تشهد المملكة العربية السعودية تحولًا نوعيًا في قطاع التعليم، مرتكزة على رؤية طموحة لتنمية القدرات البشرية، تستند إلى الاستثمار في الإنسان كعنصر أساسي لبناء المستقبل. وتسعى المملكة إلى إتاحة تقنيات الذكاء الاصطناعي للجميع، مع اعتماد منهجيات علمية في التدريب عليها، وتعزيز المهارات الرقمية من المراحل المبكرة للتعليم.

دمج الذكاء الاصطناعي في المناهج

تعمل السعودية على دمج مفاهيم الذكاء الاصطناعي وأخلاقيات استخدامه ضمن مناهجها التعليمية، لضمان جاهزية الأجيال القادمة للتعامل مع التقنيات المتقدمة. وتتبنى المملكة خطوات تدريجية لتحقيق هذا الهدف، من خلال مبادرات وطنية تعزز فرص التعلم المستمر في مجالات الذكاء الاصطناعي، إلى جانب دعم التعاون الدولي وتبادل المعرفة والخبرات لتمكين الأفراد من مواكبة المتغيرات المتسارعة.

مؤتمر القدرات البشرية ومعرض التعليم

في هذا السياق، استضافت الرياض “مؤتمر مبادرة تنمية القدرات البشرية” تحت شعار “ما بعد الاستعداد للمستقبل”، من 13 إلى 14 أبريل، تأكيدًا على التزام المملكة بتأهيل الإنسان. وتزامن المؤتمر مع انطلاق “المعرض الدولي للتعليم (EDGEx 2025)” الذي يستمر حتى 16 أبريل، ويعرض نماذج تعليمية تفاعلية وتقنيات حديثة في الذكاء الاصطناعي تهدف إلى دعم الطلاب والمعلمين وتحقيق تجربة تعليمية أكثر تطورًا.

جوائز عالمية وشراكات استراتيجية

وقد أثمرت الجهود التعليمية السعودية عن إنجازات عالمية، أبرزها حصول طلاب المملكة على 6 جوائز و124 ميدالية في “معرض جنيف الدولي للاختراعات 2025″، إلى جانب فوز المبتكر سعد العنزي بالجائزة الكبرى من بين أكثر من ألف ابتكار.

وشهد المعرض توقيع 16 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين جهات حكومية وخاصة، محلية ودولية، لتعزيز التعاون في مجالات التعليم والتقنية، أبرزها مع جامعات من أميركا، إيطاليا، سنغافورة وهونغ كونغ، إضافة إلى شركات رائدة مثل “هواوي”.

تعليم قائم على التقنية

وفي المعرض، قدمت جامعة بيشة “روبوتات ذكية” تعمل كمساعدات تعليمية افتراضية، فيما ركزت جامعة الملك خالد على استخدام الذكاء الاصطناعي في أتمتة العمليات التعليمية. وأكد خبراء أن الذكاء الاصطناعي بات جزءاً من منظومة التعليم، بدءًا من التحصيل والتقييم إلى دعم التعلم الذاتي وتحليل أداء الطلاب.

الرئيس التنفيذي لشركة “نون” التعليمية محمد الضلعان، أشار إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح أولوية في الفصول الدراسية، وأن التقنيات الحديثة تتيح للطالب الحصول على تعليم عالي الجودة حتى في المناطق النائية.

الذكاء الاصطناعي والأخلاقيات

من جهته، شدد الدكتور سعيد الظاهري، مدير مركز الدراسات المستقبلية بجامعة دبي، على أهمية تبني الحوكمة والأخلاقيات في استخدام الذكاء الاصطناعي بالتعليم، مؤكدًا ضرورة غرس هذه المبادئ منذ المراحل المبكرة لضمان الاستخدام المسؤول.

التحول إلى التعليم الذكي

كما أشار أكاديميون إلى أن استراتيجيات (STEM) الحديثة قادرة على تغيير نمط التعليم، من خلال استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الفصول الدراسية. ويعتقد بعض الخبراء أن مستقبل التعليم قد يشهد فصولًا دراسية بدون معلمين، مع بقاء دور المعلم في تطوير مهارات الطلاب وتعزيز الإبداع.

التعليم الرقمي ضرورة لا ترف

واختتم محمد المدني، الرئيس التنفيذي لشركة “كلاسيرا”، بالإشارة إلى أن جائحة كورونا أكدت أن التعليم الرقمي لم يعد خيارًا، بل ضرورة استراتيجية لتأهيل أجيال قادرة على مواكبة تحديات المستقبل.