على عكس كامالا هاريس نائبة جو بايدن التى استمرت أربع سنوات، لم تكن ذات تأثير على الشئون الأمرسكية، ناهيك عن الصراعات العالمية التى اندلعت خلال إدارة بايدن. جاء خليفتها فى البيت الأبيض ليحدث تحولات فى السياسة الخارجية الأمريكية خلال ٤٠ يوما فى منصبه.

واستطاع فانس تحويل اللقاء الذى كان مقررا أن يكون انتصارا للدبلوماسية وصنع سلام بين أوكرانيا وروسيا استبدل بصراع بين اوكرانيا وواشنطن ففى خلال 90 ثانية فقط تبادلا اللكمات مع الرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلينسكى فى المكتب البيضاوى وتحولت إلى مباراة صراخ كاملة مع دونالد ترامب وكانت نبرة زيلينسكى متوترة ولكن هادئة، حيث ذكّر فانس بأن فلاديمير بوتين انتهك مرارا وتكرارا «الاتفاقيات» الدبلوماسية مع أوكرانيا. وصعد نائب الرئيس من حدة العدوان من خلال سلسلة من الشكاوى – التى قدمها بنبرة ساخرة – مفادها أن زيلينسكى لم يكن ممتنًا لأمريكا.

وبينما كانت الكاميرات تلتقط الصور، هاجم نائب الرئيس زيلينسكى، ما أثار نوعًا من الجدل المحموم قائلا «هل تعتقد أنه من الاحترام أن تأتى إلى المكتب البيضاوى للولايات المتحدة الأمريكية وتهاجم الإدارة التى تحاول منع تدمير بلدك؟» سأل فانس، صارخًا فى زيلينسكى. كانت هذه اللحظة الأكثر بروزًا لـ«فانس» منذ توليه منصب نائب الرئيس. وتشير إلى أن السيناتور السابق البالغ من العمر 40 عامًا من ولاية أوهايو يحاول ألا يتم تهميشه فى الفريق لما أصبح بالفعل أحد أكثر الإدارات سرعة وعدوانية فى التاريخ الحديث.

كما أظهر المشهد المذهل لنائب الرئيس وهو يتدخل فى مناقشة دبلوماسية متوترة فى المكتب البيضاوى مهارة فانس الإعلامية. فقد أظهر نائب الرئيس، الذى كان فى السابق مؤلفًا لكتب حققت أعلى المبيعات ومساهمًا سياسيًا فى شبكة سى إن إن، موهبة فى اغتنام اللحظات التى تجذب انتباه وسائل الإعلام.

فى اللقاء العاصف وجد فانس تلك اللحظة عندما حاول زيلينسكى شرح الطرق التى تراجع بها الرئيس الروسى فلاديمير بوتين عن الصفقات الدبلوماسية السابقة. وبدلًا من الانخراط مع زعيم أوكرانيا حول جوهر هذه المسألة، استخدم نائب الرئيس أسلوب المناظرة المجرب والحقيقى: لقد غير الموضوع. وقال فانس بصوت مرتفع: «يجب عليك أن تشكر الرئيس على محاولته إنهاء هذا الصراع».

استمر زيلينسكى فى الضغط، وفى إحدى المرات سأل عما إذا كان فانس قد زار أوكرانيا من قبل ليرى الوضع بنفسه. وعندما بدا أن هذا الأمر أغضب نائب الرئيس أكثر، بدأ زيلينسكى فى توبيخه: «أنت تعتقد أنه إذا تحدثت بصوت عالٍ عن الحرب، فإنك…». لكن هذا أثار غضب ترامب، الذى كان يجلس بين الرجلين.

«قال: إنه لا يتحدث بصوت عالٍ». وفى غضون لحظات، كان ترامب وزيلينسكى هما من يصرخان فوق بعضهما البعض فى مواجهة أدت فى النهاية إلى خروج زيلينسكى المبكر من البيت الأبيض–دون صفقة المعادن التى كان الرجلان يتوقعان التوقيع عليها.

ومع ذلك، يبدو أن فانس، وليس ترامب، هو الذى أطلق شرارة البدء، مما أدى إلى الانهيار السريع للدبلوماسية بين البلدين. بحسب تحليل نشرته نيويورك تايمز والتليحراف كانت هذه لحظة مذهلة بالنسبة فانس، الذى لم يكن الشخص الذى تصدر معظم عناوين الأخبار الرئيسية إلى جانب ترامب. فقد تم تخصيص هذا الدور دوما لايلون ماسك، أغنى رجل فى العالم وزعيم الجهود السريعة لفصل العاملين الفيدراليين فى جميع أنحاء البيروقراطية.

وبذل فانس كثيرا من التلميحات خلال الأسابيع الستة الماضية حتى يظهر قدرته على إثارة الصدمة. فى منتصف فبراير، أذهل فانس المسئولين الأوروبيين عندما أعلن خلال خطاب ألقاه فى ميونيخ أنه يتعين عليهم إنهاء عزلة الأحزاب اليمينية المتطرفة فى مختلف أنحاء القارة. وقال إن الألمان لا ينبغى لهم أن يرفضوا بعد الآن العمل مع حزب سياسى يمينى متطرف كان يتلذذ فى كثير من الأحيان بالشعارات النازية المحظورة، ونتيجة لهذا فقد تم استبعاده من الحكومة.

كان فانس فى السابق رافضًا لترامب وأجندته. ففى عام 2016، وصف ترامب بأنه «أحمق» وحذر من خطابه الخطير. ولكن هذه النظرة قد ولت. ففى مجلس الشيوخ، عمل فانس بلا كلل من أجل تعزيز الأجندة السياسية لترامب، جزئيا من خلال إغداق الثناء عليه. وعندما أصبح نائبا لترامب فى انتخابات عام 2024، كان فانس جنديا مخلصا فى الحملة الانتخابية وكان حريصا على عدم حجب المرشح.

وفى لقاء سابق قال فانس إنه يتفهم نهج ترامب العنيف فى السياسة، لكنه لا يسعى بالضرورة إلى تقليده. وتابع «إن نهج ترامب هو نهج ترامب، وأسلوبه هو أسلوبه. هل أعتقد أن أسلوبه ونهجه يشكلان تصحيحا ضروريا لما هو مكسور فى المجتمع الأمريكي؟ نعم، أعتقد ذلك. وهذا لا يعنى أننى سأحاول أن أكون دونالد ترامب».

 

نقلاً عن : الوفد