على رغم الحماسة الكبيرة في “وول ستريت” تجاه أجندة نمو الرئيس المنتخب دونالد ترمب، إلا أن البنوك الكبرى تختتم سنوات إدارة جو بايدن بنتائج أعمال قوية. فحققت أربعة من أكبر البنوك الأميركية، ثاني أكثر الأعوام ربحية في تاريخهم خلال عام 2024، متجاوزة بذلك كل السنوات باستثناء السنة الأولى لرئاسة بايدن، بعد أن أعلنوا عن نتائجهم السنوية الأربعاء الماضي.
إلى ذلك، استفاد قطاعا التداول والإقراض لدى البنوك من تحركات أسعار الفائدة، بينما قفزت رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية 32 في المئة مقارنة بعام الركود في 2023، مع توقعات المديرين التنفيذيين بأن هذه المكاسب ليست سوى البداية.
وأعلنت البنوك الأميركية الكبرى عن قفزة كبيرة في أرباحها الأربعاء الماضي، مدفوعة بقوة قطاعي التداول والخدمات الاستشارية المالية، مع توقعات بانتعاش موجة الاندماجات المحتملة تحت إدارة دونالد ترمب المقبلة.
وشهدت أرباح البنوك المالية العملاقة مثل “جي بي مورغان تشيس” و”غولدمان ساكس” ارتفاعاً كبيراً، ويرجع ذلك جزئياً إلى غياب الكلف الكبيرة في الربع الأخير من عام 2024.
وخلال الفترة نفسها من عام 2023، خصصت البنوك مبالغ كبيرة لتعزيز برامج الإنقاذ الأميركية بعد انهيار بنك “وادي السيليكون”.
كذلك، ارتفعت أرباح الربع الرابع من عام 2024 لشركة “جي بي مورغان تشيس” 50 في المئة لتصل إلى 14 مليار دولار، بينما تضاعفت أرباح “غولدمان ساكس” لتصل إلى 3.9 مليار دولار.
وفي كلا الحالتين، كانت الزيادة الكبيرة في الإيرادات المرتبطة بالتداول أبرز الفئات التي حققت مكاسب، مما يعكس بيئة مزدهرة خلال فترة شملت الانتخابات الرئاسية الأميركية وما أعقبها من نشاط مكثف في “وول ستريت”.
بينما، أعلنت “سيتي غروب” عن أرباح بلغت 2.9 مليار دولار، مقارنة بخسائر قدرها 1.8 مليار دولار خلال الربع الأخير من عام 2023، أما أرباح “ويلز فارغو” فقد ارتفعت 47 في المئة لتصل إلى 5.1 مليار دولار، وأسهمت مكاسب أسهم البنوك في رفع مؤشرات الأسهم في “وول ستريت” مع نهاية جلسة الأربعاء.
ترمب وتقليص النهج التنظيمي
وتترقب العديد من الشركات المالية بفارغ الصبر التحول إلى إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي من المتوقع أن يقلص النهج التنظيمي الصارم الذي اتبعته إدارة بايدن المنتهية ولايتها.
وقال المدير المالي لـ”جي بي مورغان” جيريمي بارنوم، إلى “بلومبيرغ”، “لا شك أننا نعيش لحظة مليئة بالروح الحيوانية الآن”، في إشارة إلى ارتفاع نشاط عمليات الاندماج والاستحواذ.
وقال المدير المالي لـ”سيتي غروب” مارك ماسون “كل الأنظار متجهة نحو الولايات المتحدة بصورة كبيرة”، موضحاً خلال إحاطة مع الصحافيين، أن “الناس ينظرون بصورة عامة إلى الولايات المتحدة مع أجندة يتوقع أن تكون داعمة للنمو”، مشيراً إلى أن خطط البنك لعمليات الاندماج والاستحواذ “قوية جداً”.
موجة من عمليات الاندماج والاستحواذ
ومن المتوقع أن تؤدي موجة من عمليات الاندماج والاستحواذ إلى زيادة في رسوم الاستشارات لدى البنوك، بعد أن كان النهج العام لإدارة بايدن متشككاً في صفقات الأعمال، مما أدى إلى تثبيط بعض المعاملات.
وتستعد الصناعة أيضاً للاستفادة من تخفيف التنظيمات المصرفية التي قد تتيح للبنوك استخدام الأموال التي كانت تحتفظ بها كاحتياط للطوارئ، وبدلاً من ذلك، يمكن للبنوك إقراض تلك الأموال أو إعادتها إلى المساهمين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي “جي بي مورغان”، رفعت الأرباح السنوية إلى 58.5 مليار دولار بزيادة 18 في المئة، بدعم من أداء قوي للبنك في الربع الرابع من عام 2024.
وارتفعت الأرباح في قطاعي البنوك التجارية والاستثمارية في “جي بي مورغان”، نتيجة زيادة رسوم الاستشارات والارتفاع الكبير في تداول السندات والأسهم، وحقق البنك أيضاً زيادات في رسوم إدارة الأصول والثروات.
وتعوض هذه المجالات القوية الانخفاض 2 في المئة في صافي الدخل من الفوائد، نتيجة لانخفاض معدلات الفائدة، وشهد “جي بي مورغان” زيادة في مخصصات القروض المشكوك في تحصيلها، إذ أضاف 267 مليون دولار من الاحتياطات لمواجهة القروض الرديئة.
ارتفاعات أسهم البنوك الأربعة في “وول ستريت”
ووصف الرئيس التنفيذي لـ”جيه بي مورغان” جايمي ديمون، الاقتصاد الأميركي بأنه “مرن”، مع معدل بطالة منخفض نسبياً وإنفاق استهلاكي قوي. وقال ديمون “الأعمال أكثر تفاؤلاً في شأن الاقتصاد، وهم متشجعون من التوقعات المتعلقة بأجندة أكثر دعماً للنمو وتحسين التعاون بين الحكومة والأعمال”. ومع ذلك، أشار ديمون إلى خطر استمرار التضخم المرتفع، وظروف جيوسياسية تبقى “الأكثر خطورة وتعقيداً منذ الحرب العالمية الثانية”.
وفي الوقت نفسه، ارتفعت الإيرادات المرتبطة بتداول الأسهم والدخل الثابت، والعملات والسلع في “غولدمان ساكس” بنسبة مزدوجة، بينما كانت إيرادات المنتجات المرتبطة بأسعار الفائدة ثابتة بصورة أساسية.
وسجلت “غولدمان ساكس” إيرادات أعلى من الاكتتاب في الأسهم والديون، وعلى رغم انخفاض إيرادات الاستشارات، قالت الشركة إن “تراكم رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية ارتفع مقارنة بالربع السابق”، وأشار عرض تقديمي من الشركة إلى “تحسن” البيئة التنظيمية كأحد العوامل الداعمة لأعمالها.
وقال الرئيس التنفيذي لبنك “غولدمان ساكس” ديفيد سولومون إنه “مع تحسن البيئة التشغيلية وزيادة ثقة الرؤساء التنفيذيين، نحن نستخدم قوة البنك الواحد للاستمرار في خدمة عملائنا بتميز وخلق قيمة أكبر لمساهمينا”.
وارتفعت أسهم البنوك الأربعة في “وول ستريت” مع نهاية جلسة الأربعاء، ففي الصباح، ارتفع سهم “جيه بي مورغان” 0.8 في المئة، و”غولدمان ساكس” 5.9 في المئة، و”سيتي غروب” 6.2 في المئة، و”ويلز فارغو” 5.2 في المئة.
نقلاً عن : اندبندنت عربية