أعلنت شركة “أورانو” الفرنسية المتخصصة في استخراج اليورانيوم أن سلطات النيجر استولت بالكامل على منجمها في البلاد “سومير”، بعدما أوقفت تصدير إنتاج الشركة العام الماضي، إثر الانقلاب العسكري في البلاد.
وتصدر “أورانو” إنتاجها من منجين لليورانيوم في شمال النيجر عبر ميناء في بنين، إلا أن السلطات الجديدة في البلاد أوقفت نقل الإنتاج العام الماضي، وحينما حاولت الشركة نقل اليورانيوم جواً، سحبت سلطات النيجر ترخيص الإنتاج من الشركة التي يشكل إنتاجها من النيجر نسبة 15 في المئة من اليورانيوم.
وهذا الأسبوع أعلنت “أورانو” أن حكومة النيجر استولت بالكامل على أعمالها التي تملك الشركة الفرنسية منها نسبة 63 في المئة، وتملك الحكومة النيجيرية الحصة الباقية، بحسب بيان صادر عن الشركة نقلته “رويترز”.
وحين حاولت الشركة تعويض توقف الإنتاج من منجم “سومير” بمنجم آخر، سحبت سلطات النيجر ترخيص التعدين من الشركة التابعة لها “ايمورارين”، وذلك في يونيو (حزيران) الماضي.
وفي يوليو (تموز) الماضي، ألغت السلطات في النيجر حقوق تطوير مشروع لاستخراج اليورانيوم للشركة الكندية “غوفي إكس يوارنيوم”.
ومثلها مثل دول أخرى في غرب أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء، بدأت السلطات الجديدة تقليص الدور الفرنسي في المنطقة، واعتبرت التحليلات الغربية أن ذلك التوجه نتيجة قرب الحكام الجدد من روسيا.
أهمية اليورانيوم
على رغم أن إنتاج النيجر من اليورانيوم لا يتجاوز خمسة في المئة من الإنتاج العالمي، إلا أنها تورد نحو 25 في المئة تقريباً من حاجات المفاعلات في أوروبا من اليورانيوم لتشغيلها.
وتأتي فرنسا في مقدمة الدول الأوروبية التي تعتمد على المفاعلات النووية لتوليد الطاقة لاستهلاكها المحلي وللتصدير لدول الجوار بما فيها بريطانيا، إذ تنتج فرنسا 65 في المئة من الكهرباء من محطات توليد تعمل بمفاعلات نووية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولدى فرنسا 18 محطة طاقة نووية بها 56 مفاعلاً نووياً، إلا أن إنتاج فرنسا ذاتها من اليورانيوم توقف منذ 20 عاماً، لذا فهي تعتمد على الاستيراد من الخارج. وخلال السنوات الـ10 الأخيرة استوردت فرنسا ما يصل إلى 90 ألف طن من اليورانيوم، استوردت نحو 20 في المئة من الإجمالي من النيجر.
وعلى رغم نسبة إنتاجها من الإنتاج العالمي، إلا أن النيجر تأتي تالياً في الأهمية العالمية بعد كازاخستان التي تنتج نحو 45 في المئة من الإنتاج العالمي من اليورانيوم.
سيكون على فرنسا أن تسعى إلى تعويض وارداتها من اليورانيوم من النيجر بزيادة وتيرة الاستيراد من دول أخرى، مثل كازاخستان أو أستراليا أو ناميبيا.
وحاولت “أورانو” خلال الأشهر الأخير تعويض توقف إنتاجها في النيجر بزيادة الإنتاج من مشاريع في كازاخستان وكندا، لكن بعد سيطرة حكومة النيجر على الشركة أصبح وضعها المالي في أزمة.
روسيا وإيران
إلى ذلك سيعني توقف توريد اليورانيوم إلى أوروبا من النيجر وغيرها من دول أفريقيا زيادة اعتماد الدول الأوروبية على روسيا في توريد اليورانيوم اللازم، لتشغيل مفاعلاتها النووية في محطات الطاقة.
وعلى رغم العقوبات المشددة على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، زاد استيراد دول الاتحاد الأوروبي لليورانيوم من روسيا 70 في المئة، وفقاً لتقرير “بي بي سي” هذا الأسبوع.
ومنذ التغيرات في دول غرب أفريقيا على مدى العامين الماضيين وتقليص الدور الفرنسي، تستدعي السلطات الجديدة في تلك الدول روسيا للاستثمار في قطاعات التعدين من مناجم الذهب إلى اليورانيوم وغيرها، إذ تعد فرنسا من أكبر المتضررين اقتصادياً، فضلاً عن الخسارة الاستراتيجية لوجودها العسكري ونفوذها السياسي في المنطقة.
ومن المعروف أن روسيا في مقدمة دول العالم لتخصيب اليورانيوم وتنقية الإنتاج الخام وما يسمى “الكعكة الصفراء”، وتحويلها إلى قضبان يورانيوم للاستخدام في المفاعلات.
وكانت مسألة اعتماد معظم دول العالم على تنقية وتخصيب اليورانيوم في روسيا واحدة من القضايا الشائكة في مناقشات فرض عقوبات على موسكو.
وبحسب تقرير “بي بي سي” فإن زيارة رئيس وزراء النيجر الجديد علي ماهامان الأمين إلى طهران في يناير (كانون الثاني) هذا العام ربما تضمنت بحث اتفاق استيراد إيران مركز اليورانيوم “الكعكة الصفراء” من النيجر، وبالطبع لن يكون إنتاج شركات فرنسية أو كندية أو أسترالية، فإما تصبح شركات التعدين حكومية في تلك الدول الأفريقية أو تحل شركات روسية محل الشركات الغربية.
نقلاً عن : اندبندنت عربية