كشفت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني عن تأييد بلادها انضمام السعودية إلى تحالف مكون من إيطاليا وبريطانيا واليابان لبناء مقاتلة حديثة بعد يوم من محادثات أجرتها مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمس الأحد.
ويهدف التحالف الذي انطلق في ديسمبر (كانون الأول) 2022 تحت اسم “مشروع القتال الجوي العالمي” إلى بناء مقاتلة شبحية جديدة تتمتع بقدرات تفوق سرعة الصوت بحلول 2035.
وقالت ميلوني في تصريحات بمحطتها الإقليمية الثانية البحرين إن ضم دول جديدة سيستغرق بعض الوقت، إذ يتطلب ذلك تنسيقاً بين الدول الثلاث المؤسسة.
ويسعى المشروع إلى جذب دول جديدة لتغطية كلفة المشروع الذي يبلغ عشرات المليارات من الدولارات، وتشارك فيه حتى الآن ثلاث شركات، وهي “بي أي إي سيستمز” البريطانية، العملاق في مجال الدفاع، وشركة “ليوناردو” الإيطالية، ووحدة طائرات تابعة لشركة “ميتسوبيشي” للصناعات الثقيلة.
وأوضحت رئيسة الوزراء الإيطالية أنها تشجع نهج السعودية ورغبتها للانضمام ضمن مساعيها إلى تعزيز قدراتها الصناعية الدفاعية بما يتوازى مع الدول الأخرى المشاركة.
وزارت ميلوني مدينة العلا، شمال غربي السعودية، مطلع هذا الأسبوع للقاء ولي العهد السعودي وتوقيع اتفاقات تعاون بلغت قيمتها 10 مليارات دولار.
عقبات أمام التعاون
على رغم الانفتاح البريطاني والإيطالي على العرض السعودي، فإن اليابان حتى الآن لا تبدو متحمسة لضم دول جديدة، على رغم حاجتها إلى تحديث أسطولها القتالي الجوي، إذ ستخرج من الخدمة نحو 100 من مقاتلاتها “F-2” في 2035.
وتبرر اليابان ترددها حيال ضم دول جديدة بأن ذلك سيعقّد المناقشات حول الدول التي يمكن أن تبيع لها اليابان مقاتلاتها، وسيؤخر تسليمها، وفق تقرير لـ”فاينانشيال تايمز” في 2023. وتنظر اليابان بحذر إلى تصدير السلاح، ولم ترفع حظرها العام على صادرات الأسلحة إلا عام 2014.
ويرى الباحث في معهد اقتصادات الطاقة الياباني شيغيتو كوندو أن السبب الأول مضلل، لأن كل الدول المشاركة سيكون لها عملاء مختلفون لبيع المقاتلات، ونظرياً يمكن لأي دولة أن تمارس حقها في منع البيع لدولة بعينها.
أما السبب الثاني فيراه الباحث الياباني مفهوماً لأن السعودية تهدف إلى توطين 50 في المئة من مشترياتها الدفاعية بحلول 2030، مما يعني أنها ستطلب إنتاج بعض أجزاء المقاتلة في السعودية، وقد يؤدي ذلك إلى تأخير الإنتاج، وهو ما لا تستطيع تحمله طوكيو في ضوء الخروج المرتقب لعدد من مقاتلاتها عن الخدمة.
وطالب شيغيتو في مقالة لـ”مجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية” اليابان بمراجعة قرارها، مشيراً إلى أن إدراج السعودية في هذا المشروع سيعزز بصورة كبيرة المصالح الوطنية اليابانية ونفوذها الدولي مع قوة إقليمية متزايدة الأهمية، وتعد أكبر مورد للطاقة لليابان.
شرط السعودية
أكدت السعودية في فبراير (شباط) 2024 رغبتها في الانضمام للمشروع على لسان محافظ هيئة الصناعات العسكرية هيثم العوهلي الذي صرح بأن هناك مفاوضات جادة وحرصاً سعودياً على المشاركة في تطوير الجيل السادس من المقاتلات.
لكن العوهلي أكد أن السعودية متمسكة بشرط التوطين، وكرر في مقابلة مع موقع “بريكنغ ديفينس” تأكيد ولي العهد السعودي قبل سنوات عدة بعدم إبرام صفقة تسليح من دون توطين الإنتاج، موضحاً أن “السعودية يمكنها أن تسهم في مجالات التصنيع والتطوير والتكنولوجيا، فضلاً عن توفير رأس المال البشري للمشروع”. وقال في نهاية المطاف يتعين على السعودية أن تشارك بصورة كاملة، “وإلا فلن يكون ذلك منطقياً بالنسبة إلينا”.
وأورد موقع “بريكنغ ديفينس” المتخصص في الصناعات الدفاعية أن ترتيبات الإنتاج المحلي عادة ما تكون محل نزاع شديد بين الدول الشريكة التي تسعى إلى أن يكون أكبر قدر من مراحل التصنيع داخل دولها، إلا أنه من الناحية المالية، تتمتع الرياض باليد العليا، كونها قادرة على تقديم التمويل الكافي، وهو ما قد يخفف المخاوف في شأن كلف التطوير ونجاح المشروع على المدى الطويل.
وبلغت نسبة توطين الإنفاق العسكري في السعودية 19.35 في المئة في 2024، وتستهدف هيئة الصناعات العسكرية رفعها إلى ما يزيد على 50 في المئة بحلول 2030.
تحديات المشروع
تجد السعودية في التحديات المالية أمام “مشروع القتال الجوي العالمي” وحاجة أطرافه الثلاثة إلى التنفيذ في التاريخ المستهدف فرصة لتقوية عرضها بالانضمام، إذ غالباً ما تعاني المشاريع الدفاعية المشتركة ارتفاع الكلف وتأخر التنفيذ.
وهذه التحديات نفسها ما دفعت لجنة الدفاع في البرلمان البريطاني إلى التحذير من أن الجدول الزمني للمشروع الثلاثي “طموح”، مما يزيد أهمية الالتزام وضبط الإنفاق لإدخال المقاتلات إلى الخدمة في الوقت المحدد.
ورحبت اللجنة الدفاعية بالتقدم المحرز في المشروع الثلاثي في تقرير بتاريخ الـ14 من يناير (كانون الثاني) الجاري، داعية إلى تبني نظام تمويل على مدى سنوات عدة، لضمان استقرار البرنامج وبث الثقة لدى الشركاء الدوليين في شأن التزام المملكة المتحدة.
وبعد صعود حزب العمال للسلطة في بريطانيا الصيف الماضي سادت مخاوف بأن يكون مشروع المقاتلة الجديدة ضحية لـ”مراجعة الاستراتيجية الدفاعية” لأسباب متعلقة بالكلفة، إلا أن حكومة كير ستارمر أعطت الضوء الأخضر للمشروع في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، منهية مخاوف إيطاليا واليابان.
نقلاً عن : اندبندنت عربية