فرض العصر الرقمي الذي نعيشه اليوم ضرورة الجلوس لساعات طويلة أمام الشاشات، خصوصًا بالنسبة للشباب، مما يشكل تهديدًا على الصحة ويؤدي إلى العديد من المشاكل الصحية، مثل الإجهاد المزمن. ورغم أن التكنولوجيا تقدم العديد من الفوائد، فإن الإفراط في استخدامها يشكل خطرًا كبيرًا على الصحة، حيث يُعتبر الجلوس الطويل أمام الشاشات والإجهاد المزمن من العوامل المحتملة التي قد تؤدي إلى الإصابة بالسرطان، وفقًا لما ذكره تقرير موقع “تايمز أوف إنديا”.

العلاقة بين الإفراط في الجلوس أمام الشاشات والإصابة بالسرطان

التعرض المفرط للشاشات، خاصة في الليل، يتداخل مع الإيقاع اليومي، حيث يعيق إنتاج الميلاتونين، وهو هرمون مهم لتنظيم النوم والوظائف المناعية. عندما يدخل الضوء المنبعث من الشاشات إلى شبكية العين، فإنه يثبط إنتاج الميلاتونين، مما يقلل من قدرة الجسم على مكافحة الخلايا السرطانية. وقد تم ربط انخفاض مستويات الميلاتونين بزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي والبروستاتا والقولون والمستقيم.

كما يؤدي تعطيل الإيقاع اليومي إلى زيادة الإجهاد التأكسدي والطفرات في الحمض النووي، مما يعزز تكوّن الأورام. كما يتسبب التعرض المزمن للشاشات في اضطراب عملية التمثيل الغذائي، ما يزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان نتيجة للالتهابات الجسدية وآليات إصلاح الخلايا المعطلة.

تأثير الإجهاد المزمن على تطور السرطان

يلعب الإجهاد المزمن دورًا رئيسيًا في تطور السرطان عبر تأثيره على تنظيم الغدة النخامية والكظرية، وزيادة إفراز هرمون الكورتيزول لفترات طويلة. هذا الهرمون يؤثر سلبًا على المناعة، من خلال تقليل قدرة الخلايا القاتلة الطبيعية والخلايا التائية على محاربة الأورام. كما يعزز الإجهاد طويل الأمد الالتهاب الجهازي، الذي يعزز نمو الأورام ويقوي مقاومتها للموت الخلوي، مما يجعل تقليل الإجهاد خطوة أساسية للحد من تطور السرطان وتحسين نتائج المرضى.

التأثير التآزري للوقت أمام الشاشات والإجهاد على الإصابة بالسرطان

يزيد الوقت الطويل الذي نقضيه أمام الشاشات، مع الإجهاد المزمن، من خطر الإصابة بالسرطان، خاصة بين الشباب. حيث يؤدي التعرض المطول للشاشات إلى الخمول البدني واضطراب الإيقاع اليومي، ما يثبط إنتاج الميلاتونين ويضعف الجهاز المناعي. في الوقت نفسه، يعزز الإجهاد المزمن مستويات الكورتيزول، مما يزيد من الالتهابات وتكوّن الأورام. هذا التفاعل بين العوامل يزيد من الإجهاد التأكسدي، حيث تتسبب أنواع الأوكسجين التفاعلية (ROS) في تلف الحمض النووي، مما يعزز الطفرات الجينية ويعجل بعملية شيخوخة الخلايا، مما يزيد من تعرضها للتحول السرطاني.

التدابير الوقائية ضد السرطان

من الضروري اتباع تغييرات في نمط الحياة لتقليل مخاطر الإصابة بالسرطان الناتجة عن الإفراط في استخدام الشاشات والإجهاد. يُعد تقليل الوقت المخصص لاستخدام الشاشات، خصوصًا قبل النوم، خطوة هامة لتنظيم الإيقاع اليومي وضمان نوم أفضل. بالإضافة إلى ذلك، تساهم ممارسة التمارين الرياضية المنتظمة في تقليل التوتر وتقوية الجهاز المناعي، مما يحد من احتمالات الإصابة بالسرطان. ويعتبر تعلم تقنيات إدارة الإجهاد، مثل اليقظة والتأمل والاسترخاء، من الطرق الفعالة لتقليل مستويات الكورتيزول ومن ثم تقليل مخاطر الإصابة بالسرطان.