منذ سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024 انطلق السوريون إلى الساحات والشوارع، ليس في دمشق وغيرها من المدن السورية وحسب، وإنما في كل مدن العالم حيث يوجدون ضمن جاليات أو كلاجئين، ليحتفلوا بالحرية ويصرخوا بأعلى صوتهم منددين بعقود من الظلم والاستبداد، وآملين في سوريا حرة وآمنة في المستقبل القريب.

آخر هذه الاحتفالات أقيم في لندن أمس الأحد، حين نظم أكبر مهرجان احتفالي خارج سوريا، لمناسبة تحقيق أهداف الثورة والبدء في بناء الدولة الجديدة، ولاقى إقبالاً جماهيرياً واسعاً.

من الجهات المنظمة؟

نظم الفعالية كل من “حملة التضامن السورية في بريطانيا” التي أُسست لتكون صوت الثورة في الغرب، و”المجلس السوري البريطاني” الذي أُسس عام 2009 بهدف تزويد المجتمع البريطاني بالمعلومات الموثوقة عن الثورة السورية وتقديم الدعم للسوريين في المملكة المتحدة، و”مؤسسة SCAN UK” وهي منظمة خيرية تهدف إلى تقديم الدعم والرعاية للمجتمع السوري في بريطانيا، إضافة إلى دعم المشاريع الإنسانية في الداخل السوري.

كذلك أسهم بالتنظيم والتجهيز للحدث موقع “العرب في بريطانيا” الإعلامي المستقل، الذي يعنى بقضايا الجالية العربية في المملكة المتحدة، ومؤسسة “العمل لأجل الإنسان” (Action for Humanity / Syria Relief)، وهي مؤسسة إنسانية رائدة أُسست لدعم المدنيين السوريين المتضررين من النزاع، وتعمل على تقديم المساعدة الإغاثية في مجالات الرعاية الصحية والتعليم والمياه والإصحاح والمواد الغذائية.

 

لماذا نُظم الحفل؟

في لقاء مع “اندبندنت عربية”، تحدث مؤسس “حملة التضامن السورية” عضو “المجلس السوري البريطاني”، عبدالعزيز الماشي، عن تلك اللحظة التاريخية التي لا يزال السوريون إلى اليوم عاجزين عن تصديقها، وهي لحظة، لا بد من تمجيدها والاحتفال بها دائماً.

وقال “على مدى الـ14 عاماً الماضية عملنا في ’حملة التضامن‘ من أجل هذه اللحظة التي لا يمكننا وصفها أبداً. لقد عشنا فترات يأس وإحباط بالفعل، لكن الأمل بقي موجوداً. واليوم سوريا حرة، لذا أردنا أن نحتفل بالثورة ونغني ونرقص من أجلها، وهو أقل ما يمكننا أن نفعله”.

كذلك أشار الماشي إلى أنه كان من الضروري أيضاً أن نصرخ بأصواتنا العالية ونحن نتحدث عما كابده السوريون في رحلات اللجوء الطويلة والقاسية والقاتلة في كثير من الأحيان، وكان لا بد من أن تسترجع ذواكرنا ما كان يحدث داخل المعتقلات، هناك حيث دفع آلاف السوريون ثمناً لحريتنا اليوم.

من جهة أخرى، اليوم في بريطانيا، ومثلها في الدول الأوروبية، فإن اللاجئين السوريين لا يستطيعون زيارة سوريا للاحتفال على أرضها من دون أن يفقدوا حق لجوئهم؛ ومن أجل هؤلاء يقول الماشي إنهم يقيمون الاحتفالات، فحتى لو لم تكن في سوريا من حق السوري أن يحتفل بالحرية.

هنا يشير الماشي إلى أن “المجلس السوري البريطاني” يعمل على حملة كاملة بهذا الخصوص، وتواصلنا بالفعل مع وزارتي الداخلية والخارجية في المملكة المتحدة، للوصول إلى إجراءات تمكن السوريين اللاجئين من زيارة بلدهم الأم من دون أن يفقدوا إقامتهم البريطانية.

وبالعودة إلى حفل أمس في لندن، يؤكد أنه بيعت 2500 تذكرة، إضافة إلى حضور نحو 700 شخص بين ضيوف ومنظمين وعاملين. فيما لم يتمكن نحو 2000 شخص من الحضور وبقوا على قائمة الانتظار، مما استدعى التفكير في تنسيق احتفال آخر في القريب المقبل، وتكون أولوية الحضور لمن لم يحالفهم الحظ في المرة السابقة.

ماذا تضمن الاحتفال؟

في قاعة Byron Hall بالعاصمة البريطانية بدأ الحفل بعرض مقطعي فيديو قصيرين، الأول اختصر بمشاهده الوضع في سوريا قبل وبعد الثورة، فيما استعرض الفيديو الثاني تأسيس “حملة التضامن السورية” وتاريخها في دعم الثورة.

وبعد كلمة المشرفين على الحدث التي تناولت معاناة الشعب السوري في الـ54 عاماً الماضية تحت حكم عائلة الأسد، واستحضرت ما بذله المعتقلون والشهداء خلال فترة الثورة السورية، بدأ الفنان سميح شقير وصلة غنائية ثورية، مع أغنيته “يا حيف” التي أطلقها عام 2011، كمواكبة حية وحقيقية لبداية انتفاضة أبناء بلده، إذ دانت كلماتها جرائم النظام في حق أطفال درعا.

إلى جانب شقير، قدم الفنان يحيى حوى باقة متنوعة من الأناشيد والأغاني، جسدت ما قاساه الشعب السوري وأعلنت آماله في الحرية. وصدحت حنجرة وصفي المعصراني، صاحب الأغاني الثورية التي لامست قضايا الثورة، وكانت عبارة عن مزيج من الفلكلور السوري الشعبي، بكلمات تغني للحرية وتستعيد ذكريات التظاهرات مع الساروت وطارق الأسود.

تضمن الاحتفال أيضاً حملة جمع تبرعات لدعم المشاريع الإنسانية التي تُشرف عليها Syria Relief داخل سوريا، رافقها عرض فيديوهات توضح الأثر الذي تركته هذه المشاريع في حياة السوريين. وكان فرصة جيدة لتكريم المنظمات والمؤسسات التي عملت بجهد منذ عام 2011، من أجل حياة السوري وكرامته.

كيف نُظم؟

تبين راميا يحيى، صحافية سورية وإحدى المنظمين المتطوعين أن تنظيم الاحتفال منذ بدء التخطيط له استلزم من الفريق نحو شهر تقريباً. وعلى رغم أن عدد أعضاء الفريق ليس كبيراً، فقد انضم أكثر من 60 متطوعاً كمشرفين وعاملين في هذه الاحتفالية، مما ساعد في إنجازها بصورة رائعة.

وتشير يحيى إلى أن الإقبال الشديد كان لافتاً بالفعل، ففي حين أن الحياة الاجتماعية في لندن ليست بحالها الجيدة كما هو معروف، إلا أننا اضطررنا إلى إبقاء نحو 2000 شخص على قائمة الانتظار، ممن كانت لديهم رغبة كبيرة في حضور الاحتفالية.

أما عن سهولة الحصول على موافقات من الحكومة البريطانية، فأوضحت أن الجالية السورية ببريطانيا لها ثقلها الاجتماعي، وأنهم لم يواجهوا أبداً أية عوائق أو مشكلات أثناء التنظيم، عدا عن أن الحفل حضره أيضاً بريطانيون وأوكرانيون، ونحو 60 شخصاً حضروا بصفة رسمية من منظمات مثل الأمم المتحدة.

نقلاً عن : اندبندنت عربية