فيما تتزايد الانتقادات الموجهة للسلطات على خلفية حرائق لوس أنجليس، قالت ديان كريسويل مديرة الوكالة الاتحادية لإدارة الطوارئ في الولايات المتحدة الأحد إن قوات الجيش الأميركي على أهبة الاستعداد للانتشار من أجل احتواء حرائق غابات تجتاح مدينة لوس أنجليس منذ الأسبوع الماضي.

وأضافت كريسويل في مقابلة مع‭ ‬شبكة “إيه.بي.سي” أن الوكالة لديها التمويل اللازم لدعم جهود التصدي لحرائق الغابات.

ولم تفلح جهود أفراد الإطفاء في السيطرة على حريق دمر مساحات شاسعة من منطقة باسيفيك باليساديس حتى الآن، وسط مخاوف من امتداد رقعة النيران واشتداد الرياح في منطقة سان فرناندو فالي المكتظة بالسكان.

وقُتل 16 شخصاً على الأقل في الحرائق التي تشهدها لوس أنجليس، بحسب ما أعلن السبت، الطبيب الشرعي في المقاطعة.

وتوقع حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم ارتفاع عدد القتلى، وقال لشبكة “إن.بي.سي”: “لقد أرسلت فرق بحث وإنقاذ. نستخدم الكلاب المدربة على العثور على الجثث، ومن المرجح أن يرتفع عدد (القتلى)”.

انتقادات

وفي وقت سابق الأحد، شن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب هجوماً جديداً على المسؤولين الديمقراطيين في ولاية كاليفورنيا واتهمهم بعدم الكفاءة في إدارة الحرائق المستعرة في لوس أنجليس، في حين دعاه حاكم الولاية نيوسوم إلى معاينة الجهود المبذولة بنفسه.

وكتب ترمب على شبكته للتواصل الاجتماعي “تروث سوشال” أن “الحرائق لا تزال مشتعلة في لوس أنجليس. والسياسيون غير الأكفاء ليس لديهم أي فكرة عن كيفية إخمادها”.

وأضاف “إنها واحدة من أسوأ الكوارث في تاريخ بلادنا. إنهم يعجزون ببساطة عن إخماد الحرائق. ماذا جرى لهم؟” مشيراً إلى أن “الموت في كل مكان”.

 

على الرغم من أنه من السابق لأوانه معرفة مصدر الحرائق، إلا أن انتقادات وجهت للسلطات على خلفية مدى استعدادها واستجابتها.

وفرغت خزانات مكافحة الحرائق في حي باسيفيك باليسايدس الراقي الذي طالته واحدة من خمس حرائق غابات في المنطقة، كما عرقل نقص المياه الجهود في أماكن أخرى.

صعوبة في إيجاد مساكن جديدة

وبعد خمسة أيام على فرارها أمام تقدم النيران التي التهمت حي باسيفيك باليسايدس في منطقة لوس أنجليس حيث تسكن، لا تزال مايا ليبرمان تشعر بغصة، إذ تجهد إضافة إلى وطأة الكارثة، لإيجاد مكان تقيم فيه في مواجهة مالكين عديمي الضمير.

 

وتقول منسقة الملابس البالغة 50 سنة لوكالة الصحافة الفرنسية “تضخيم الأسعار أمر جنوني ومشين”. وتضيف “لا أجد مكاناً أقيم فيه”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأرغمت الحرائق الكثيرة المستعرة في محيط لوس أنجليس منذ الثلاثاء أكثر من 150 ألف شخص على مغادرة منازلهم.

ويثير حريق حي باسيفيك باليسايدس الراقي الذي يضم مشاهير كثراً، اهتماماً كبيراً إذ يطال طبقة ثرية في ثاني كبرى المدن الأميركية. ويرى البعض في ذلك فرصة للاستفادة.

وتقول ليبرمان “الأمر جنوني فعلاً. تقدمنا بطلب لاستئجار منزل في فينيس أدرج في الاعلان على أن إيجاره 17 ألف دولار في الشهر. لكن عند وصولنا قيل لنا إننا لن نحصل عليه ما لم ندفع 30 ألفاً”. وتروي “قالوا لي إن ثمة أشخاصاً مستعدون للمزايدة وللدفع نقداً”.

وتقر السيدة الأميركية التي نجا منزلها من النيران والتي تقيم الآن في فندق مع مسبح مطل على شاطئ سانتا مونيكا، “وضعي بطبيعة الحال ليس مأسوياً” مقارنة بغيرها.

 

لكن ذلك لا يزيل شعوراً لديها بأنها تُعامل باستخفاف وهي تؤكد تعاطفها مع آلاف الأشخاص الآخرين الذين اضطروا للمغادرة وليسوا ميسورين مثلها. وتقول بخشية “مع ما يحصل في السوق راهناً لن يجد بعض الأشخاص مكاناً يأوون إليه”.

ويقول المنتج التلفزيوني أليكس سميث الذي اضطر لمغادرة منزله أيضاً “لدي أصدقاء انتقلوا للإقامة في فندق خارج لوس أنجليس وطلب منهم سعر للغرفة أعلى مما هو معلن عندما وصلوا إلى المكان”.

تضخيم الأسعار جريمة

في كاليفورنيا التي تعاني بشدة من تداعيات الاحترار المناخي وأسعار العقارات فيها مرتفعة، استغلال ضحايا حرائق الغابات ليس بالأمر الجديد.

والسبت، ذكر المدعي العام للدولة بأن تضخيم الأسعار بشكل اصطناعي “جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن سنة وبغرامة قدرها عشرة آلاف دولار”. وعند إعلان حالة الطوارئ، يسمح القانون برفع الأسعار بنسبة 10 في المئة كحد أقصى.

وكانت صلاحية العمل بإجراءات الحماية من ارتفاع أسعار الإيجارات ستنتهي بعد فترة تتراوح بين 30 إلى 180 يوماً، لكن حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم وقع الأحد أمراً تنفيذياً يمددها حتى 7 يناير (كانون الثاني) 2026، نظراً لحجم الأضرار.

وحذر المدعي العام منصات الإيجار وكل الذين يستخدمون برامج خوارزمية تحدد أوتوماتيكيا الأسعار وفقاً للطلب، من مغبة تجاوز هذا السقف.

وأكد “يجب أن تجدوا طريقة لتكييف أسعاركم لاحترام القانون وإذا أقتضى ذلك التخلي عن البرامج الخوارزمية أفعلوا ذلك” مؤكداً “سنقوم بالملاحقات الضرورية”.

وقالت ليبرمان إنه إلى جانب الأثرياء الكبار “ثمة أشخاص كثيرون يستأجرون منازل” في باسيفيك باليسايدس موضحة أن “الحي ليس تماماً بالصورة المكونة في أذهان الناس”.

وتكفي جولة على مركز إيواء لتوضيح الصورة. ففي موقف السيارات ينام براين في سيارته القديمة منذ الثلاثاء مع غطاء قدمه له الصليب الأحمر.

يعيش هذا الرجل المتقاعد في باسيفيك باليسايدس منذ 20 عاماً في شقة من غرفة واحدة مع إيجار محدد السقف. إلا أن النيران أتت على المبنى الذي يقطنه.

ويقول الموظف البلدي السابق البالغ 69 سنة والذي لم يدل باسمه كاملاً “كان النوم في السيارة عندما كنت شاباً أمراً مسلياً أما الآن في سني الأمر صعب”.

ومع تراجع الصدمة والذهول، يشعر بالقلق إزاء إيجاد مسكن جديد إذ ان أسعار الإيجار في لوس أنجليس تضاعفت تقريباً في غضون عشر سنوات. ويقول متنهداً “أنا أبحث عن مسكن مع عشرات آلاف الأشخاص. ولا أتوقع أن يكون الأمر سهلاً”.

ويقول إنه سيضطر على الأرجح إلى الإقامة في مكان بعيد عن المنطقة التي كان يسكنها “على الأرجح باتجاه شرمان أوكس وستوديو سيتي” وهما حيان يقعان وراء تلال هوليوود وأكثر عرضة لخطر الحرائق. وأثارت بداية حريق الذعر مساء الخميس في حي ستوديو سيتي لكن تمت السيطرة عليه سريعاً. ويسأل براين “ماذا عساي أفعل؟ يجب أن أتدبر أموري بنفسي”.

نقلاً عن : اندبندنت عربية