رغم أن فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير بدأت في تسعينيات القرن الماضي، وفي عام 2002 تم وضع حجر الأساس لمشروع المتحف ليُشيَّد في موقع متميز يطل على أهرامات الجيزة الخالدة، إلا أن المشروع لم ير النور ويظهر عظمته للعالم إلا في السنوات الأخيرة، بعد دعم الدولة المصرية له باعتباره أحد أهم وأعظم المشروعات الأثرية على مستوى العالم خلال القرن الحالي.


وأعلنت مصر تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) والاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين، عن مسابقة معمارية دولية لأفضل تصميم للمتحف، وقد فاز التصميم الحالي المُقدم من شركة هينغهان بنغ للمهندسين المعماريين بأيرلندا Heneghan Peng Architects، والذي اعتمد تصميمه على أن تُمثل أشعة الشمس الممتدة من قمم الأهرامات الثلاثة عند التقائها كتلة مخروطية هي المتحف المصري الكبير.


وتم البدأ في بناء مشروع المتحف في مايو 2005، حيث تم تمهيد الموقع وتجهيزه، وفي عام 2006، أُنشئ أكبر مركز لترميم الآثار بالشرق الأوسط، خُصص لترميم وحفظ وصيانة وتأهيل القطع الأثرية المُقرر عرضها بقاعات المتحف، والذي تم افتتاحه خلال عام 2010، لكن المشروع تعطل بسبب الأحداث التي مرت بها مصر في تلك الفترة.

 

وفي 2016 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2795 لسنة 2016 بإنشاء وتنظيم هيئة المتحف المصري الكبير، قبل أن يصدر القانون رقم 9 لسنة 2020 بإعادة تنظيم هيئة المتحف كهيئة عامة اقتصادية تتبع الوزير المختص بشئون الآثار. وقد أصدر رئيس الجمهورية قراراً بتشكيل مجلس أمناء هيئة المتحف المصري الكبير برئاسته، وعضوية عدد من الشخصيات البارزة والخبراء الدوليين والمصريين، ويختص المجلس بإقرار السياسة العامة والخطط اللازمة لهيئة المتحف، ودعم ومتابعة نشاطه. فيما يتولى إدارة المتحف مجلس للإدارة برئاسة الوزير، وعضوية كلٍ من: الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف المصري الكبير، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية، الرئيس التنفيذي للهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، رئيس مجلس إدارة الاتحاد المصري للغرف السياحية، والمستشار القانوني للوزير، إلى جانب عدد من الخبراء المتخصصين في مجالات (الآثار، الاقتصاد، القانون، الإدارة، التعاون الدولي، والتسويق).

 

واكتمل تشييد مبنى المتحف، والذي تبلغ مساحته أكثر من 300 ألف متر مربع، خلال عام 2021، ليتضمن عدد من قاعات العرض، والتي تعتبر الواحدة منها أكبر من العديد من المتاحف الحالية في مصر والعالم. ويُعد المتحف أحد أهم وأعظم إنجازات مصر الحديثة؛ فقد أُنشئ ليكون صرحاً حضارياً وثقافياً وترفيهياً عالمياً متكاملاً، وليكون الوِجهة الأولى لكل من يهتم بالتراث المصري القديم، كأكبر متحف في العالم يروي قصة تاريخ الحضارة المصرية القديمة، حيث يحتوي على عدد كبير من القطع الأثرية المميزة والفريدة من بينها كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون والتي تُعرض لأول مرة كاملة منذ اكتشاف مقبرته في نوفمبر 1922، بالإضافة إلى مجموعة الملكة حتب حرس أم الملك خوفو مُشيد الهرم الأكبر بالجيزة، وكذلك متحف مراكب الملك خوفو، فضلاً عن المقتنيات الأثرية المختلفة منذ عصر ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليوناني والروماني.

 

ويضم المتحف بين جنباته أماكن خاصة بالأنشطة الثقافية والفعاليات مثل متحف للأطفال، مركز تعليمي، قاعات عرض مؤقتة، سينما، مركز للمؤتمرات، وكذلك العديد من المناطق التجارية والتي تشمل محال تجارية، كافيتريات ومطاعم، بالإضافة إلى الحدائق والمتنزهات. وفي أبريل 2021، تم توقيع عقد تقديم وتشغيل خدمات الزائرين بالمتحف مع تحالف حسن علام الفائز، والذي يضم معه شركات مصرية ودولية ذات خبرات متنوعة في مجالات إدارة الأعمال والتسويق والضيافة والترويج والجودة والصحة والسلامة المهنية.


وشهد عام 2024 وبالتحديد في شهر أكتوبر الماضي التشغيل التجريبي للقاعات الرئيسية بالمتحف وعددها 12 قاعة، تروي تاريخ الحضارة المصرية من عصور ما قبل التاريخ، وحتى العصر اليوناني الروماني.


وتضم القاعات الرئيسية بالمتحف المصري الكبير أكثر من 14 ألف قطعة أثرية، تأخذ الزائرين في رحلة فريدة تمتد عبر آلاف السنين من التاريخ المصري، بداية من عصور ما قبل التاريخ ( قبل الميلاد) وصولاً إلى العصر الروماني (حوالي ميلادي). تضم المعروضات قطعًا أثرية تعرض ضمن ثلاثة موضوعات مترابطة – الملكية، المجتمع، والمعتقدات – بما يعكس العلاقة الديناميكية بين ملوك مصر القدماء، شعبهم، وآلهتهم.


 

نقلاً عن : اليوم السابع