«اتجوزت بالإعدادية».. «أمل» تناقش الماجستير في حضرة 5 من أحفادها



منذ 30 عاما تحديدا في 1994، كان على السيدة أمل محفوظ أن تغادر مدينتها القاهرة، لتنتقل إلى العريش رفقة زوجها وأطفالها الرُضع، حاملة معها شهادتها الإعدادية، التي تطورت مع الأيام لتصبح رسالة ماجستير، عقب مرور ثلاثة عقود من حياتها، مع اقترابها لعمر الـ60.

ذكريات طفولة لم تكن سارة أبدًا، تشكلت في وجدان السيدة التي توقف تعليمها عند المرحلة الإعدادية، إذ حالت وعكة صحية شديدة بينها وبين استكمال دراستها، لتمر الأعوام وتصبح بين يوم وليلة زوجة وأم، لكن ظل حلم التعليم يراود صاحبة الـ54 عاما، بحسب حديثها.

«أمل» تبدأ رحلة استكمال التعليم من العريش

تحكي «أمل» لـ«الوطن»، إنها ذهبت إلى العريش، ولم يذهب طموحها أو حلمها، فهناك قررت الالتحاق بمديرية التربية والتعليم بوظيفة إدارية «كاتب خامس»، لتثبت كفاءتها، لكن ظل عقلها رافضا المؤهل المتوسط، فلم تجد سندًا سوى زوجها ووالد أطفالها، الذي آمن بها وقرر التقديم لها في المدرسة الزراعية، التي كانت تبعد عشرات الكيلومترات عن مكان إقامتها، لتبدأ رحلة جديدة في حياتها، انقسمت فيها بين دورها كزوجة وأم، ودورها في العمل بالمديرية، بجانب دراستها.

ورغم معاناتها من ضعف شديد في النظر، لكنها لم تغفل قط عن أي دور تؤديه، لتتقدم بأوراق تعيينها بمحافظة شمال سيناء، وبالفعل تم تعيينها بالمقر الرئيسي في قسم الحسابات، لمدة 6 أشهر تحت الاختبار، قبل أن تعود مرة أخرى إلى مديرية التعليم، وتحصل على درجة الدبلوم الزراعي.

بمجرد الحصول على درجة الدبلوم، تحولت حياة السيدة رأسا على عقب، لتتحول من موظفة إدارية إلى مدرسة تربية زراعية، لمدة 15 عامًا.

من الدبلوم للتدريس بفصول محو الأمية 

مرت الأعوام وعاشت «أمل» بشهادة الدبلوم التي لم ترو ظمأها للتعليم، حتى تقدمت للالتحاق بـ«كادر المعلمين» لتثبت جدارتها، وتنتقل لمرحلة جديدة في 2009، حيث التحقت بكلية الزراعة جامعة العريش، فترة طويلة قررت فيها السيدة ألا تُقصر في حق أبنائها بعد أن أصبحوا أربعة، فضلا عن محاولاتها مساعدة غيرها بافتتاح فصل محو الأمية في مدرسة بنك سيناء، واستطاعت أن تعلم العشرات من الرجال والسيدات القراءة والكتابة.

«أمل» وابنتها الكبرى «زمايل دفعة واحدة» بالكلية

مفارقة كبيرة في حياة السيدة الخمسينية، بعد أن التحقت بالفعل بالكلية في الوقت التي التحقت فيه ابنتها الكبيرة «رحاب» بكلية التربية، لتبدأ الأم رحلة جديدة مع التعليم المفتوح، مع تدرجها الوظيفي قبل أن تحصل على درجة البكالوريوس في 2013.

«أمل» تناقش الماجستير بعدما أصبحت جدة

11 عاما مروا، أصبحت خلالها الطالبة الدؤوبة جدة لـ5 أحفاد، لكن ظل حب التعليم معها لتناقش درجة الماجستير في معهد العلوم البيئية ببئر العبد، التابع لجامعة العريش، حول رسالة بعنوان «تبني زراعة محصول الجوار في شمال سيناء»، وحصولها على درجة جيد، وسط أبنائها وأحفادها.



نقلاً عن : الوطن