يحتفظ عدد من البلدان الأفريقية باحتياطات عملات كبيرة للتخفيف من الصدمات الاقتصادية ودعم الواردات والحفاظ على صدقيتها المالية على الساحة الدولية.

ويشير حجم الاحتياطات لدى عدد من البلدان نهاية عام 2024 إلى صورة إيجابية للغاية على رغم البيئة العالمية الصعبة، إذ كان لارتفاع أسعار السلع الأساس خصوصاً النفط الخام تأثير إيجابي في عائدات التصدير وميزان المدفوعات في عديد من الدول الأفريقية.

وأدت التدفقات المالية المستمرة إلى تعزيز الوضع الاحتياط للقارة، مدفوعة أيضاً بالمشاريع الجديدة والدعم من المؤسسات المالية التنموية وتحسين تحويلات المغتربين وتدفق السياح وتحويلاتهم.

ليبيا في المقدمة

وحافظت بلدان عربيان على مكانتهما على رأس القائمة وهما ليبيا والجزائر، في حين سجلت مصر وتونس إضافة إلى المغرب حضورها في المراتب الـ10 الأولى.

وجاءت ليبيا في أعلى الترتيب الأفريقي باحتياطات عملات كبيرة بلغت 80.7 مليار دولار، وظل احتياطها من الذهب دون تغيير عند 146.65 طن خلال الربع الأول من عام 2024 مقارنة بـ146.65 طن خلال الربع الرابع من عام 2023، وبلغ متوسط ​​احتياط الذهب داخل ليبيا 131.36 طن خلال الفترة من عام 2000 إلى عام 2024.

وعلى رغم أن هناك عدم استقرار سياسي وتفشي الصراعات الداخلية فإن ليبيا تمكنت من الحفاظ على احتياطات مرتفعة نسبياً من العملات، بفضل إنتاجها وصادراتها النفطية على نطاق واسع.

واستخدم مصرف ليبيا المركزي هذه الاحتياطات لتحقيق التوازن، خصوصاً خلال فترات التقلب في أسعار النفط العالمية التي شهدتها عام 2024.

وتمتلك الجزائر ثاني أكبر احتياط في القارة بقيمة 72 مليار دولار، بعد أن ارتفعت احتياطاتها من النقد الأجنبي إلى 64.5 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2024 مقارنة بـ64.3 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2023، وبلغ متوسط ​​احتياطات الجزائر من النقد الأجنبي 90.8 مليار دولار أميركي في الفترة الممتدة من عام 2013 إلى عام 2024، مسجلة مستوى قياسياً قدره 194.9 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2014، بينما أدنى مستوى تاريخي لها كان 43.4 مليار دولار مستهل عام 2021.

وتعتمد الجزائر على عوامل عدة بما في ذلك أسعار المحروقات وفاتورة الواردات، إذ أعلن وزير المالية الجزائري لعزيز فايد ارتفاع احتياطات النقد الأجنبي لبلاده 4.4 في المئة خلال عام 2024 من 69 مليار دولار نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2023.

بينما أشار بنك الجزائر في تقريره الذي نشره خلال أغسطس (آب) 2024 إلى أن احتياطات البلاد من النقد الأجنبي ارتفعت 8 مليارات دولار عام 2023، إذ بلغت نهاية العام 68.9 مليار دولار مقابل 60.9 مليار دولار نهاية عام 2022.

حوكمة وفائض

وانتهجت الجزائر سياسة مالية تعتمد على خفض الواردات بعد أن بلغت مستويات قياسية سابقاً وصلت إلى 60 مليار دولار، مما يمثل ضغطاً على ميزان الدفوعات ونهجاً للرفع من المخزون وفق المتخصص في الشأن الاقتصادي بوبكر السلامي، الذي قال لـ”اندبندنت عربية” إن “مخزون الجزائر من العملات يوفر 16 شهراً من التوريد نتيجة سياسة اقتصادية اعتمدت بعض التشديد، ومكنت من صعود الاحتياط من 46 مليار دولار في أدنى مستوياته خلال أعوام سابقة إلى أكثر من 70 مليار دولار”.

وأضاف “هو مؤشر إلى تفوق الصادرات على الواردات على رغم احتكامه إلى وضعية ميزان المدفوعات وعدم اقتصاره على الميزان التجاري”، مستدركاً “لكن في بعض الأحيان هو ناتج من ارتفاع أسعار المواد المصدرة في الأسواق العالمية فحسب، ويظل مؤشراً إيجاباً ونتيجة الحوكمة الاقتصادية، فهو رصيد الفارق ما بين المدفوعات والإيرادات من العملة الصعبة”.

وأشار السلامي إلى أن أول مؤثر في ذلك هو حجم الصادرات ثم الإيرادات السياحة وتحويلات المغتربين مقابل الواردات، ثم الالتزامات المالية الخارجية من مدفوعات متنوعة مثل خدمة الدين، وفي آخر المطاف هو ما ادُّخر من العملات مقابل الالتزامات المالية بالعمليات التجارية وخارجها التي ليست لها صفة تجارية، وهو مرآة ميزان الدفوعات”.

وبالنظر إلى مكونات الإيرادات من العملات إضافة إلى الصادرات، بلغت تحويلات المغتربين نحو ملياري دولار عام 2024، ثم فوائد الودائع.

وقال السلامي “مثلاً الجزائر لديها 5 مليارات دولار ودائع لدى صندوق النقد الدولي تجني منها كل عام فوائد، وسجل الميزان التجاري فائضاً 10 مليارات دولار خلال العام الماضي، مقارنة بـ5 مليارات دولار عام 2023″، مضيفاً “هي من ثمار سياسة الضغط على النفقات وتنمية الصادرات، وإن كان الاقتصاد الجزائري مبنياً على المحروقات وهي طاقات مطلوبة في كل الأسواق ولا تعد دليلاً على قوة الاقتصاد، لكن خلال عام 2024 مقارنة بالسابق ارتفعت صادرات الجزائر بخلاف المحروقات بـ7 مليارات دولار”، قائلاً “هذا دليل على انتعاش وزيادة الطلب على المنتجات”، مشيراً إلى انخفاض الواردات من 10 مليارات دولار عام 2023 إلى أقل من 5 مليارات دولار عام 2024، بعد الاستغناء عن بعض الواردات أو الخدمات، مما يعكس إعادة حوكمة التوريد الذي تجاوز خلال الأعوام السابقة 60 مليار دولار، مما يعد مؤشراً إيجاباً على سياسة تشديد القيود على الواردات والتصرف في الموارد من العملات أدى إلى استعادة المخزون لمستوياته.

إلى ذلك، تكتمل المراكز الثلاثة الأولى بجنوب أفريقيا، وتمتلك الدولة الأكثر تصنيعاً في القارة وأكبر اقتصاد في أفريقيا احتياطات خارجية تبلغ 65.4 مليار دولار.

وانخفض إجمال احتياطات النقد الأجنبي في جنوب أفريقيا بصورة طفيفة إلى 65.459 مليار دولار خلال ديسمبر 2024 من 65.859 مليار دولار خلال الشهر السابق، وهو أعلى مستوى منذ عام 1998.

وعن اقتصاد جنوب أفريقيا قال السلامي “لا يواجه هذا البلد صعوبات متعلقة بمدخراته من العملات بحكم اقتصاده المعتمد على تصدير السلع من معادن ومواد زراعية وإلكترونيات، إذ اعتمدت الحكومة على سياسة التشديد النقدي بتمسكها بنسبة فائدة رئيسة عند 7.75 في المئة، حفاظاً على التوازنات المالية في ظل صعوبات رافقت أداء الاقتصاد الذي لم يتجاوز 0.3 في المئة من النمو خلال الربع الثالث من 2024”.

مصر في المرتبة الرابعة

أما الدولتان الأكثر اكتظاظاً بالسكان داخل أفريقيا، مصر ونيجيريا، فتحتلان المرتبتين الرابعة والخامسة على التوالي من حيث احتياطات النقد الأجنبي.

وسجل مخزون مصر ارتفاعاً ليصل إلى 47.109 مليار دولار خلال ديسمبر 2024، مقارنة بـ46.952 مليار دولار خلال نوفمبر 2024. وزاد إلى 46.940 مليار دولار أميركي خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2024 من 46.740 مليار دولار أميركي خلال سبتمبر (أيلول) 2024.

وبلغ متوسط ​​احتياطات مصر من النقد الأجنبي 24.597 مليار دولار خلال الفترة من عام 1992 إلى عام 2024، ووصلت إلى أعلى مستوى تاريخي خلال ديسمبر 2024 بينما كان أدنى مستوى قياسي للبلاد بلغ 880 مليون دولار في يونيو (حزيران) 1992، وفق بيانات البنك المركزي المصري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبلغت احتياطات النقد الأجنبي في نيجيريا 39.7 مليار دولار خلال أكتوبر 2024 مقارنة بـ38.3 مليار دولار في سبتمبر 2024.

وبلغت متوسطاً قدر بـ13.8 مليار دولار خلال الفترة من عام 1960 إلى عام 2024، لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 62 مليار دولار عام 2008، بينما كان أدنى مستوى لها عند 63.22 مليون دولار خلال يونيو 1968.

وتعاني أبوغا على رغم احتياطاتها الكبيرة من أجل الحفاظ على أسعار صرف مستقرة والحد من التضخم، بسبب اعتمادها المفرط على عائدات النفط التي تبلغ 27.4 مليار دولار.

المغرب وتونس

واحتل المغرب وتونس المركزين السادس والثامن على التوالي، ويمتلك المغرب احتياطات تقدر بـ36.7 مليار دولار تولدها بصورة خاصة قطاعات الزراعة والتعدين والتصنيع.

وارتفعت احتياطات النقد الأجنبي في المغرب إلى 36.7 مليار دولار خلال شهر سبتمبر 2024، مقابل 36.3 مليار دولار في مايو (أيار) 2024.

وبلغ متوسط ​​احتياطات النقد الأجنبي في المغرب 20 مليار دولار خلال الفترة من عام 2000 إلى عام 2024، مسجلة مستوى قياسياً قدره 37 مليار دولار خلال مايو 2024، بينما حقق المغرب أدنى مستوى من الاحتياط بقيمة 5.2 مليار دولار خلال يناير (كانون الثاني) 2001.

أما احتياطات تونس التي وردت في المرتبة الثامنة داخل القارة فتبلغ 27.39 مليار دينار (8.7 مليار دولار) حتى يناير 2025، وهي مستقرة بفضل الاقتصاد المتنوع الذي يشمل السياحة والزراعة والتصنيع.

وارتفعت احتياطات النقد الأجنبي في تونس إلى 8.6 مليار دولار خلال سبتمبر 2024 مقارنة بـ8.5 مليار دولار خلال أغسطس 2024.

وبلغ متوسط ​​احتياطات النقد الأجنبي في تونس 4.32 مليار دولار من عام 2002 إلى عام 2024، لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق خلال سبتمبر 2023 عند 8.914 مليار دولار، بينما كان أدنى مستوى لها عند 680 مليون دولار خلال مارس (آذار) 2002.

نقلاً عن : اندبندنت عربية