عندما يصبح المحظور مباحا .. قل وداعا .. للقيم و الأخلاقيات و المبادئ  والمرجعيات و أى قواعد تضبط المجتمع و تعمل على ضمان أمنه القومى .. 
بعدما  كان شهر رمضان فرصة لترويض النفس و البعد عن التجاوزات ، أصبح الآن شهر المنافسة و السباق عبر الشاشات المصرية ، التى أصبحت ساحة مباح فيها تمرير رسائل و أفكار هدامة ، و استعراض لمسوخ مشوهة وأداء متدنى لنماذج فجة .. إما لفقراء بلطجية أو بلطجية لكن أبطال أو أغنياء منحلين و منحرفين  .. يطلقون علينا من فوهات أسلحتهم الفاسدة وابل من طلقات الألفاظ الجارحة ، المصوبة مباشرة نحو الهدف ، و هو تغييب عقل و وجدان الشريحة المستهدفة .. لتتلقى هذه الجرعات التى تخدر و تمحو كل ما تحاول الدولة أن تعيد بناؤه من خلال مبادرات رئاسية على رأسها معركة الوعى و بناء الإنسان .. فلقد تم فرض حصار فنى على المشاهد بمزيج سام من المصنفات اللا فنية .. التى تفتقر لأبسط القواعد و المعايير الأدبية و لا يمكن أن تخرج منها لا بعبرة و لا معلومة مفيدة .. فضلا عن الإفلاس الواضح فى المضمون حتى فى اختيار إسم للعمل الدرامى ، فالأسهل إستعارة إسم أغنية قديمة مشهورة أو قصة فيلم عربى ينتمى لجيل الخمسينات لا يزال يحتفظ بنجاحه و قيمته الفنية فى ذاكرة المشاهد ، إعتقادا أن فى ذلك تذكرة مرور لنجاح زائف ، فى حين أنه لا توجد  مقارنة أصلا بين العمالقة و الأقزام !! 
فعلى سبيل المثال .. أما كان من الواجب و الأولى على أى من هذه الكيانات الإنتاجية أن تعرض عملا واحدا يوثق لقصة حياة البطل ، الفريق أول عبد المنعم رياض ، الذى توافق ذكرى استشهاده يوم ٩ مارس و ٩ رمضان لأول مرة هذا العام ..؟!!!  
إن هذه النكسة الكبرى و غير المسبوقة هى الفشل الأعظم الذى أصاب الحالة الفنية فى مصر و التى تحققت بعد أن أصبحت الساحة خالية حتى من قلم الناقد الفنى الواعى المثقف الذى كان يمثل أحد الأدوار الرقابية و يحسب له الف حساب قبل عرض أى عمل فنى دون المستوى المطلوب .. و بعد أن تم تقويض أذرع و أسلحة منظومة الدفاع الفنى الوطنى للدولة من ثقافة و فنون و إعلام ، و هدم قلاع الانتاج الفنى التى تمثل القوى الناعمة الفاعلة للدولة ،  و التى كانت تنطلق فى تظاهرة فنية رمضانية ، بتوليفة مبدعة من روائع القصص و الأعمال الأدبية التى تعود بالمجتمع إلى هويته و اتزانه الفكرى و النفسي و الأسرى ، من خلال رموز و نخب ثقافية و دينية و فنية .. تركت لنا كنوزا من هذه الإعمال التى اصبحت الآن تراثا يعاد عرضه مئات المرات على قنوات خاصة مصرية و عربية و لا زال يحظى بنسب مشاهدة عالية .. 
و الآن و بعد أن تم حقن المجتمع بجرعات زائدة من الأفكار المسمومة التى  أسقطت شبكة الحماية الاجتماعية ، و أفقدت المجتمع توازنه فى العشر سنوات الماضية .. نعود لنتساءل عن السبب وراء الخلل الذى أصاب المجتمع و الأفراد .. ثم ننادى بالعمل على بناء الشخصية المصرية و عودة الوعى .. و كيف السبيل إلى تحقيق هذا الهدف ، و سلاح المعركة الرئيسى أصبح فاسدا و فاقدا للوعى .. ؟!!

إن التأثير المباشر و الخطير على العقل ، بسلاح الإعلام و الإنتاج الفنى ، يعتمد فى الأساس على علم .. إسمه علم البرمجة اللغوية العصبية ،  الذى يعمل على إعادة  برمجة الأنماط الفكرية و العاطفية للمتلقى .. !!

و هنا أستطيع أن أقول  : 
إن الانتصار الحقيقى لمعركة الوعى يبدأ بتفعيل دور الرقابة الواعية للقضاء على الأسلحة الفنية الفاسدة ..!

نقلاً عن : الوفد