جلست “منى” على المقعد داخل قاعة المحكمة، وهي تنظر حولها بعينين متعبتين، في يدها ورقة دعوى الخلع التي لم تكن تتخيل يومًا أنها ستضطر إلى تقديمها، لقد مرت سنوات من الصبر والتحمل، لكنها الآن قررت أن تضع حدًا لحياتها المليئة بالآلام والإحباطات.
منى، فتاة عشرينية كانت تحلم بحياة زوجية هادئة ومستقرة، ارتبطت بـ”سعيد”، الذي بدا شخصًا مثاليًا في بداية علاقتهما، كان وسيمًا ومفعمًا بالحيوية، أقنعها بحبّه ووعوده بحياة سعيدة، فوافقت على الزواج منه، ولكن مع مرور الوقت، بدأت الأقنعة في السقوط.
لاحظت تغيرات سلوكه شيئًا فشيئًا، كانت تعود من عملها لتجده غارقًا في النوم أو عائدًا إلى المنزل في وقت متأخر بعيون متثاقلة وتصرفات مريبة، حاولت التغافل وإقناع نفسها أن الأمر مؤقت أو بسبب ضغط عمله، لكن الحقيقة بدأت تتكشف تدريجيًا.
بعد مرور 5 أعوام على زواجهما، اكتشفت منى أن سعيد مدمن تعاطي المخدرات، فقررت ان تواجهه بالحقيقة لتثنيه عن ذلك الطريق، لكنه أنكر في البداية وتشاحر معها، ثم اعترف قائلاً: “مجرد وسيلة للتخلص من ضغوط الحياة، لن يؤثر ذلك عليكِ أو على حياتنا”.
مع الوقت، ازدادت حالته سوءًا وأهمل عمله، كان يطلب منها المال بشكل متكرر بحجج واهية، وعندما ترفض، تتحول طلباته إلى تهديدات أو مشاجرات ساخنة معها، لم يكن ذلك فقط هو المأساة؛ بل اكتشفت أيضًا خيانته المتكررة، رسائل ومكالمات على هاتفه، وتصرفات كشفت عن وجود علاقات متعددة مع نساء أخريات.
حاولت منى إصلاح الأمر بكل الطرق الممكنة، لجأت إلى عائلته طلبًا للمساعدة، لكنهم كانوا يبررون أفعاله بحجة أنه “يمر بمرحلة صعبة”.
دخل الزوج في برامج علاج الإدمان أكثر من مرة، لكنه دائمًا ما كان يعود إلى عاداته القديمة.
ذات ليلة، وبينما كان الزوج غائبًا كعادته، جلست منى وحيدة في غرفتها تحت وطأة التفكير، نظرت إلى ابنهما الصغير النائم بجوارها، وعيناها مغرورقتان بالدموع. سألت نفسها: “كيف سيكبر طفلي في هذه البيئة؟ ما المستقبل الذي ينتظره؟”.
في اليوم التالي، حسمت أمرها وذهبت إلى المحامي لتقديم دعوى خلع، قررت أن تنقذ ما تبقى من كرامتها وحياة ابنها.
عندما علم سعيد بقرارها، ثار غضبًا وحاول تهديدها لمنعها، لكن هذه المرة كانت مختلفة، منى لم تعد تلك المرأة الضعيفة التي تخشى المواجهة، وقفت أمامه بثبات وقالت: “تحمّلتك بما يكفي، ولكني الآن أختار حياتي ومستقبل ابني بعيدًا عن هذا الجحيم”.
الزوجة تسرد مأساتها
أمام القاضي، سردت منى قصتها بشجاعة، كانت تعلم أن طريقها القادم لن يكون سهلاً، لكنها كانت على يقين أن قرارها هذا هو البداية لحياة جديدة، لم تكن تريد شيئًا من زوجها سوى الخلاص، لتعيش بسلام مع ابنها وتبني حياة تستحقها.
خرجت من قاعة المحكمة بابتسامة خافتة تحمل الأمل، طوت صفحة مؤلمة من حياتها وبدأت في كتابة صفحة جديدة عنوانها: ”الحرية والقوة”.
نقلاً عن : الوفد