بعد نشاط حركة العودة الطوعية.

ففي ذروته، استضاف المخيم نحو 140.000 لاجئ، مما جعله واحداً من أكبر مخيمات اللاجئين في العالم، لكن لاحقاً انخفض عدد سكان المخيم بصورة تدرجية وصولاً إلى 75 ألف لاجئ في العام الحالي.

ولايزال المخيم يضم عشرات آلاف اللاجئين إلا أن تزايد عدد اللاجئين العائدين، سيؤدي إلى إعادة توجيه الموارد وخدمات البنى التحتية للمواطنين الأردنيين.

تعتبر مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن ثمة زيادة في عدد اللاجئين السوريين العائدين من الأردن إلى بلادهم خلال عام 2024.

ووفقاً للمفوضية، فإن 64 في المئة من العائدين هم من الرجال والفتيان، و36 في المئة من النساء والفتيات، في حين بلغت نسبة عودة العائلات بأكملها 36 في المئة.

ويقطن معظم اللاجئين السوريين في الأردن وفقاً لمفوضية اللاجئين، خارج المخيمات، وتحديداً في العاصمة عمان ومدينتي إربد والزرقاء بينما يضم مخيما “الزعتري” و”الأزرق” نحو 18 في المئة من مجموع اللاجئين السوريين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تسريع العودة الطوعية

وكان من ضمن الملفات التي بحثها العاهل الأردني مع رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع خلال زيارته الأخيرة إلى عمان، إطلاق مبادرة تتعلق بعودة اللاجئين وتسريع ذلك.

وهنا يتوقع الكاتب والمحلل السياسي ماهر أبو طير أن تقوم السلطات الأردنية بإجراء تغييرات على شروط عيش السوريين من خلال رفع رسوم المدارس والعلاج وفرض رسوم على تصاريح العمل.

يضيف أبو طير أن الأردن معني بتسريع عملية المصالحة الداخلية في سوريا واستيعاب كل المكونات، وإجراء انتخابات وكتابة دستور وتعريف النظام سياسياً وقانونياً بصورة واضحة حتى يضمن الاعتراف به من كل الأطراف النافذة، إضافة إلى رفع العقوبات للوصول إلى أهداف عدة من بينها عودة اللاجئين.

ومنذ أعوام وأمام تواضع أرقام اللاجئين العائدين إلى بلدهم، تشجع السلطات الأردنية على سياسة توطين اللاجئين السوريين في دول أخرى كالدول الأوروبية إذ تشير الأرقام إلى أنه جرى حتى الآن توطين نحو 63 ألف لاجئ، ومما زاد في تبني الأردن لمثل هذه السياسات تقليص المنظمات الإنسانية عام 2023 المساعدات للاجئين السوريين في الأردن إلى الثلث، وشمل ذلك نحو 100 ألف لاجئ بسبب أزمة تمويل كبيرة.

في جانب متصل، يعتبر معظم الأردنيين أن عودة اللاجئين السوريين حالياً إلى سوريا باتت ممكنة أكثر من أي وقت مضى.

لكن منظمة “النهضة العربية للديمقراطية والتنمية” وضمن دراسة لها عن عودة اللاجئين، ترى أن ثمة اعتبارات ومحددات تحكم عودتهم كالانفلات الأمني وانتشار الجريمة والتحديات الاقتصادية، فضلاً عن الدعم المقدم للاجئين في الدول المستضيفة الذي يشكل شبكة أمان أساسية لهم في ظل أخطار العودة إلى بيئة غير مضمونة.

إضافة إلى أن الكثير من اللاجئين السوريين أسسوا لحياة جديدة في الأردن وأسسوا مشاريع وأعمالاً ويتلقى أبناؤهم التعليم المدرسي والجامعي، مما يمنعهم من المغادرة الفورية، مما يؤكد أن عودتهم ستكون تدرجية وعلى صورة موجات.

نقلاً عن : اندبندنت عربية