مع تكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان برز موقف “الثنائي الشيعي” أي “حزب الله” وحركة “أمل”، الذي أتى في البداية رافضاً هذا التكليف ثم تحول إلى موقف رمادي من المشاركة في الحكومة، بخاصة أنهما لم يشاركا في الاستشارات النيابية غير الملزمة التي أجراها الرئيس المكلف مع النواب والكتل النيابية.
في الوقت عينه تحدث نواب من الثنائي أكثر من مرة عما يصطلح على تسميته في لبنان “الميثاقية” وفقدانها إن تشكلت أية حكومة من دونهما، باعتبار أنهما الممثل الأكبر للطائفة الشيعية في لبنان، وعدم مشاركتهما في الحكومة الجديدة يعني غياب مكون أساس فيها، فيما يرفض الفرقاء الآخرون الحديث عن إقصاء هذه الطائفة في لبنان، رافضين احتكار تمثيلها في “الثنائي الشيعي”، باعتبار أن عدداً من أبنائهما لا يؤيدون الحركة والحزب.
لكن ما هذه الميثاقية التي كثيراً ما حضرت في السياسة اللبنانية؟ وهل المشكلة في التركيبة السياسية اللبنانية أم في الدستور نفسه؟
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يقول محافظ بيروت السابق القاضي زياد شبيب في مقابلة صوتية مع “اندبندنت عربية” إن “الميثاقية” هي كلمة مستمدة من ميثاق العيش المشترك بين اللبنانيين ويعني تحديداً وثيقة الوفاق الوطني في عام 1989 وقبل ذلك الميثاق الوطني لعام 1943، أي العقد الاجتماعي القائم بين الطوائف أو المكونات الاجتماعية في لبنان على طريقة إدارة الشأن العام في ما بينها، ولكن هذا الميثاق الذي له معنى فلسفي سياسي أُدرج في نصوص الدستور اللبناني، وبخاصة دستور عام 1990، أو التعديلات التي أدخلت عليه في ذلك العام إثر وثيقة الطائف (التي أنهت الحرب الأهلية)، وهذه المواد في الدستور هي التي أصبحت تحكم الحياة العامة، وتحدد كيفية تشكيل السلطات الدستورية من مجلس نيابي ومجلس وزراء وحكومة، وانتخاب رئيس الجمهورية.
يضيف “لكن أضيفت فقرة في مقدمة الدستور، هي الفقرة ’ي‘ التي تقول إن لا شرعية لأية سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، والمقصود بهذه الفقرة أن جميع السلطات عليها أن تتصرف بطريقة لا تؤدي إلى خلل على مستوى العيش المشترك، أي أن هذه الفقرة تتعلق بالأداء وبالتصرف وليس بالتكوين أو التأليف”.
المادة 95 من الدستور
يكمل شبيب “إذا كنا نتحدث مثلاً عن تكوين الحكومة، هذا الأمر تحكمه المادة 95 من الدستور التي تقول في إحدى فقراتها إن الطوائف تمثل تمثيلاً عادلاً في الحكومة، أي أن مسألة التأليف أو تكوين هذه السلطة الدستورية، لا تحكمها الفقرة ’ي‘ من مقدمة الدستور، لأن هذه الأخيرة تتعلق بالأداء والتصرف، ومن ثم لا يمكن استخدام فكرة الميثاقية المنصوص عليها في هذه الفقرة لتعطيل الحياة العامة، ولاحتكار تمثيل الطائفة”.
يعتبر القاضي زياد شبيب أن الحل الأمثل الذي نتمنى أن نصل إليه يوماً ما هو أن تكون الأحزاب أو القوى السياسية في لبنان غير قائمة على تمثيل طائفي الأساس، فيما جميع أو معظم الأحزاب هي أحزاب ذات تكوين طائفي، أي إنها تتكون من أناس من مواطنين لبنانيين ينتمون إلى طائفة دينية واحدة من جهة المبدأ، وهنا تكمن المشكلة الأساس، على حد قوله، إذ عندما تكون هناك أحزاب قائمة على أسس مختلفة، على أسس المواطنة والبرنامج السياسي، والأفكار السياسية المشتركة بين من ينتمون إلى حزب معين، فإن مسألة ادعاء الميثاقية لتعطيل الحياة العامة، تزول برمتها، لأن المشاركة في الحياة العامة تصبح على قاعدة البرنامج السياسي، وليس على قاعدة الانتماء الطائفي الواحد.
Listen to “الميثاقية” في لبنان بين معاني الكلمة ودورها السياسي”” on Spreaker.
نقلاً عن : اندبندنت عربية