على طريق الكريمات بمدينة 15 مايو أمام مصنع حلوان للأسمنت، على مساحة 30 فداناً، يقع مصنع «جرين بلانت»، أحد مصانع تدوير ومعالجة المخلفات، تقف أمامه عربات نصف نقل كبيرة محملة بكميات ضخمة من المخلفات مختلفة الأشكال، تنتظر دخولها لمنطقة الاستقبال داخل المصنع، ثم لمنطقة الفصل، لتبدأ رحلتها فى عالم التدوير لتخرج من المصنع مرة أخرى ولكن بثوبها الجديد الأكثر نظافة وأماناً للبيئة.. عاصرت «الوطن» رحلة المخلفات وتحولها لـ«سماد عضوى» ووقود بديل.

«الكمبوست» يمثل 30% من قيمة المخلفات.. ويتبقى 30% غير صالحة للتدوير أو المعالجة يتم دفنها صحياً

جرارات تسير فى حركة مستمرة بجميع نواحى المكان، تحمل فوقها كمية من القمامة التى تم استقبالها، ثم تلقيها داخل مناطق الفرز، ثم تنقلها مرة أخرى عقب فرزها إلى معدات المعالجة والدفن الصحى، مشهد متكرر على مدار الـ24 ساعة داخل المصنع، الذى يستقبل يومياً 2750 طن مخلفات، خلال ورديتَى عمل لعدد كبير من العمال والفنيين الذين ظهروا داخل المصنع بارتداء «فيست وقفاز» لمتابعة عملهم، الذين اعتادوا عليه منذ 3 سنوات.

«حجازى»: نعمل بالفرز والمعالجة والدفن الصحى

«نستقبل المخلفات على مدار 24 ساعة من المنطقة الغربية والجنوبية لمحافظة القاهرة، والمصنع مؤهل لاستقبال 4000 طن يومياً، ونعمل بالفرز والمعالجة والدفن الصحى».. هكذا بدأ اللواء جمال حجازى، الرئيس التنفيذى لشركة «جرين بلانت» لتدوير المخلفات والحلول البيئية المستدامة، حديثه عن آلية العمل داخل المصنع لإعادة تدوير المخلفات، والتى تتم طبقاً لقانون إدارة المخلفات رقم 202 لسنة 2020، بشأن معالجة المخلفات بصورة آمنة وإعادة استخدامها قدر الإمكان، ما يؤدى إلى الحفاظ على البيئة، والحفاظ على صحة الإنسان وهو الهدف الرئيسى من منظومة إدارة المخلفات.

وأوضح الرئيس التنفيذى لشركة «جرين بلانت»، فى حديثه لـ«الوطن»، أن العمل داخل مصانع تدوير المخلفات يتم على مرحلتين، المرحلة الأولى تشمل تحويل المخلفات إلى نواتج مفيدة للبيئة، أى الاستفادة من المخلفات سواء كما هى أو إعادتها لمنتجات جديدة، مضيفاً: «لدينا مصانع تدوير وخطوط إنتاج تستهدف إنتاج منتجين وفقاً لتوصيات وزارة البيئة، وقانون تنظيم إدارة المخلفات».

وأشار إلى أن مراحل العمل ضمن منظومة إدارة المخلفات تبدأ بعملية الفرز، والتى تنقسم إلى 3 أجزاء من المخلفات، جزأين مهمين يعاد إنتاجهما، وجزء آخر لا يمثل أهمية يتم دفنه دفناً صحياً والتخلص منه بطريقة آمنة لا تؤثر على تلوث البيئة، سواء فوق الأرض أو تحت الأرض، بطريقة صحيحة وفقاً لوزارة البيئة: «المنتج الأول الكمبوست وهو سماد طبيعى عضوى ويساعد فى استصلاح الأراضى الصحراوية، ويتم الطلب عليه بكميات كبيرة، ويمثل 30% من قيمة المخلفات الواردة إلينا».

وأضاف «حجازى» أن المنتج الثانى هو إنتاج وقود بديل RDF، من الجزء الثانى للمخلفات الذى لا يصلح لتحويله للكومبست، وهو المرقودات والتى تستخدمها مصانع الأسمنت لسعرها الرخيص بدلاً من الغاز نظراً لارتفاع سعره وتكلفته، وما يتبقى نحو من 20 إلى 30% مخلفات غير صالحة للتدوير أو المعالجة يتم دفنها دفناً صحياً وفقاً لاشتراطات وزارة البيئة، سواء فوق الأرض أو تحت الأرض، بعيداً عن المياه الجوفية لتجنب تلوث المياه.

أما عن المشروعات التى شارك بها مصنع «جرين بلانت»، أوضح «حجازى» أن المشروع الأول شمل تسلم نصف مخلفات القاهرة الكبرى، وتم التعامل معها وتدويرها داخل المصنع، أما المشروع الثانى فجاء بالتعاون مع وزارة البيئة ومحافظة جنوب سيناء بشأن تجهيز الشكل البيئى السليم لاستقبال مؤتمر المناخ cop27 الذى تم تنظيمه فى مدينة شرم الشيخ، والذى لقى احتفاء وزارة البيئة والمشاركين بالمؤتمر.

وتابع: «بنشتغل فى المصنع 3 ورديات على مدار اليوم عشان نقدر نتعامل مع كمية المخلفات اللى بنستقبلها يومياً، وبنسعى إننا نطور المصنع ونزيد مساحته عشان نقدر نستقبل كمية أكبر من المخلفات ونتعامل معاها وفقاً للائحة التنفيذية لقانون تنظيم المخلفات، وبالتعاون المستمر مع وزارة البيئة».

هناك مواسم يزيد فيها معدل استقبال المخلفات خاصة فى الأعياد يصل المتوسط اليومى إلى 3 آلاف طن

بدوره، قال المهندس فايز ميخائيل، رئيس مركز البحوث بشركة جرين بلانت، إن هناك مواسم يزيد فيها معدل استقبال المخلفات، خاصة فى الأعياد والمناسبات العامة، حيث يصل متوسط الاستقبال اليومى إلى 3000 طن، مؤكداً أنه نظراً لارتفاع أسعار خطوط الإنتاج والمصانع المستوردة، فإن جميع خطوط الإنتاج تم تصنيعها بالجهود الذاتية والخامات المحلية، لتقليل التكلفة، وأن هناك تواصلاً مستمراً مع وزارة البيئة ونعمل طبقاً لاشتراطاتها.

ونتلقى زيارات مستمرة من الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة للموقع ومتابعة آلية العمل داخله، موضحاً أن آلية العمل داخل المصانع تعمل بطريقة حديثة مطورة: «لدينا عدد كبير من المهندسين المؤهلين ومنهم مؤهلون من الخارج بالحصول على شهادات خبرة من دول أخرى، للعمل بمنظومة إدارة المخلفات بشكل مطور ومعدات وآلات حديثة تخدم عملية التدوير بمراحلها المختلفة».

المخلفات غير القانونية والخطرة لا نتعامل معها.. ويتم فقط مع «البلدية الصلبة» الواردة من المنازل 

وأضاف «ميخائيل» أن لديهم استراتيجية عمل تستهدف تحسين البيئة الخاصة بالمنطقة الموجودين بها، وهى منطقة 15 مايو بحلوان، وتتضمن الاستراتيجية منع دخول المخلفات غير القانونية، وتسلم فقط المخلفات البلدية الصلبة الناتجة من المنازل: «المخلفات غير القانونية هى مخلفات البناء مش باستلمها لأن لها منافذ أخرى تتعامل معاها، والمخلفات الخطرة أيضاً ببلّغ بيها وزارة البيئة للمتابعة، كى لا يتم التصرف فيها بصورة غير آمنة على البيئة والمواطنين».

نقلاً عن : الوطن