المجال المغناطيسي للقلب… حقيقة ذبذبات تبث بين النبضة والأخرى

لا يعلم كثر أن القلب هو أقوى مصدر للطاقة الكهرومغناطيسية في جسم الإنسان لا بل وينتج أكبر مجال كهرومغناطيسي إيقاعي في الجسم، إذ تبلغ سعة المجال الكهربائي للقلب نحو 60 مرة أكبر من النشاط الكهربائي الناتج من الدماغ.
كما أن المجال المغناطيسي الذي ينتجه القلب أكبر بـ500 مرة من المجال الذي ينتجه الدماغ ويمكن اكتشافه على بعد 3 أقدام من الجسم في جميع الاتجاهات وذلك باستخدام المقاييس المغناطيسية المعتمدة على نظام SQUID (جهاز التداخل الكمي الفائق التوصيل).

أول إشارة

ينبض القلب قبل أن يتشكل الدماغ، فعندما يموت الدماغ يستمر القلب في النبض طالما أنه يحوي الأوكسجين، ويحتوي القلب على 40 ألف خلية عصبية مع قدرة على المعالجة والتعلم والتذكر، كما أن لديه عواطفه الخاصة.
وأظهر بحث أن القلب يرسل المعلومات إلى الدماغ وإلى الجسم عبر حقل كهرومغناطيسي، إذ يولد القلب أقوى وأوسع حقل كهرومغناطيسي متوازن في الجسم، وهو أقوى 500 مرة من حقل الدماغ ويمكن التقاطه على بعد أقدام عدة من الجسم باستخدام أجهزة قياس مغناطيسية حساسة، في حين لا يمكن اكتشاف المجال الذي يولده الدماغ إلا على بعد بوصة واحدة من فروة الرأس.
وعرضت أول إشارة مغناطيسية حيوية خلال عام 1863 من قبل غيرهارد بول، وريتشارد ماكفي في مخطط القلب المغناطيسي (MCG) الذي استخدم ملفات الحض المغناطيسي للكشف عن المجالات التي يولدها قلب الإنسان. ومنذ ذلك الحين تحققت زيادة ملحوظة في حساسية القياسات المغناطيسية الحيوية مع إدخال جهاز التداخل الكمي فائق التوصيل (SQUID) في أوائل السبعينيات، وتبين منذ ذلك الحين أن إشارات تخطيط القلب وتخطيط القلب تتوازى بصورة وثيقة مع بعضها بعضاً.

دماغ القلب

إذاً فلم يعد القلب مجرد مضخة بسيطة كما كان يعتقد البعض في السابق، بل أصبح العلماء يدركون الآن أنه نظام شديد التعقيد له “دماغ” وظيفي خاص به. وتظهر الأبحاث في مجال طب القلب العصبي الجديد أن القلب عضو حسي ومركز متطور لترميز المعلومات ومعالجتها. والواقع أن الجهاز العصبي الداخلي للقلب أو “دماغ القلب” يمكنه من التعلم والتذكر واتخاذ القرارات الوظيفية بصورة مستقلة عن الدماغ، وأثبتت التجارب أن الإشارات التي يرسلها القلب باستمرار إلى الدماغ تؤثر في وظائف مراكز الدماغ العليا التي تشارك في الإدراك والوعي والتجربة العاطفية.
وتوصل العلماء إلى أن القلب يولد سلسلة متواصلة من النبضات الكهرومغناطيسية وتختلف الفترة الزمنية بين كل نبضة على نحو ديناميكي ومعقد، ويمارس الحقل الإيقاعي الدائم للقلب تأثيراً قوياً على العمليات في مختلف أنحاء الجسم. ففي معهد “هارت ماث” أثبت على سبيل المثال أن إيقاعات المخ تتزامن بصورة طبيعية مع النشاط الإيقاعي للقلب، وأن إيقاعات الأنظمة التذبذبية الفسيولوجية المتنوعة تتناغم مع إيقاع القلب أثناء المشاعر المستمرة من الحب أو التقدير، كما أثبتت التجارب أن التغيرات في الحقل القلبي يمكن أن تؤثر في معدل نمو الخلايا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تشفير المعلومات

وعليه فإن مجال القلب يعمل كموجة حاملة للمعلومات التي توفر إشارة مزامنة عالمية للجسم بأكمله، فعندما تشع موجات الطاقة النابضة من القلب فإنها تتفاعل مع الأعضاء والهياكل الأخرى، فتشفر سماتها ونشاطها الديناميكي كأنماط تداخل لأشكال موجات الطاقة الموزعة في جميع أنحاء الجسم. وبهذه الطريقة تعمل المعلومات المشفرة على الإعلام بنشاط جميع الوظائف الجسدية، من ثم تعمل كآلية تنظيم عالمية لتنسيق ومزامنة العمليات في الجسم ككل.
وتشير الأبحاث المكثفة التي أجريت في معهد “هارت ماث” إلى أن المعلومات المتعلقة بالحال العاطفية للإنسان تنتقل أيضاً إلى جميع أنحاء الجسم عبر المجال الكهرومغناطيسي للقلب، إذ تتغير أنماط ضربات القلب الإيقاعية بصورة كبيرة مع تعرضنا لمشاعر مختلفة. فترتبط المشاعر السلبية مثل الغضب أو الإحباط بنمط غير منتظم وغير متماسك في إيقاعات القلب، وعلى النقيض من ذلك ترتبط المشاعر الإيجابية مثل الحب أو التقدير بنمط سلس ومنظم ومتماسك. وتخلق هذه التغييرات في أنماط ضربات القلب تغييرات مقابلة في بنية المجال الكهرومغناطيسي الذي يشعه القلب، والتي يمكن قياسها بتقنيات التحليل الطيفي.

تأثيرات المجال المغناطيسي في حياتنا

وفي هذا السياق تظهر الدراسات الحديثة التي أجريت على المجال الكهرومغناطيسي للقلب أنه يتلقى معلومات من البيئة المحيطة، وينقل أيضاً المعلومات حول الحال العاطفية للفرد. وبينت الدراسة أن المشاعر الإيجابية مثل الامتنان والحب والفرح ترتبط بمجال كهرومغناطيسي أكبر، بينما ترتبط المشاعر السلبية بمجال أكثر ضيقاً.
وبينت الدراسة أيضاً أن الحالات العاطفية مثل الامتنان تخلق إيقاعات متغيرة في معدل ضربات القلب وتكون منظمة ومتماسكة للغاية، وترتبط بصحة بدنية وعقلية وعاطفية أفضل مما يعزز الحالات العاطفية الإيجابية وتعزز تماسك النظم العصبية والبيولوجية، وتحسن وظيفة المناعة وترفع المزاج.
فأفكارنا ومشاعرنا تؤثر في طاقة المجال المغناطيسي للقلب مما يترك تأثيراً في ما حولنا ومن دون أن ندرك ذلك، فمجال القلب المغناطيسي يتأثر بما حوله من مجالات مشابهة، فمثلاً قد تلتقي بشخص لا تعرفه وتشعر بالراحة والسعادة، أو العكس من ذلك تلتقي بشخص آخر وتشعر بالنفور وعدم القبول بحضرته. كذلك قد تذهب إلى مطعم أو جمعة أصدقاء فتشعر بالارتياح أو العكس، فالعلماء يفسرون هذه الظاهرة على أن الأماكن أو الأشخاص الذين ترتاح إليهم يبثون طاقة وذبذبات كهرومغناطيسية أقوى أو مشابهة إلى المجال المغناطيسي الذي يبثه قلبك لذلك تشعر بالراحة، بينما الأماكن التي لا ترتاح إليها تبث مجالات مغناطيسية أقل بكثير مما يبثه مجال قلبك من طاقة وذبذبات ولهذا أنت تشعر بالنفور وعدم الرضا والراحة.

نقلاً عن : اندبندنت عربية