لا يبدو الحديث عن القضية الكردية شيئاً غير مألوف بالنسبة إلى العالم، خصوصاً في السنوات الأخيرة التي برز فيها دورهم في عدد من الأحداث في الشرق الأوسط، لكن توزعهم في دول مختلفة جعل من عوامل التحكم في قضيتهم مختلفة داخل حدود كل دولة، مع أنها تتشابه في جوهرها من حيث عقود من الإنكار والقتال والصراع، إلى أشكال مختلفة مع سلطات العواصم التي يتبعون لها في بلدانهم.

تكاد تكون القضية الكردية ثاني أعقد قضية في المنطقة بعد القضية الفلسطينية، بل إن بعض الباحثين يصفونها بأنها أعقد منها وأقل حظاً في الحل لتشابكها مع معطيات دول عدة، وتقاطع مصالح السياسات الدولية ورسم ملامح حلها من عدمه.

1- من هم الأكراد؟ أصولهم، أديانهم، ثقافتهم؟ عاداتهم؟ تعدادهم في كل دولة؟

يعتبر الكرد من المجموعة العرقية القديمة التي تسكن الشرق الأوسط منذ آلاف السنين ويتوزعون بصورة رئيسة في كل من تركيا وإيران والعراق وسوريا، وقسم صغير منهم في أذربيجان وأرمينيا.

يصنفهم علماء الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) من الشعوب الإيرانية الهندو-أوربية، وأقاموا إمبراطوريات وممالك شهيرة في التاريخ مثل الميدية والأخمينية والكاردوخية والهورية والميانية، واختلف امتداد رقعة سيطرتها على مناطق واسعة في الشرق الأوسط من عيلام جنوباً حتى جبال آرارات وحدود قفقاسية، ومن أذربيجان شرقاً وصولاً حتى البحر المتوسط وأجزاء كبيرة من سوريا الحالية، وصولاً حتى قونيا وشمال الأناضول، لكنهم يعتبرون السكان البارزين لبلاد ما بين النهرين (ميزوبوتاميا) وسلسلة جبال زاغروس وطوروس والسهول المحاذية لها.

اعتنق الكرد أدياناً مختلفة على مر العصور التاريخية، إلا أن أشهرها الزرادشتية والإيزدية ومن ثم اليهودية والمسيحية ولاحقاً الإسلام، فغالبية الكرد يتبعون المذهب السني الشافعي والحنفي، وكذلك منهم الشيعة الاثني عشرية، إلى جانب العلويين والنارسانيين، كما تنتشر بينهم الطرق الصفوية أبرزها القادرية والنقشبندية.

 

 

يشتهر الكرد من حيث الثقافة بلباسهم المميز، فالرجال يرتدون السراويل الفضفاضة ويشدون خصورهم بقماش عريض ويرتدون الكوفية الملفوفة أو قبعات مصنوعة من الصوف أو القطن، فيما ترتدي النساء أزياء مكونة من طبقات عدة محتشمة وملونة مع وشاح يغطي الراس غالباً.

ويتميز الكرد باحتفالاتهم المشهورة بعيد نوروز في الـ21 من مارس (آذار) من كل عام كعيد للحرية والانعتاق من الظلم واتباعاً لأسطورة كاو الحداد الذي ثار على الملك أزدهاك، فيما يرجع باحثون الاحتفال لإسقاط الميديين لنينوى عام 612 قبل الميلاد، إلى جانب ذلك يشتهر بين الكرد العزف على آلة الطنبور الوترية والزرنة (المزمار) النفخية والداهول (الطبل الكبير) المصنوع من جلد الماعز أو المواشي.

وتشتهر بين الكرد الدبكات الجماعية وغالبها تكون مختلطة من الرجال والنساء وتتشابك فيها الأيدي بتراصف في حلقات كالشيخانية والكرمانجية والهورزي والهلبركي، وكذلك السرحدية والبوطية والكوجرية والسي كافي أو ذات الخطوات الثلاثة وغيرها.

وتتنوع اللهجات المحلية في اللغة الكردية، لكن أبرزها وتأتي في المقدمة اللهجة الكرمانجية التي تتركز في القسم الشمالي من الجغرافيا التي يسكنها الكرد مثل تركيا والأجزاء الشمالية من كردستان العراق وإيران وشمال سوريا، تليها السورانية، وهي تتوزع في الوسط والجنوب لاسيما في كردستان العراق وإيران، يبرز دور الكرد من حيث الإرث الثقافي وخصوصاً والمعروف حالياً إسهامهم الكبير في الثقافة الإسلامية سواء من نواحي الفقه الديني أم الأدبي.

وإلى جانب انتماء صلاح الدين الأيوبي لهم كقائد تاريخي مؤثر في مسار التاريخ الإسلامي في القرون الوسطى، برز عدد من الفقهاء والعلماء الكرد في النواحي العلمية المختلفة، كما أن شعراء وكتاب بارزين أثروا في الثقافات المحلية والعالمية بنتاجاتهم كأحمد خاني وملاي جزيري، وصولاً إلى الزمن المعاصر كشيركو بيكس وسليم بركات الذي ارتبط بصداقة وثيقة مع الشاعر الفلسطيني محمود درويش، الذي أهاده والشعب الكردي قصيدة بعنوان “ليس للكردي إلا الريح”.

يفوق عدد الكرد في الدول الأربع الرئيسة التي يقطنونها 40 مليون شخص، ويوجد العدد الأكبر منهم في تركيا بعد يزيد على 20 مليون، وفي إيران نحو 10 ملايين، أما في العراق فيقتربون من 8 ملايين بينهم الكرد الفيليين، أما سوريا ففيها أكثر من 3 ملايبن، بينما يوجد نحو نصف مليون شخص في كل من أرمينيا وأذربيجان، المعروفين بسكان كردستان الحمراء (السوفياتية)، وآخرون في قرغيزستان وجورجيا.

 2- ما هي القضية الكردية في الشرق الأوسط؟

انقسم الكرد بين الإمبراطوريتين الصفوية والعثمانية لاسيما بعد معركة تشالديران عام 1514، وخضعت معظم المناطق التي كان يقطنها الكرد تحت السيطرة العثمانية في حين بقيت المناطق الشرقية وأجزاء من الشمالية والجنوبية لتوزع الكرد تحت السيطرة الصفوية، إلى أن قامت الحرب العالمية الأولى وانهارت السلطة العثمانية وقبلها الصفوية التي تحولت إلى الشاهنشاهية البهلوية.

 

 

ومع تكريس اتفاق سايكس بيكو لتقسيم المنطقة التي تشكلت على إثرها الدول الأربع التي يسكنها الكرد خصوصاً العراق وسوريا وتركيا عقب اتفاق سيفر ولوزان شعر الكرد في هذه الدول بالغبن والاستبعاد والاضطهاد، لاسيما بعدما أن كانوا ولاة أمورهم في مناطقهم التي كانت تابعة للعثمانيين وكانت أوضاعها الإدارية قريبة من الحكم الفيدرالي الذاتي الحكم، إضافة إلى حنث الحكومات القومية المشكلة حديثاً بوعودها لاسيما تركيا بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، وكذلك العراق في عهودها المختلفة بدءاً من الملكية، وفي زمن الحكومات الانقلابية، وكذلك إيران التي نما فيها الشعور القومي الفارسي على حساب بقية الأقوام والأعراق، ناهيك بتجاهل تام للكرد من حكام دمشق الجدد، مما حدا بالكرد إلى مقاومة هذه الحكومات مرة بالقتال العسكري وأخرى بالسياسي.

حتى هذا الحين لم تر القضية الكردية حلاً باستثناء كردستان العراق التي أخذ فيه الحل شكلاً لحكم ذاتي فيدرالي غير مستقر العلاقة مع بغداد، التي تحاول دائماً التقليص من صلاحيات الإقليم في مقابل المركز، في حين ينشط كفاح مسلح في كل من تركيا وإيران، بينما تصاعد الحال في سوريا من النضال السلمي السياسي إلى تشكيل قوة عسكرية إبان الثورة السورية وهجوم تنظيم “داعش” على مناطقهم.

3- لماذا برزت القضية الكردية كملف شائك بين الدول الأربع؟

أخذت القضية الكردية أبعاداً مختلفة في الدول الأربع، فبينما كانت قضية محلية بسيطة أبت تلك الدول حلها عبر إذعانهم سلطة مراكز القرار من دون إشراكهم بها، وتحولت إلى قضية مزمنة في كل من تركيا والعراق وإيران وسوريا، فعدا عن كونها محركاً ذاتياً للكرد للمطالبة بحقوقهم استخدمتها الدول الأربع والقوى الدولية ورقة ضد تلك الدول التي تتقاسم الكرد.

واستثمر الكرد أحياناً المناخات المتناقضة بين تلك الدول للدفع بقضيتهم وإرغام عواصمهم على تبنيها وحلها، كذلك حالت توجهات الكرد الفكرية عائقاً أمام حكام هذه العواصم في فترات مختلفة كتبنيهم الفكر اليساري وتحالف بعضهم مع الحركات التحررية الوطنية منها الفلسطينية، ناهيك بالعمل وفق المبادئ الديمقراطية لضم حقوقهم في الدساتير التي تحكم بلداهم، في حين أن البلدان الأربعة فقدت زمام التعامل مع القضية الكردية، حتى ولو أرادت إحداها التعامل معها رأت نفسها أمام اعتراضات بقية العواصم.

4- ماهي أبرز مطالب الكرد في كل دولة؟

طالب الكرد في الدول التي يقطنونها بحقوقهم من خلال تثبيت لغتهم وهويتهم القومية كجزء من تشكيل البلاد وبنيتها الأساسية وتمثيلهم في هياكل الحكم والإدارات والمؤسسات المختلفة، إلى جانب الاعتراف بهم رسمياً، ومنحهم حق التعليم بلغتهم إلى جانب إدارة مناطقهم التي يشكلون فيها غالبية.

ولم يحظ أي جزء منهم بهذه الحقوق سوى إقليم كردستان العراق، لاسيما بعد سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين.

5- كيف تعاملت الدول التي الأربع مع القضية الكردية؟

لم يسبق لأية دولة سواء تركيا أو العراق أو إيران أو حتى سوريا إطلاق حملة وطنية أو سن قانون أو تشريع لحل القضية الكردية داخل حدودها أو التعامل معها بعيداً من الحل الأمني أو العسكري، لكن تبعت الحملات العسكرية والأمنية أحياناً مفاوضات بين حكومة المركز والأكراد مثلما حدث في العراق في مناسبات عدة، وأبرزها حينما حصل الكرد بزعامة الملا مصطفى البارزاني على الحكم الذاتي في زمن عبدالسلام عارف، ومن ثم مع أحمد حسن البكر ونائبه صدام حسين، لكن سرعان ما انقلبت الدولة على أكرادها وعادت الاشتباكات المسلحة بين الطرفين إلى حين حرب الخليج الثانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعقب خروج العراق من الكويت استطاع الأكراد السيطرة مجدداً على مناطقهم وإنشاء حكم ذاتي بحكم الواقع، في حين تحولت هذه المناطق إلى إقليم فيدرالي بعد سقوط صدام عام 2003.

بينما قمعت تركيا التطلعات الكردية وخمدت الثورات التي حصلت في 1925 بقيادة الشيخ سعيد بيران و1937 وسيد رضا ديرسمي، وصولاً إلى انطلاق العمال الكردستاني كفاحه المسلح عام 1984 وحتى الآن، كذلك في إيران عقب قيام جمهورية مهاباد بقيادة القاضي محمد 1946، وكذلك في سوريا عقب انتفاضة الـ12 من مارس (آذار) 2003.

6- متى تحولت القضية الكردية إلى كفاح مسلح في كل دولة؟

في تركيا ظهرت الثورات في وجه السلطنة العثمانية أثناء حكمها على المناطق الكردية، لكن مع تشكل الدولة الجديدة قام الكرد في تركيا بعدد من الثورات التي قمعت وخلفت مجازر كبيرة في صفوفهم مثل ثورة الشيخ سعيد بيران 1925، وثورة آغري 1930، وثورة ديرسم 1937، وخمدت الأعمال العسكرية المناوئة للحكومة إلى أن أطلقها حزب العمال الكردستاني بزعامة عبدالله أوجلان عام 1984، وهي مستمرة حتى اليوم.

 

 

في العراق التي كانت أكثر زخماً في العمل العسكري ضد بغداد بدأت مع تشكل الدولة العراقية إبان وجود العثمانيين والبريطانيين فيها، وقادها عبدالسلام بارزاني وأحمد بارزاني في أعوام 1912 و1914، وكذلك حركة الشيخ محمود الحفيد البرزنجي التي بدأت بتلك الفترة وأعلن تأسيس مملكة كردية في السليمانية، واستمر أكراد العراق في ثورات وانتفاضات عديدة قاد معظمها البرزانيين وصولاً إلى عام 1991 وانتهاء بحرب الخليج الثانية.

أما في إيران ظهر تأسيس جمهورية مهاباد في أعقاب الحرب العالمية الثانية في الجزء الشمالي الغربي من البلاد عام 1946، وتلاها حركة عسكرية من الديمقراطي الكردستاني، وفي إيران منذ عام 1967 ما زالت تحتفظ مجموعات من أكراد إيران بجناح عسكري في مواجهة طهران.

أما في سوريا، وهي الأهدأ من بين الأجزاء الأربعة لكردستان المفترضة لدى الكرد، فلم تعرف حركات عسكرية كردية إلا في إطار مشاركات غير منظمة في مواجهة الأتراك الكماليين من إبراهيم باشا الملي، وكذلك في مواجهة الانتداب الفرنسي في عدد من المناطق مثل بياندور شرق القامشلي عام 1923.

هناك مواجهات أخرى ظهر فيها قادة كان لهم دور بارز في تأسيس البلاد، إلا أن صوت السلاح خفت لدى الكرد السوريين إلى أن تشكلت وحدات حماية الشعب في 2012 إبان الثورة السورية، لتتحول لاحقاً إلى نواة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في مواجهة تنظيم “داعش” وفصائل المعارضة، وأحياناً القوات الحكمية والميليشيات الإيرانية أيضاً.

7- هل سُنت قوانين وإجراءات محلية ضد الكرد لمنع التعبير عن هويتهم؟

في تركيا يحاكم النشطاء الكرد بقوانين تجرمهم بالإرهاب وتصل أحكامها إلى المؤبد أو لعشرات السنين، وتنتقد المنظمات الحقوقية الدولية سجل تركيا في هذا المجال، إلى جانب إنكارها لوجود الكرد في البلاد من خلال الدستور، فالجميع في البلاد أتراك ولا اعتراف بالعرق إلا العرق التركي، إضافة إلى حملات صهر قومي في فترات مختلفة بدأت بمنع التحدث باللغة الكردية والتعريف بهم كأتراك الجبال، وصولاً إلى إفراغ وحرق نحو 3 آلاف قرية كردية داخل تركيا بدعوى محاربة العمال الكردستاني.

 

 

أما إيران فإلى جانب حرمان الكرد من الانخراط في الحياة العامة كطرف كردي يجرم الناشطون بمعاداة الثورة الإسلامية، وغالباً ما يعدمون في السجون أو في الساحات العامة.

وفي العراق ظهرت حملات الأنفال تأسياً بسورة الأنفال في القرآن الكريم في عهد صدام حسين، وعلى إثرها جرى القضاء على 182 ألف كردي وإعدامهم جماعياً ودفنهم أحياء في صحراء السماوة وغيرها، إضافة إلى 8 آلاف من البارزانيين لقمع تمردهم على الحكومة، إضافة إلى الاستيلاء على أملاكهم وحرمانهم من الوظائف الحكومية وغيرها من الحقوق المدنية.

أما سوريا فلجأت إلى الأساليب والسياسات غير العنيفة في غالب الأحيان في مواجهة التطلعات الكردية، مثل تجريد مئات الآلاف منهم المواطنة السورية والاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية بدعوى التأميم وقانون استصلاح الأراضي، وتغيير ديموغرافية مناطقهم من خلال ما عرف بـ”الحزام العرف”، وتوطين عائلات فلاحية غمرت أراضيهم بعد تشييد سد الفرات وجلبهم إلى المناطق الكردية، ناهيك بحرمانهم من التملك وتثبيت معاملات زواج بعضهم، ومحاكمة الناشطين منهم بتهمة سلخ واقتطاع جزء من البلاد وإلحاقها بدولة أجنبية من دون ذرها في قرار الاتهام ومقصدهم بها “كردستان”.

8-  ما أبرز محطات المفاوضات بين الحكومات والأطراف السياسية الكردية؟

لعل أبرز القادة الأكراد الذين أتيحت لهم الفرصة لتداول قضيتهم مع حكام بلادهم كان الزعيم الكردي ملا مصطفى البارزاني الذي استطاع الاعتراف بقضيتهم مع عبدالسلام عارف وعبدالكريم قاسم وأحمد حسن البكر وصدام حسين، وكانت تدور حول نيل الكرد لحقوقهم القومية والحكم الذاتي، إلا أن جميع هؤلاء الحكام كانوا يتراجعون عن تنفيذ الاتفاق مع الأكراد.

بالنسبة إلى إيران جرت محادثات شهيرة بين ممثلي نظام ولاية الفقيه مع قادة حزب الديمقراطي الكردستاني في النمسا، لكن هذه المفاوضات السرية انتهت باغتيال الإيرانيين للفريق الكردي المفاوض الذي كان يقودهم في تلك الاجتماعات زعيمهم عبدالرحمن قاسملو، ولتكون النتيجة أن سقط قاسملو واثنين من مساعديه مضرجين بدمائهم، بدلاً من الاجتماع بنظرائهم السياسيين الإيرانيين واتهمت النمسا لاحقاً الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد بالضلوع في تلك العملية التي حدثت في فيينا في الـ13 من يوليو (تموز) 1989.

وفي تركيا كان للرئيس السابق تورغوت أوزال المبادرة في فتح باب الحوار مع حزب العمال الكردستاني عام 1993، ولاقت صدى لدى العمال الكردستاني الذي كان زعيمه عبدالله أوجلان مقيماً في دمشق، والتقى الوسطاء وأبرزهم جلال طالباني الرئيس العراقي السابق، إذ قبل أوجلان بالمبادرة والبدء بعملية سلام تنهي الصراع الدموي بين الطرفين، لكن المفاوضات لم تأت بنتيجة وسط تشدد قوميين أتراك ورفضهم، في حين أن أوساطاً أخرى شككت بموت أوزال المفاجئ ووصفوه بالاغتيال بمن فيهم أوجلان نفسه.

 

 

أما في سوريا فالقضية الكردية كانت طي أدراج النسيان لدى حكومات دمشق المختلفة، بما فيها حكم الأسد الابن والأب، ولم يجر حكام دمشق أية مفاوضات صريحة مع الزعماء الكرد في شأن قضيتهم، بل كانت تتعامل معهم أحياناً من خلال الأجهزة الأمنية وتتحاشى الارتقاء بالمسألة الكردية إلى أي مستوى سياسي رسمي.

9- ماهي الدول التي اعترفت بحقوق الكرد حتى الآن، وما هي الحقوق الممنوحة لهم قانونيا فيها؟

لا يحظى الأكراد في أي جزء من الأجزاء الأربعة بأي اعتراف بحقوقهم سوى في القسم العراقي منهم، إذ أدرج الشعب الكردي ولغته وحقوقه القومية في دستور البلاد عام 2005 وسنت قوانين بناء على ذلك، بما فيها منحهم حق حكم مناطقهم في إطار النظام الفيدرالي الاتحادي لشكل الدولة الجديد، بينما ما زال الكرد مستبعدين من أي اعتراف قانوني لا بحقوقهم الثقافية ولا السياسية، بما في ذلك سوريا التي شهدت ثورة شعبية وحرباً على مدار 13 عاماً وسقوط رئيس البلاد بشار الأسد.

10 – ماهي أفق حل القضية الكردية في الشرق الأوسط، وما السيناريوهات المحتملة في كل دولة؟

كثير من المراقبين يصفون القرن الحالي بأنه قرن القضية الكردية من حيث بروزها والاعتراف بها على مستوى العالم كقضية لأكبر قومية لا تحظى بحقوقها المشروعة، بما فيها حق تأسيس دولة خاصة بها أسوة ببقية الشعوب، فنموذج كردستان العراق بات ملهماً للكرد في الأجزاء الأخرى وغير مشجع لأطراف دولية كطرف فاعل وبناء داخل حدود بلده، فمشاركة الكرد في الحرب ضد الإرهاب خصوصاً في سوريا زادت من حظوظهم في الاعتراف بقضيتهم.

ففي تركيا الأكثر تعقيداً، تتجه الأنظار لخطاب مرتقب يوجهه زعيم العمال الكردستاني من محبسه الانفرادي في الـ15 من فبراير (شباط) 2025 لبدء مرحلة جديدة لحل القضية الكردي في تركيا بعد تلقفه دعوة من زعيم القوميين الأتراك دولت باهتشلي لنزع السلاح وصنع السلام، لكن الأمور تبدو محفوفة بأخطار عدم الاتفاق.

وبينما ترنو الأنظار نحو دمشق التي يقودها حالياً أحمد الشرع للوصول إلى اتفاق من دون إراقة للدماء مع قوات سوريا الديمقراطية قوامها الاعتراف بالشعب الكردي والأقليات في شمال وشرق سوريا والاتفاق على نظام لا مركزي، لا يزال الجزء الكردي في إيران الأبعد حالياً عن أي أفق لحل قضيتهم، على رغم وصول رئيس إصلاحي جديد تفوه بعبارات كردية ومعلومات تشير إلى أنه من أصول كردية.

نقلاً عن : اندبندنت عربية