أفاد مصدر وزاري في “الحكومة السورية الموقتة” التابعة للائتلاف السوري المعارض، أن الحكومة الموقتة ستنهي مهامها وأعمالها وتحل نفسها تزامناً مع انتهاء فترة حكومة تصريف الأعمال في دمشق، والمقررة في الأول من مارس (آذار) المقبل.
وأوضح المصدر في تصريحات خاصة لـ”اندبندنت عربية”، أن “الحكومة الموقتة لم تتواصل حتى الآن مع حكومة تصريف الأعمال في دمشق، والتواصل يكون عبر الائتلاف، كون الحكومة الموقتة هي إحدى مؤسسات الائتلاف”.
ويضيف المصدر، “على رغم ذلك لا يوجد أي خلافات بيننا وبين حكومة تصريف الأعمال، وجاهزون لأن نكون جزءاً من الحكومة السورية الجديدة، والمشاركة في المؤتمر الوطني المرتقب”.
من جهته قال وزير المالية في الحكومة السورية الموقتة عبدالحكيم المصري، في تصريح خاص، إنه “لا يزال لدى الحكومة الموقتة بعض المشاريع التي تعمل عليها، بالتأكيد لسنا مع وجود أكثر من حكومة في سوريا، ورغم هذا لدينا بعض المشاريع التي لم تنتهِ بعد لذلك يجب إنهاؤها قبل إنهاء عمل الحكومة الموقتة، ونحن جاهزون لتسليم جميع الملفات للحكومة السورية الجديدة”.
وأضاف المصري، أنه “بخصوص المؤتمر الوطني المرتقب في دمشق، حتى الآن لم تصلنا أي دعوة إلى المشاركة فيه، وبالعموم الحكومة الموقتة يجب أن تكون ضمن الحكومة السورية المقبلة، سواء من طريق الاندماج أو بأي شكل آخر، لكن ما يجب التأكيد عليه هو أنه لن تكون في سوريا سوى حكومة واحدة”.
تسليم المعابر والجامعات
وختم الوزير حديثه بالقول، إن “الحكومة الموقتة هي مرحلة انتقالية أنشئت خصيصاً لإدارة المناطق الخارجة عن سيطرة النظام خلال مرحلة الانتفاضة السورية، ونحن نجدد التزامنا الكامل بسوريا الموحدة وإدارة مستقبلها في إطار حكومي جامع، مع دعم جهود تشكيل حكومة وطنية شاملة تمثل كل أطياف الشعب السوري، ومجلس الوزراء في الحكومة الموقتة مستعد لتسليم كل الملفات والمسؤوليات للجهات التي سيتم تكليفها بذلك”.
أحد وزراء الحكومة الموقتة، أوضح في تصريح خاص أنه “تم بالفعل تسليم إدارة المعابر الحدودية مع تركيا إلى حكومة تصريف الأعمال، كما أن الموارد المالية من هذه المعابر تصب الآن في خزانة الدولة، وجميع الموظفين في المعابر تابعون للحكومة في دمشق، كما أن جامعة حلب بجميع كوادرها الأكاديمية والإدارية إضافة إلى طلابها وخريجيها تم وضعهم تحت إشراف وزارة التعليم العالي في دمشق، وهذا يشمل جميع الجامعات الخاصة المرخصة”.
حكومة تخرج من رحم الائتلاف
في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، تأسس “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”، برئاسة أحمد معاذ الخطيب، و63 عضواً من مختلف تيارات المعارضة، وفور تأسيسه اعترفت به دول مجلس التعاون الخليجي ممثلاً شرعياً للمعارضة السورية، وبعد ساعات من اعتراف دول مجلس التعاون، اعترفت به جامعة الدول العربية باستثناء الجزائر والعراق ولبنان، وهي الدول التي لم تقطع علاقاتها مع النظام السوري السابق خلافاً لما قامت به جميع الدول العربية رداً على ممارسته العنف في حق المدنيين السوريين.
كما لاقى الائتلاف اعترافاً من الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي وتركيا، وأصبح الممثل الشرعي للمعارضة، رغم أنه تعرض لانتقادات واسعة لأدائه خلال أعوام الانتفاضة السورية.
في مارس 2013، استقال رئيس الائتلاف معاذ الخطيب، ليتم تكليف المعارض السوري جورج صبرا رئيساً للائتلاف، مما لاقى ترحيباً دولياً، كون رئاسة الائتلاف شهدت انتقالاً سليماً بين شخصيتين سوريتين مختلفتين طائفياً، إذ إن الخطيب من التيار السوري الإسلامي المحافظ، بينما صبرا من مسيحيي سوريا.
وفي الـ19 من مارس 2013، عقد الائتلاف مؤتمراً في مدينة إسطنبول، جرى خلاله الإعلان عن تشكيل ما كانت تسمى “الحكومة الانتقالية السورية”، قبل أن يتم تغيير اسمها إلى “الحكومة السورية الموقتة”، وتم انتخاب غسان هيتو كأول رئيس لأول حكومة سورية خارج دمشق، وكانت مهمتها إدارة المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، فيما أعلن هيتو أن الحكومة ستضم وزراء تكنوقراط يراوح عددهم بين 10 و12 وزيراً، فيما يترك اختيار وزير الدفاع لـ”الجيش السوري الحر”.
الفشل الأول
استمر هيتو في منصبه كرئيس للحكومة أكثر من ثلاثة أشهر، ورغم ذلك فشل في تشكيل الحكومة ليعلن استقالته في الـ14 من سبتمبر (أيلول) 2013، وتم في اليوم نفسه انتخاب الطبيب أحمد طعمة رئيساً للحكومة، وهو أحد مؤسسي إعلان دمشق في 2005 إذ كان يستخدم اسماً مستعاراً وهو أحمد السائح.
استطاع طعمة تشكيل حكومة وترأسها في فترة من أصعب فترات الانتفاضة السورية، حيث شهدت فترته أكبر عدد من المجازر، كما سقطت مدينة حلب بيد النظام قبل نهاية فترة رئاسته للحكومة الموقتة. وفي الـ15 من ديسمبر (كانون الأول) 2015 استقال من منصبه واستمر في تسيير أعمال الحكومة لخمسة أشهر إضافية قبل أن يتم تكليف الدكتور جواد أبوحطب بتشكيل حكومة جديدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
رئيس بمجموعة مناصب
تشكلت حكومة أبوحطب من ثماني وزارات ونائب لرئيس الحكومة ونائب للشؤون الاقتصادية، وإضافة إلى منصبه رئيساً للحكومة ترأس وزارتي الدفاع والداخلية، وشهدت حكومته تغيرات عدة في تشكيلتها، حيث تولى محمد سرور المذيب موقع وزير الإدارة المحلية خلفاً ليعقوب العمار، الذي قتل في عملية انتحارية استهدفت مخفراً في درعا بعد أشهر من تشكيل الحكومة، كما استقال وزير المالية عبدالمنعم الحلبي بعد شهر ونصف الشهر من تشكيل الحكومة، وكلف أبوحطب نفسه بها منذ ذلك الوقت، ليشغل بذلك ثلاث حقائب وزارية.
كانت حكومة أبوحطب تعمل في ظروف سياسية وعسكرية وأمنية صعبة، ترافقت مع انخفاض معدلات الدعم المقدمة لمؤسسات المعارضة بصورة عامة من الدول الصديقة، وانحسار في الوضع الميداني، وعلى رغم ذلك أطلقت الحكومة نشاطات في ريف دمشق قبل سيطرة النظام عليها، ومحافظة درعا، فضلاً عن وجودها الرئيس بالشمال السوري.
استمر جواد أبوحطب في رئاسة الحكومة حتى الـ10 من مارس 2019، ثم أعلن استقالته ليتم بعد أربعة أشهر تعيين عبدالرحمن مصطفى رئيساً للحكومة، وهو الذي بقي في منصبه حتى اليوم ليكون آخر رئيس لهذه الحكومة.
الحكومة الأخيرة
عبدالرحمن مصطفى، هو سياسي ومعارض سوري من أصول تركية، يجيد اللغة التركية بطلاقة إضافة إلى العربية والإنجليزية، وتراوحت نشاطاته قبل الانتفاضة السورية بالعمل بين السعودية وتركيا وليبيا.
شهدت فترة عبدالرحمن مصطفى أكبر هزيمة للانتفاضة السورية، وانحسر وجود المعارضة في مساحة جغرافية لا تتجاوز 11 في المئة من إجمالي مساحة سوريا، تنحصر في الشمال قرب الحدود التركية، كما شهدت فترته تراجع الدعم العربي والدولي لمؤسسات المعارضة سواء العسكرية أو السياسية، وأيضاً شهدت فترته تنافساً كبيراً بين حكومته وحكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام في إدلب، ورغم ذلك شهدت فترته انتصار الانتفاضة السورية، علماً أن معركة “ردع العدوان” التي أسقطت النظام السابق قادتها هيئة تحرير الشام بمشاركة من باقي فصائل المعارضة السورية.
بعد يومين من سقوط النظام، أعلنت الإدارة السورية الجديدة تشكيل حكومة تصريف أعمال لمنع انهيار الدولة، على أن تكون مهمتها تسيير أعمال البلاد لمدة ثلاثة أشهر فحسب، إلا أن هذه الحكومة لم تضم أحداً من وزراء الحكومة السورية الموقتة، كما أن الأخيرة لم تعلن حل نفسها حتى اللحظة، رغم تأكيدها ضرورة أن تكون لسوريا حكومة واحدة.
نقلاً عن : اندبندنت عربية