لقد أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، لدرجة أنه يمكن أن يكون بمثابة “رفيق” دائم لكل فرد، يقدم له إجابات على مختلف الأسئلة ويعلمه المهارات التي يحتاجها لحل مشكلاته. يبدو وكأنه نسخة حديثة من مصباح علاء الدين، ولكن هل هو حقًا صديق حقيقي في وقت الضيق؟ هل يمكن أن يكون حلاً لمشكلة الوحدة التي يعاني منها الكثيرون، أم أنه مجرد وسيلة لخلق نوع جديد من العزلة؟

الذكاء الاصطناعي: محارب للوحدة

في حديثه عن تأثير الذكاء الاصطناعي على الشعور بالوحدة، عبر مارك زوكربيرج، رئيس شركة “ميتا”، عن اعتقاده بأن الشخصيات التي يخلقها الذكاء الاصطناعي يمكن أن تكون أداة فعالة لمكافحة الوحدة. وفقًا له، يمكن لهذه الشخصيات أن تعوض الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة عن غياب الأصدقاء في حياتهم. وقال في مقابلة مع دواركيش باتيل: “الكثير من الناس يشعرون بالوحدة أكثر مما يرغبون فيه، وهناك حاجة إلى أشخاص يمكنهم إحداث فارق حقيقي في حياة هؤلاء”.

هل يحل الذكاء الاصطناعي محل العلاقات الحقيقية؟

رغم الدعم الذي أبداه زوكربيرج، أشار إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يحل محل الاتصالات الشخصية والواقعية. وبيّن أن العلاقات الإنسانية الحقيقية لها جوانب إيجابية كبيرة، لكن في الواقع، يعاني العديد من الناس من نقص في هذه العلاقات الحقيقية ويبحثون عن وسائل لمساعدتهم في التغلب على شعورهم بالوحدة.

التحديات الأخلاقية

رغم التفاؤل بقدرة الذكاء الاصطناعي على محاربة الوحدة، فإن هناك مخاوف أخلاقية تتعلق بتطوير أصدقاء ذكاء اصطناعي. تم طرح قضايا تتعلق بإمكانية توجيه الأصدقاء الرقميين للمستخدمين القاصرين نحو محتوى غير لائق أو تقديم نصائح غير سليمة تتعلق بالصحة النفسية. وقد أظهرت بعض الأبحاث أيضًا أن روبوتات الذكاء الاصطناعي قد تقدم معلومات غير دقيقة أو حتى تشجع على سلوكيات غير قانونية، مثلما حدث مع رجل أشار إلى أنه كان يخطط لقتل ملكة إنجلترا عام 2021.

الأثر الاجتماعي

بالرغم من هذه التحديات، أظهرت الدراسات أن العديد من الأمريكيين يعانون من الوحدة بشكل متكرر. حيث أفادت مؤسسة “غالوب” أن 20% من البالغين في الولايات المتحدة يشعرون بالوحدة يوميًا، فيما قال 30% من المشاركين في استطلاع للرأي أجرته الجمعية الأميركية للطب النفسي في 2024 أنهم يعانون من الوحدة بشكل أسبوعي. وعلى الرغم من ذلك، ذكر نحو ثلثي المشاركين أن التكنولوجيا، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، تقدم لهم بعض المساعدة في التخفيف من هذه العزلة.

الخلاصة

بينما يعد الذكاء الاصطناعي أداة قوية يمكنها محاربة الشعور بالوحدة وتحقيق تواصل افتراضي مع الأشخاص، يظل من المهم أن نتذكر أنه لا يمكن أن يحل محل العلاقات الإنسانية الحقيقية. يبقى السؤال: هل سيكون الذكاء الاصطناعي أداة لتحسين حياة البشر أم أنه سيسهم في تعميق العزلة الاجتماعية؟