قالت مصادر في جامعة الدول العربية إنها تراقب الشأن السوري، إلا أن حسم شرعية قادة سوريا الجدد ليس محسوماً بالنظر إلى تصنيف بعضهم على لائحة العقوبات الدولية، تستدعي نظر مجلس الأمن.
وقال المصدر الأول في تصريحات إلى “اندبندنت عربية” إن المحادثات لا تزال في طورها الأول “ولم يحدث أي تطور بعد اجتماع لجنة الاتصال في عمان، ولاحظنا أن الأطراف الجديدة في سوريا أبدت تحفظها، بدلاً من تشجيع المسار المقترح”.
أما بالنسبة إلى اعتراف الجامعة بالحكام الجدد ولا سيما قائد العمليات العسكرية أحمد الشرع فإن المصدر أضاف “لا نتكلم عن الأشخاص، ولكن عند الحديث عن تنظيم معين أو كيان معين فإنه حتى يطبع وضعه بصورة قانونية لا بد أن ترفع عنه العقوبات، نحن لم نبرح هذه النقطة بعد، هذا هو الوضع الحالي”، مؤكداً أن “المسألة ليست شخصية ولا يجب أن تشخصن. حتى يكون المعني شخصاً عادياً لا بد لمجلس الأمن أن يراجع هذه العقوبات وينظر فيها ليقوم بإسقاطها”.
إلغاء المكافأة الأميركية لا يكفي
وكان الشرع سُئل في عدة لقاءات معه عن هذه الجزئية وقلل من شأنها، إذ يرى التصنيف مسيساً من دون صدقية وأن ما يهمه موقف السوريين قبل الآخرين. لكن مسؤولين أميركيين اعتبروا رفع التصنيف عن الهيئة عملية معقدة قد تستغرق أشهراً، على رغم مبادرتهم بإلغاء المكافأة المرصودة للإبلاغ عنه، تزامناً مع عقد اجتماع في دمشق مع قيادات في الخارجية الأميركية.
وعند سؤال المصدر المسؤول عما يجعل الجامعة العربية تتردد في الانفتاح على السوريين فيما الأميركيون والأوروبيون والأتراك يقومون بذلك، أجاب “هذا يعود إلى قرار الدول ونظرتها إلى الأمر، هي لم تجلس حتى الآن حول الموضوع، حين تحب الدول أخذ القرار الموحد فإن لذلك قنوات، والذي يحدث في مثل هذه الظروف أن التوافق يسمح بتقدم الإجراءات حتى وإن لم يحدث إجماع، بمعنى أنه لو حدث أن دولة تحفظت فإنها لن تقف ضد قرار المجموعة”، مؤكداً أنه في “كل الأحوال سيتطلب الأمر (تطبيع العلاقة) العرض على الدول الأعضاء قبل اتخاذ القرار”.
لا توجه لقمة عربية طارئة
وفي اتصال هاتفي مع مساعد الأمين العام السفير حسام زكي قال أيضاً في تصريح خاص لـ”اندبندنت عربية” إن الحدث في سوريا “جلل، لا بد فيه من استمزاج رأي دول كثيرة، ولا سيما الدول المعنية أكثر من غيرها مثل الجوار”، جاء ذلك رداً على التهم القائلة بأن الجامعة تجاهلت التغيير في دمشق ولم تواكبه، مثل المتوقع.
وهل هناك توجه لعقد قمة عربية استثنائية؟ أضاف “لم أرصد أي توجه لعقد قمة عربية طارئة. هناك أحداث كبيرة تحصل أمامك لها تداعيات، ثم تحصل تطورات جديدة، بالتالي التسرع في الحكم ليس محموداً، تحتاج إلى تروي من دون بطء في اتخاذ القرار، كي لا تضطر لاتخاذ قرار تتراجع عنه”.
مقعد سوريا جاهز
ولفت السفير إلى أن آليات اتخاذ القرار في الجامعة لها أعراف وتقاليد، فبالنسبة إلى “عقد اجتماع بخصوص سوريا، فإن الآلية تقتضي أن يطلب أحد ذلك، وهذا ما لم يحدث حتى الآن”، مشيراً إلى أن المنطق يقتضي أن يطلب مندوب سوريا أو ممثلها ذلك الاجتماع، ثم يتم تداول الأمر. وتوقع أن يكون تعيين وزير الخارجية الجديد في سوريا أسعد حسن الشيباني مساعداً في خلق قناة تواصل رسمية بين دمشق والجامعة.
وهل هناك إجراءات ضرورية قبل استقبال وفد سوريا الجديدة في الجامعة؟ يجيب زكي بأن “النظام الجديد حتى يأتي لا بد أن يقدم نفسه، وحينها سيحصل نقاش بين الدول الأعضاء، والقرار الذي يتخذ يكون هو المعتمد”، لكنه استدرك بأن عودة دمشق إلى الجامعة في قمة جدة 2023 “لا رجعة عنها”، في إشارة إلى أن تلك العودة لا تزال سارية المفعول، على رغم سقوط النظام السابق.
وأضاف “سوريا موجودة، تمارس نشاطها مثل أية دولة أخرى منذ قمة جدة. ليس الإشكال عدم التمثيل، أو من الذي يمثل”.
وكان بين الانتقادات التي وجهت إلى الجامعة سماحها بعودة النظام إلى إشغال مقعد سوريا بعد تجميده من دون اتخاذ الأسد خطوات إصلاحية ملموسة مع وعده بها، إلا أن تلك الخطوة من المتوقع أن يقطف ثمارها الثوار الآن، بعد أن كشفت الجامعة عن أن إشغالهم مقعد الدولة لا يحتاج إجراءات كتلك التي سبقت عودة الأسد.
الموقف يتطلب نقاشاً
وسألت “اندبندنت عربية” مصادر عدة على صلة بالجامعة إلا أن السفير حسام زكي الوحيد الذي أذن بذكر اسمه، إذ لم يجد حرجاً في الإقرار بأن المواقف العربية ليست على درجة واحدة من الحماسة للإدارة الجديدة في دمشق، “فهناك من يدفع بالإسراع إلى احتضان قادة التغيير، وهناك دول أخرى لم تتكلم وأخرى تقول لا بد أن نحتضن، لكن من الذي يضمن أن الموجودين على الشاشات يمثلون كل السوريين أو النظام الجديد ككل، هل ما يجري الآن على الأرض هو المطلوب أم أن هناك إجراءات أخرى ينبغي أن تتخذ”، مؤكداً أن المؤشرات “واضحة في أن ذلك قصة تحتاج إلى نقاش مستفيض بين الدول”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت مجموعة الاتصال العربية في شأن سوريا قامت باجتماع في الأردن، خلص إلى “الوقوف مع الشعب السوري وتقديم كل العون والإسناد له واحترام إرادته وخياراته”، إلا أن القادة الجدد في سوريا رأوا فيه إقصاء لهم، إذ عقد اللقاء من دون أخذ رأيهم في الاعتبار على حد قولهم، ولا سيما في الدعوة إلى تطبيق القرار الأممي 2245 الذي علق عليه أحمد الشرع والمتحدثون في حكومته بأنه لم يعد متسقاً مع الحال السورية الراهنة، فهو كان مبيناً على طرفي النظام والمعارضة، والآن أصبح الطرف المعني واحداً.
رسالة “القصر الجمهوري”
وتشير المصادر إلى أن موقف دمشق من البيان خفف من حماسة بعض الدول في الانفتاح على قادة الثورة، إلا أن الاتصالات الثنائية كانت أقل تردداً لا سيما مع السعودية التي رحبت بالتغيير، ودعت إلى عدم التدخل في شؤون سوريا الداخلية.
لكن تقارير أجنبية ترى في فتح الشرع أبواب القصر الجمهوري واستقبال الوفود فيه إشارة إلى استعجال فرض نفسه رئيس أمر واقع لسوريا، على رغم تأكيده أن الشعب السوري هو من سيقرر ذلك أو لا يفعل بعد الانتخابات.
وتردد أن الوفد الأميركي رفض عقد اللقاء معه في القصر كي لا يعني اعترافاً ولو رمزياً به كرئيس. لكن المسؤولين الأميركيين قالوا في مؤتمر صحافي نظم من بعد وحضرته “اندبندنت عربية” إنهم عادوا بانطباع إيجابي بعد لقائهم مختلف الأطراف في البلاد، إلا أن حكمهم على شخص الشرع والهيئة التي يتزعم سيكون على أفعاله وليس فقط أقواله، مع أنهم أقروا بأنها “تتسم ببراغماتية وواقعية”.
نقلاً عن : اندبندنت عربية