خفضت الشركات في بريطانيا الوظائف بأسرع وتيرة خلال أربعة أعوام الشهر الماضي، بعد أن أدت الزيادات في الموازنة إلى رفع كلفة توظيف الموظفين وضربت مستوى الثقة، وفقاً لمسح يحظى بمتابعة كبيرة.
وباستثناء فترة الجائحة فقد كان معدل فقدان الوظائف الأسرع منذ أكثر من 15 عاماً، إذ سرّحت شركة من بين كل أربع شركات موظفين مع تجميد عملية التوظيف بصورة عامة.
وانخفض المؤشر المركب النهائي لمديري المشتريات “PMI” الصادر عن S&P”أس أند بي غلوبال” لشهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي بصورة طفيفة إلى 50.4 نقطة، مقارنة بـ 50.5 نقطة في الشهر السابق، وهو أدنى قراءة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وأقل قليلاً من توقعات المحللين.
وعلى رغم أن الرقم أعلى من عتبة 50 نقطة التي تفصل ما بين النمو والانكماش لكنه عُدل إلى مستوى أدنى مقارنة بالتقديرات السابقة.
زيادة الضرائب
في حين أدت زيادات الضرائب التي أعلنتها وزيرة الخزانة راشيل ريفز في الموازنة إلى انخفاض حاد في الوظائف الشاغرة وثقة الأعمال، مما أثار مخاوف من أن الاقتصاد البريطاني قد يكون شهد حالاً من الركود خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي.
وفي ديسمبر الماضي خفض بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الأخير من العام الماضي، ومع ذلك يتوقع أن يكتسب النمو زخماً خلال النصف الأول من هذا العام مع انتشار الإنفاق الحكومي الإضافي والاستثمارات العامة في الاقتصاد، إضافة إلى خفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة من 4.75 في المئة.
وقال اقتصاديون في شركة ” كي أم بي جي” أول من أمس الإثنين إن النمو سيتضاعف أكثر من مرتين ليصل إلى 1.7 في المئة بحلول عام 2025.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مدير الاقتصاد في شركة “أس أند بي غلويال ماركت إنتليغينس” تيم مور، لصحيفة “تايمز” إن “التراجع في تفاؤل الأعمال استمر بعد إعلان الموازنة خلال الشهر الماضي”، مضيفاً “أبلغنا مخاوفنا في شأن تأثير ارتفاع كلف الرواتب والقلق العام حيال مناخ الاستثمار التجاري كأهم العوامل التي تثقل كاهل آفاق النمو عام 2025”.
ورفعت ريفز النسبة الأساس لمساهمات التأمين الوطني “NICs” التي يتحملها أصحاب العمل من 13.8 في المئة إلى 15في المئة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وخفضت العتبة التي يبدأ عندها فرض الضريبة إلى 5 آلاف جنيه إسترليني (31.3 ألف دولار) بدلاً من 9100 جنيه إسترليني (11.4 ألف دولار)، مما يعني زيادة ضريبية بـ 25 مليار جنيه إسترليني (31.3 مليار دولار) على الشركات.
إشارة واضحة
من جهته قال الاقتصادي في شركة الاستشارات “آر أس أم يو كي” تواما بوغ إن “انخفاض التوظيف في القطاع الخاص يعد أوضح إشارة حتى الآن على أن الشركات تتأثر بزيادة كلف العمالة من خلال تباطؤ عمليات التوظيف”.
وأظهر مؤشر مديري المشتريات (PMI) أن شركات قطاع الخدمات رفعت الأسعار بأسرع وتيرة منذ ستة أشهر، وأرجع الباحثون هذا السلوك لارتفاع رواتب الموظفين وكلف المواد الخام.
ويراقب واضعو السياسات في بنك إنجلترا تضخم قطاع الخدمات من كثب لتحديد ما إذا كان ينبغي خفض كلف الاقتراض، ووفقاً لمكتب الإحصاءات الوطنية فقد ارتفع التضخم الرئيس لأسعار المستهلكين إلى 2.6 في المئة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) مقارنة بـ 2.3 في المئة خلال الشهر السابق، بينما ظل تضخم قطاع الخدمات ثابتاً عند خمسة في المئة، في حين أدى ضعف الطلب في الاتحاد الأوروبي إلى انخفاض جديد في مبيعات الصادرات الخارجية لقطاع الخدمات في بريطانيا للمرة الأولى منذ سبتمبر (أيلول) 2023، على رغم ارتفاع الطلب على الخدمات البريطانية في الولايات المتحدة.
وكان مستوى التفاؤل بين شركات الخدمات في بريطانيا عند أدنى مستوى مشترك له منذ ما يقارب عامين، وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات (PMI) إلى 51.1 خلال ديسمبر الماضي مقارنة بـ 50.8 نقطة في الشهر السابق، وهو ما جاء أقل من التوقعات البالغة 51.4 نقطة.
وبعد صدور أرقام مؤشر مديري المشتريات في بريطانيا أول من أمس الإثنين، ارتفع الجنيه الإسترليني 0.39 في المئة في مقابل الدولار ليصل إلى 1.246 دولار، في حين انخفض مؤشر “فوتسي-100” 0.25 في المئة قبل أن يتعافى لاحقاً وينهي اليوم مرتفعاً 0.3 في المئة عند 8249 نقطة.
نشاط متزايد في قطاع الخدمات
من جهة أخرى ارتفع مؤشر مديري المشتريات المركب في منطقة اليورو إلى 49.6 في ديسمبر الماضي مقارنة بـ 48.3 في الشهر السابق، مدفوعاً بنشاط متزايد في قطاع الخدمات داخل دول العملة الموحدة، كما قفز مؤشر مديري المشتريات للخدمات في ألمانيا إلى 51.2 من 49.3 نقطة بينما ارتفع في فرنسا إلى 49.3 من 46.9 نقطة.
وعن ذلك قال كبير الاقتصاديين في بنك “هامبورغ التجاري” سايروس دي لا روبيا إن “بيانات مؤشر مديري المشتريات لشهر ديسمبر الماضي لا توافر أساساً جيداً لازدهار قطاع الخدمات عام 2025″، مستدركاً “لكن في الأقل يشير إلى توقف انخفاض الأعمال الجديدة وتباطؤ التراجع في تراكم الطلبات”.
وأضاف “بصورة عامة يجب أن يساعد قطاع الخدمات في ضمان أن الضعف الصناعي لن يؤدي إلى تراجع كامل في الاقتصاد عام 2025.”
وارتفع مؤشر “كايشين” لمديري المشتريات الذي يتتبع نشاط قطاع الخدمات في الصين إلى 52.2 نقطة، مقارنة بـ 51.5 نقطة خلال الشهر السابق، وقال محللون في شركة الاستشارات “بانثيون ماكرو إيكونوميكس” إن هذا الارتفاع الذي تجاوز التوقعات يعني أن قطاع الخدمات أنهى العام بقوة.
نقلاً عن : اندبندنت عربية