يحلُّ علينا شهر رمضان بنفحاته الإيمانية وروحانياته العطرة، حاملاً معه فرصةً عظيمةً للتقرب إلى الله وتطهير القلوب والجوارح من الذنوب والمعاصي.
ولعلّ من أهم معاني الصيام الحقيقية التي يغفل عنها كثيرون، أنه ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب من الفجر حتى المغرب، بل هو تربيةٌ للنفس، وتهذيبٌ للأخلاق، وصيامٌ عن كل ما يُغضب الله.
الصيام عن المعاصي أولى من الصيام عن الطعام
يؤكد النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف أهمية الالتزام بالأخلاق الحميدة أثناء الصيام، حيث قال: «من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة بأن يدع طعامه وشرابه». وهذا يدل على أن الصوم لا يقتصر على الجوع والعطش، بل يجب أن يشمل الامتناع عن الكذب، والغيبة، والنميمة، والغش، وكل صور الفساد الأخلاقي، وإلا فقدَ الصيام جوهره الحقيقي.
رمضان.. مدرسة للتهذيب والتقوى
الصيام الحقيقي يُعلّم الإنسان الصبر والانضباط، ويهذب النفس عن الشهوات والرغبات السيئة، كما يساعد المسلم على مراقبة سلوكياته، وتصحيح عاداته، والالتزام بأوامر الله، فيتحول رمضان إلى محطةٍ روحانيةٍ للتغيير الإيجابي.
كيف نصوم صيامًا حقيقيًا؟
لتحقيق المعنى الحقيقي للصيام، يجب على المسلم:
- ضبط اللسان: تجنُّب الكذب، والغيبة، والجدال العقيم، والحفاظ على الكلام الطيب.
- التحكم في الغضب: الصيام فرصةٌ لاكتساب الحِلم والتسامح، فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم: «فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني صائم».
- غض البصر: الابتعاد عن كل ما يثير الشهوات، وحفظ الحواس من المعاصي.
- الإكثار من الطاعات: مثل قراءة القرآن، والذكر، والصدقة، ومساعدة المحتاجين، لنيل رضا الله وثوابه العظيم.
الصوم طريقٌ للفلاح في الدنيا والآخرة
شهر رمضان فرصةٌ ذهبيةٌ لكل مسلمٍ يريد أن يجدد علاقته مع الله، ويبدأ صفحةً جديدةً نقيةً من الذنوب والمعاصي. فمن صام رمضان بجوارحه قبل بطنه، وراقب الله في أقواله وأفعاله، نال بركة الصيام، وخرج من رمضان بنفسٍ مطمئنة، وروحٍ طاهرة، وقلبٍ مليء بالإيمان.
ادعية لاستقبال رمضان
اللهم اجعل صيامي في رمضان صيام الصائمين، وقيامي فيه قيام القائمين، ونبّهني فيه عن غفلة الغافلين، وهب لي فيه الرحمة والمغفرة، وتقبله مني بقبول حسن يا أكرم الأكرمين.
اللهم اجعل لي في رمضان نصيبًا من رحمتك، واغفر لي ذنوبي، واعتق رقبتي من النار، واجعلني من المقبولين، ووفقني فيه لقيام الليل وقراءة القرآن بخشوع.
اللهم ارزقني في هذا الشهر الكريم قلبًا نقيًا، ولسانًا ذاكرًا، وعملًا متقبلًا، واغسلني فيه من الذنوب والخطايا، واجعلني من الفائزين بليلة القدر.
اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، ووفقني لصيام رمضان إيمانًا واحتسابًا، واجعل لي فيه دعوة لا تُرد، وبارك لي في وقتي ورزقي وأهلي.
اللهم تقبل صيامنا وقيامنا، واجعلنا فيه من العتقاء من النار، واغفر لنا ولوالدينا وأحبابنا، وأعد علينا رمضان أعوامًا عديدة ونحن في صحة وعافية.
اللهم آمين.
نقلاً عن : الوفد