بعد توليه منصبه رسمياً في وقت سابق من هذا الأسبوع، أمر الرئيس دونالد ترمب بتخفيف الأسعار في حالات الطوارئ للأميركيين في ما يتعلق بكلف السكن ونفقات المعيشة الأخرى.

وجاء في قرار تنفيذي وقعه ترمب “العديد من الأميركيين غير قادرين على شراء المنازل بسبب الأسعار المرتفعة تاريخياً، ويرجع ذلك جزئياً إلى المتطلبات التنظيمية التي تمثل وحدها 25 في المئة من كلفة بناء منزل جديد وفقاً لتحليل حديث”.

ومع ذلك، فإن القرار التنفيذي لا يقدم سوى القليل من التفاصيل حول كيفية تخطيط الإدارة لخفض تكاليف المساكن. قد يوفر خفض اللوائح الفيدرالية بعض التوفير في الكلف، ولكن العديد من اللوائح تفرض من قبل حكومات الولايات والحكومات المحلية وخارج نطاق اختصاص الحكومة الفيدرالية.

إضافة إلى ذلك، قد لا يكون خفض اللوائح كافياً لتعويض بعض السياسات الاقتصادية الأخرى المتوقعة لإدارة ترمب، مثل التعريفات الجمركية والترحيل، والتي قد تضيف إلى كلفة بناء منازل جديدة.

ضغوط لخفض الكلف الناجمة عن اللوائح

لكن “التحليل الأخير” الذي استشهد به الإجراء التنفيذي لترمب يعكس بيانات من الرابطة الوطنية لبناة المنازل التي صدرت في مايو (أيار) 2021، بعد أقل من أربعة أشهر من مغادرة ترمب لمنصبه للمرة الأولى.

وجدت الدراسة أن اللوائح التي فرضتها جميع مستويات الحكومة في ذلك الوقت كانت مسؤولة عن 93870 دولاراً، أو 23.8 في المئة، من متوسط ​​سعر البيع آنذاك لمنزل جديد لعائلة واحدة، 397300 دولار.

كان متوسط ​​سعر البيع لمنزل جديد في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، أحدث البيانات المتاحة، 402600 دولار، وفقاً لمكتب الإحصاء الأميركي.

فيما وجدت دراسة منفصلة لمكتب الإحصاء الأميركي نشرت في عام 2022، أن اللوائح زادت من كلف تطوير بناء مساكن متعددة العائلات بنحو 40.6 في المئة، وقد مارست الرابطة الوطنية لبناة المساكن ضغوطاً ضد ما تسميه باللوائح المكلفة حول بناء المساكن.

في مذكرة بحثية حديثة، قال الرئيس التنفيذي للرابطة الوطنية لبناة المساكن جيم توبين، إنه على رغم أن العديد من قرارات استخدام الأراضي تتخذها الحكومات المحلية، فإن تخفيف القيود الفيدرالية من شأنه أن يساعد في خفض كلف البناء لبناة المساكن.

وأوضح، أن “اللوائح الفيدرالية هي واحدة من أكبر الصداع الذي يواجه بناة المساكن لدينا، إنها تعوق حقاً قدرتنا على بناء المزيد من المساكن بأسعار معقولة، وخصوصاً في تلك الفئة المنخفضة من السوق”.

لماذا أصبح شراء منزل مكلفاً للغاية؟

يأتي الإجراء التنفيذي لترمب وسط حاجة متزايدة إلى مساكن بأسعار معقولة، ومع ذلك، فإن اللوائح ليست السبب الوحيد وراء ارتفاع أسعار المساكن إلى هذا الحد.

يقول العديد من المحللين إن الولايات المتحدة في حاجة إلى بناء ملايين المنازل لتلبية الطلب المتزايد بصورة صحيحة، والذي حفزه جزئياً عدد متزايد من جيل الألفية، وهو الجيل الأكبر، الذين بلغوا السن الذي يرغبون فيه في شراء منزل.

وقد أدى نقص المساكن هذا، إلى جانب أسعار الفائدة المرتفعة، إلى جعل شراء منزل أكثر صعوبة بشكل كبير بالنسبة إلى العديد من الأميركيين.

كان معدل الرهن العقاري القياسي لمدة 30 عاماً أقل بقليل من 2.8 في المئة عندما ترك دونالد ترمب منصبه في يناير (كانون الثاني) 2021 أثناء جائحة “كوفيد-19″، لكن خلال الأسبوع الماضي كان المعدل عند مستوى 7.04 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويمكن أن يعزى ارتفاع كلف الاقتراض جزئياً إلى حملة رفع أسعار الفائدة الأخيرة التي شنها مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) لترويض نوبة تاريخية من التضخم، على رغم وعد ترمب بخفض أسعار الفائدة أثناء الحملة الانتخابية، إلا أن الرئيس لا يؤثر بصورة مباشرة في السياسة النقدية، وقد لا يخفض “الفيدرالي” أسعار الفائدة مرة أخرى لبضعة أشهر.

وأضافت الرسوم المستحقة في اليوم الذي يتم فيه الانتهاء من شراء منزل، إلى النفقات التي يجب على المشتري دفعها قبل امتلاك منزل جديد رسمياً.

ووفقاً لتقرير صادر عن مكتب حماية المستهلك المالي، بلغ متوسط ​​كلفة القرض الذي يدفعه مشتري المنزل بما في ذلك رسوم التأسيس ورسوم التقييم وتقرير الائتمان والتأمين على الملكية نحو 6000 دولار في عام 2022، بزيادة تقارب 22 في المئة عن عام 2021.

لقد اتخذت إدارة الرئيس جو بايدن إجراءات صارمة ضد ما يسمى “الرسوم غير المرغوب فيها” المخفية في كلف الإغلاق، على رغم أنه من غير الواضح ما إذا كانت إدارة ترمب ستواصل هذا الجهد.

أزمة التعريفات الجمركية وترحيل اللاجئين

وقد تضر التعريفات الجمركية والترحيل بجهود خفض الكلف، وعلى رغم الإجراء التنفيذي الذي اتخذه ترمب سعياً إلى خفض كلفة بناء منازل جديدة، فإن عديداً من السياسات الاقتصادية التي خططت لها إدارته قد يكون لها تأثير معاكس.

وهذا الأسبوع، قال ترمب إنه يخطط للمضي قدماً بفرض تعريفة جمركية شاملة 25 في المئة على السلع المكسيكية والكندية في الأول من فبراير (شباط) 2025، لكن العديد من شركات بناء المنازل تستخدم الأخشاب من كندا عند بناء منازل جديدة. ومن دون استثناء لهذه الواردات، فإن التعريفة الجمركية بنسبة 25 في المئة على كندا من شأنها أن تجعل كلفة بناء منزل أكثر كلفة بصورة كبيرة.

يقول جاري فرانك، الذي يمتلك شركة بناء تأطير المنازل في جنوب كاليفورنيا “لقد كنت في هذا العمل منذ عام 1988، ولم أواجه أي مشكلة في الحصول على الأخشاب، ولكن إذا ارتفع سعر الأخشاب، فيجب علينا نقل ذلك إلى العميل، ولا يمكننا تحمل ذلك، لذلك سننقله”، مشيراً إلى أن عمليات الترحيل الجماعي يمكن أن تجعل كلف عمالة البناء أكثر كلفة.

وتابع “ليس لدينا ما يكفي من العمال الجدد المدربين في القوى العاملة المحلية، لذلك يتعين علينا تجاوز حدودنا لجذب تلك العمالة”، لافتاً إلى أننا “سنضع في اعتبارنا كيف يتأثر عمال البناء من مجموعة المهاجرين بما يفعله الرئيس، بينما قد ترتفع التعريفات الجمركية على جانب واحد، إذا خففنا العبء التنظيمي على الجانب الآخر، فقد يكون الكثير من هذه الأشياء مجرد فوضى، وسنحتاج إلى النظر في كل شيء بصورة شاملة بينما نتحرك خلال السنوات الأربع المقبلة”.

نقلاً عن : اندبندنت عربية