لم يكن الرقم المتداول حول عملية الاحتيال الكبرى بمنصة « FBC» هو ما شغلنى، إذ كانت الأرقام بالمليارات أو حتى بالملايين.. كذلك لم يكن تعليق الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء على الواقعة، هو ما استوقفنى، بقدر ما لفت انتباهى الدافع المشترك بين الضحايا البحث عن الثراء السريع «اللى هو دون تعب أو جهد»، والانسياق وراء وهم « تعال أكسب واربح بسهولة.

فى عصر تستغل فيه التكنولوجيا بأسوأ الطرق، تتعدد الحيل وتتنوع، بل تمارس «عينى عينك» وفى «عز الضهر» تحت مسميات مؤتمرات «الفوركس» أو تداول العملات أمام عيون الجهات الرقابية سواء البنك المركزى أو الرقابة المالية، وهى خطورتها أكبر.. منذ سنوات و«صوتنا بح» للتدخل والتصدى لمثل هذه المؤتمرات التى لا تقتصر مخاطرها على الاحتيال، بل تمتد إلى تهريب الدولار والعملة الصعبة ببعض إغراءات المكاسب لضحاياها، لكن «لا حياة لمن تنادي»

الباحثون عن الكسب غير المشروع من منظمى هذه المؤتمرات، يستغلون البورصة، وسوق المال واجهة للتسلل واللعب بعقول الضحايا وإقناعهم بالتداول فى «الفوركس» على اعتبار أن المجد والثراء فى انتظارهم.. اللعبة تبدأ بالدعوة لمؤتمر تناقش جلساته مستقبل البورصة وسوق الأسهم، وعليه ترسل الدعوات من منظم مثل هذه المؤتمرات إلى مجتمع سوق المال خاصة شركات السمسرة، التى تتواجد بكثافة، ولا أعلم بحسن نية أو غير ذلك، وهنا يكون «الفخ».

 المشهد فى هذه المؤتمرات تتحول بقدرة قادر إلى دعوات وإغراء لفتح حساب «فوركس» بالعملة الصعبة، وبهذا يكون المؤتمر اتخذ شرعيته عبر شركات السمسرة المرخص لها من الجهات الرقابية بالتداول فى سوق الأسهم، وليس «الفوركس»، وبذلك يهرب المنظم بجريمته بصورة أكثر أمانا.

أتمنى أن تعليق الحكومة على واقعة الاحتيال فى منصة «FBC» تحرك بالأذهان أن هذه الأموال التى تفتش عن استثمار، وتقع فى «حجر» مثل هذه المنصات الوهمية والمستريحين وما أكثرهم الدور الكبير فى استقطاب مثل هذه المليارات فى البورصة وطروحات سوق الأسهم.

تجاهل الحكومة، وعدم اهتمامها المطلوب بالبورصة المصرية، دفع مثل هذه الأموال للبحث عن أدوات يضع فيها أمواله وتحويشة عمره لعل وعسى يحقق منها مكاسب تعوضه تأكل قيمة العملة المحلية.. إذا ارادت الدولة قطع الطريق على مثل هذه المنصات، لا بد أولًا الإيمان بدور البورصة كمنصة للتمويل والاستثمار، عبر الاهتمام وتذليل العقبات أمامها والشركات الراغبة فى الطرح، بتقديم حزمة من التسهيلات والمحفزات.

ليس ذلك فقط بل عليها الدور الأكبر فى دعم الاستثمار بالبورصة بالتوعية، ونشر الثقافة المالية والوعى الاستثمارى فى هذا السوق، بحيث لا يقتصر الأمر على البورصة والرقابة المالية، والمشاركين فى صناعة سوق المال فى عملية الترويج، فدور الدولة يظل هو الأكبر والأقوى تأثيرًا.

< يا سادة.. لا نريد البكاء على اللبن المسكوب ومصمصة الشفاه مع كل واقعة نصب عبر منصات غير قانونية ومؤتمرات «فوركس» بعيدة عن العيون.. فهل يتم استيعاب الدرس وتنظر الحكومة للبورصة وسوق الأسهم كونها المنصة الأفضل فى الاستثمار والحفاظ على الأموال، والاهتمام بها؟

نقلاً عن : الوفد