وفقاً للخبراء، يزداد عدد الأطفال في الولايات المتحدة الذين يصابون بحصى الكلى، وهي حال كانت تربط خطأ بـ”الرجال البيض في منتصف العمر”.
والحصى هي عبارة عن تراكمات صلبة من المعادن والأملاح تتشكل داخل الكلى، وعادة ما تكون بحجم حبة فلفل أسود أو أكبر قليلاً، وقد تختلف في ألوانها. وعلى رغم أن الحصى قد تسبب ألماً شديداً في الظهر أو الأجناب أو أسفل البطن والفخذ، فإن الصغيرة منها قد لا تظهر عليها أية أعراض. وعلى رغم أنها نادراً ما تؤدي إلى أضرار دائمة إذا عولجت بصورة مناسبة، فإنها قد تزيد من خطر الإصابة بأمراض الكلى المزمنة.
وتزداد حالات حصى الكلى على نحو ملحوظ في مختلف الفئات، وفقاً “للمركز الوطني للسكري وأمراض الجهاز الهضمي والكلى في الولايات المتحدة” National Institute of Diabetes and Digestive. ويشير المركز إلى أن الرجال أكثر عرضة للإصابة، إضافة إلى الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من هذه الحالة.
ألينا في، الطفلة البالغة من العمر أربع سنوات من ولاية نيو جيرسي، كانت واحدة من الحالات غير المعتادة، إذ لم تعانِ أي ألم أو أعراض تقليدية لحصى الكلى. ووفقاً لمستشفى الأطفال في فيلادلفيا عام 2016، لم يتمكن الأطباء من تحديد مدة وجود الحصى، وقاموا بتحديد موعد لإجراء عملية جراحية بسيطة لتفتيت حصىها الثلاث الكبيرة.
وعلى رغم أن نصف حالات حصى الكلى تقريباً لدى الأطفال قد تعود خلال خمسة أعوام، تعافت ألينا تماماً وعادت لحضور دروس الرقص كل سبت.
وقال روب في، والد ألينا، للمستشفى “في كل ليلة جمعة، تقول لي إنها لا تستطيع الانتظار لتصبح راقصة باليه وردية في اليوم التالي.”
وأوضح الدكتور غريغوري تاسيان الذي أشرف على علاج ألينا في، اختصاصي المسالك البولية للأطفال في مستشفى فيلادلفيا للأطفال، في رسالة إلكترونية لـ “اندبندنت” الخميس الماضي “لم يعُد من الصحيح أن نعتبر حصى الكلى مرضاً يقتصر على الرجال البيض في منتصف العمر”.
وأضاف: “تركز ممارستي الطبية بالكامل في علاج الأطفال والمراهقين الذين يعانون حصى الكلى المبكرة، وخلال فترة تدريبي بين عامي 2005 و2011، كانت الحصى نادرة بين الأطفال. أما الآن، فإن معظم عملي يتركز على علاج هؤلاء الأطفال”.
ووفقاً لتاسيان، فإن حصى الكلى تؤثر في 11 في المئة من سكان الولايات المتحدة، وقد أظهرت دراسات عدة تزايد خطر الإصابة بهذا المرض بين الأطفال.
ومن خلال دراسة لتاسيان نشرت في مارس (آذار) 2016 في “المجلة السريرية للجمعية الأميركية لأمراض الكلى”Clinical Journal of the American Society of Nephrology، أظهرت أن معدل الإصابة السنوي بحصى الكلى زاد بين عامي 1997 و2012، وكان أكبر ارتفاع بين الفئة العمرية 15 إلى 19 سنة. و عام 2012، أظهرت دراسة في “مجلة جراحة المسالك البولية” Journal of Urology أن معدل الإصابة ارتفع بنسبة أربعة في المئة سنوياً على مدى 25 عاماً. كما أكدت دراسة سابقة في “مجلة طب الأطفال” The Journal of Pediatrics زيادة ملحوظة في إصابات الأطفال بحصى الكلى بين عامي 1996 و2007.
وقبل نحو عام، لاحظت الدكتورة كيت كرافت، اختصاصية المسالك البولية للأطفال في مستشفى”سي أس موت” C.S. Mott التابع لجامعة ميشيغان، زيادة في عدد الحالات أيضاً.
وقالت “لقد شهدنا زيادة بنسبة 10 في المئة سنوياً خلال الأعوام العشرة الأخيرة، مما يدل على ارتفاع وبائي واضح”.
كما أوضح تاسيان أن أكبر زيادة كانت بين المراهقين، بخاصة بين الفتيات. وتطرق إلى أنه من الضروري إجراء مزيد من الأبحاث لفهم أسباب الزيادة في انتشار المرض، ولتحسين طرق علاج الأطفال المصابين بحصى الكلى. فالعلاج في الغالب مشابه للكبار، ويشمل الأدوية لمنع عودة الحصى والإجراءات التي تعمل على تفتيتها إلى قطع أصغر.
وعلى رغم توثيق هذا الاتجاه المتزايد، ذكر الدكتور ديفيد ساس، اختصاصي أمراض الكلى للأطفال في مايو كلينك وأحد زملاء تاسيان، في حديثه إلى “اندبندنت”، أن “هذا الموضوع لم يلقَ الاهتمام المطلوب.”
وعلق ساس على ارتفاع الحالات بين الفتيات المراهقات قائلاً “لا نعرف بصورة دقيقة الأسباب وراء ذلك.”
وأضاف “أرى أن هناك احتمالين لتفسير هذا الفارق بين الفتيات والفتيان المراهقين. الأول يتعلق بهرمونات البلوغ لدى الفتيات التي قد تزيد من خطر الإصابة بالحصى ولم يتم اكتشافها بعد، والثاني يتعلق باختلاف الأنماط الغذائية بين الفئتين.”
وتتكون حصى الكلى عندما ترتفع مستويات المعادن مثل الكالسيوم والأوكسالات والفوسفور في البول. وعادة ما تكون هذه المعادن موجودة في البول من دون أن تسبب مشكلات إذا كانت مستوياتها منخفضة.
ومع ذلك، يمكن للجفاف والنظام الغذائي أن يسهما في تراكم المعادن، كما أن التاريخ العائلي قد يزيد من خطر الإصابة بالحصى، وقد تقوم درجات الحرارة المرتفعة بدور كذلك، إذ إن الأطفال أكثر عرضة للجفاف.
فيما يعتقد ساس بأن فرضية الهرمونات ربما لا تكون السبب في زيادة الحالات بين الفتيات المراهقات، على رغم ملاحظته أنهن يبدأن البلوغ في وقت مبكر. ويظن أن تناول الفتيات المراهقات مزيداً من الأطعمة المرتبطة بتكوين حصى الكلى قد يكون أحد الأسباب المحتملة.
ويقول ساس “نحن نعلم أن الأطعمة الغنية بالصوديوم أصبحت أكثر انتشاراً، وأعتقد بأن هذا هو السبب الرئيس”، مشيراً إلى أن الدراسات أظهرت أن الأميركيين يستهلكون كميات أكبر من الملح أكثر من أي وقت مضى، فالصوديوم والفوسفور يستخدمان كمادة حافظة في الأطعمة المعالجة، لكن الفوسفور لا يذكر عادة في ملصقات الطعام على عكس الصوديوم.
وأوضح أن الإفراط في تناول الملح وقلة شرب الماء هما من العوامل الأساسية التي تسهم في تكوين حصى الكلى.
من جانبه، قال الدكتور جون وينر، استشاري المسالك البولية للأطفال في ديوك هيلث إن “كثيراً من الأطفال لا يشربون ما يكفي من الماء أو لا يرغبون في شربه، على رغم أن الماء هو الأفضل، وإذا حافظت على شرب كمية كافية من السوائل فيبقى البول خفيفاً وغير مركز، فإن فرص تكوين حصى الكلى تقل لأن المعادن ستكون أكثر تمييعاً وأقل احتمالاً للتجمع وتكوين الحصى”.
ويمكن أن يقوم الكالسيوم، وهو المعدن الأكثر وفرة في الجسم، بدور مهم أيضاً. ويحتاج الجسم إلى الكالسيوم لبناء العظام القوية والحفاظ عليها، فضلاً عن أداء كثير من الوظائف الحيوية الأخرى.
وأشار الدكتور ديفيد غولدفارب، استشاري أمراض الكلى في “جامعة نيويورك لانغون” NYU Langone والمتخصص في الوقاية من حصى الكلى وعلاجها، إلى أن “انخفاض استهلاك الألبان يؤدي إلى تقليل كمية الكالسيوم التي يحصل عليها الناس”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف “زيادة الكالسيوم ترتبط بتقليل حصى الكلى، لذا من المحتمل أن يكون هذا أحد العوامل المؤثرة”.
ويعتقد غولدفارب بأن درجات الحرارة المرتفعة قد تكون أحد العوامل المسهمة في زيادة حصى الكلى، وأوضح في حديثه إلى “اندبندنت” أن لديه بيانات جديدة تشير إلى أن المناطق الأكثر حرارة في كاليفورنيا تشهد معدلات أعلى من هذه الحصى. ومع ذلك، لا يمكن الجزم بأنها من العوامل الرئيسة أو تمثل جزءاً كبيراً من الأخطار.
هل الحل لتقليل حالات حصى الكلى، سواء عند الأطفال أو الكبار، بسيط كما يبدو للوهلة الأولى؟.
أجاب وينر: “الخطوات التي تساعد في الوقاية من السمنة وأمراض القلب وضغط الدم المرتفع هي نفسها التي تسهم في الوقاية من حصى الكلى”.
وبينما قد تبدو الحلول بديهية، تساءل غولدفارب “كيف يمكننا تحفيز الناس على شرب مزيد من الماء؟” مضيفاً أن “الأطفال قد تكون لديهم حرية أكبر في استخدام دورات المياه مقارنة بالبالغين”.
وقد يكون الحل في ما نقدمه على مائدة العشاء.
وأخيراً قال ساس “إذا كان بإمكاني تغيير شيء بسهولة، فسيكون جعل الناس يتناولون طعاماً طازجاً معداً في المنزل”.
نقلاً عن : اندبندنت عربية