أطلقت المفوضية المصرية للحقوق والحريات ورقة بحثية جديدة تناقش واحدة من أكثر القضايا العقارية تعقيدًا في مصر: نظام الإيجار القديم، الذي تحيط به إشكاليات قانونية واقتصادية واجتماعية متشابكة، نتيجة تراكمات تاريخية لم تُحلّ منذ عقود.

أزمة الإيجار القديم

تُسلط الورقة الضوء على التحديات التي يفرضها هذا النظام على العلاقة بين الملاك والمستأجرين، وتكشف عن تأثيراته الممتدة على سوق العقارات، والاستقرار السكني، خاصة للفئات المتوسطة ومحدودة الدخل. كما تحذر من مخاطر الإخلاء القسري وتدخلات شركات الاستثمار العقاري التي تسعى للهيمنة على العقارات القديمة، خاصة في المناطق ذات القيمة المرتفعة.

وتُشير الورقة إلى أن النظام ساهم في توفير سكن ميسور لحوالي 1.6 مليون أسرة، لكنه في الوقت نفسه فرض قيودًا كبيرة على الملاك، الذين حُرموا من العائد العادل على ممتلكاتهم بسبب تثبيت القيمة الإيجارية لعقود.

ومع غياب تحرك تشريعي حاسم، تتسع الفجوة بين الإيجارات القديمة والأسعار السوقية، ما يُهدد مستقبل العلاقة الإيجارية إذا لم تُوضع حلول متوازنة تحمي حق السكان في السكن من جهة، وحقوق الملاك من جهة أخرى.

وفي نهاية الدراسة، تطرح المفوضية حزمة من التوصيات العملية، من بينها:

  • اعتماد زيادات تدريجية تتماشى مع معدلات التضخم والدخل.
  • إنهاء توريث العقود الإيجارية مع استثناء الزوجة لفترة انتقالية.
  • تحرير الوحدات الشاغرة تدريجيًا بضوابط عادلة.
  • تقييد إنهاء العقود في العقارات المشغولة دون توفير بدائل سكنية.
  • إنشاء صندوق دعم حكومي للإيجارات يتضمن إعفاءات ضريبية للملاك.

تأتي هذه التوصيات في محاولة لإيجاد توازن واقعي ومنصف بين مختلف الأطراف، ضمن مسعى لإصلاح عمراني وتشريعي طال انتظاره.