يعود استحقاق التجديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان “يونيفيل” هذا العام، وسط تساؤلات عديدة حول مستقبل مهمتها. أبرز الأسئلة المطروحة تشمل إمكانية إلغاء مهمتها، أو تحويلها إلى الفصل السابع، أو تعديل مهامها لتشمل ضبط مراكز السلاح. كما يتم طرح فكرة توسيع صلاحياتها لتشمل شمال نهر الليطاني، والسماح لها بالدخول إلى مستودعات الأسلحة التي يمتلكها “حزب الله”. وفي هذا السياق، تتزايد التساؤلات حول إمكانية استبدال “يونيفيل” بقوات أخرى تحت مظلة لجنة المراقبة الدولية.

هذه الأسئلة تزداد أهمية مع الحديث المتكرر في الأوساط الأميركية حول إعادة النظر في تمويل القوات الدولية. وأشار مصدر دبلوماسي أوروبي زار واشنطن إلى أن هناك شكوكاً حول دور “يونيفيل”، مما يزيد من احتمالية تصويت الولايات المتحدة ضد تجديد مهمتها. يُناقش حالياً مدى جدوى بقاء القوات الدولية في ضوء التفاهمات بين لبنان وإسرائيل بشأن وقف إطلاق النار، إضافة إلى دور لجنة المراقبة التي ترأسها الولايات المتحدة، وكذلك المحاولات لإنشاء مجموعة مراقبين دوليين لضمان تنفيذ القرار 1701. وهناك قلق متزايد في مجلس الأمن من أن يتطور النقاش إلى حد إلغاء مهمة “يونيفيل”. كما تكشف المصادر الدبلوماسية في الأمم المتحدة عن توجه لتقليص ميزانية “يونيفيل”، نظراً للأزمة المالية العالمية وتزايد الاقتناع الأميركي بتراجع دورها وفشلها في منع “حزب الله” من إعادة بناء ترسانته العسكرية بعد حرب 2006.

على الرغم من ذلك، يصر لبنان الرسمي على بقاء القوات الدولية بأدوارها الحالية دون تعديل. وقد أبلغ رئيس الجمهورية جوزاف عون ووزير الخارجية يوسف رجي قائد “يونيفيل” اللواء أرولدو لاثارو بهذا الموقف، بينما تستمر الحكومة اللبنانية في بذل الجهود الدبلوماسية لضمان عدم تعديل مهمتها في مجلس الأمن. ولكن في الفترة الأخيرة، تجددت حوادث الاحتكاك بين “يونيفيل” و”حزب الله” في منطقة عمل القوات الدولية جنوب نهر الليطاني، مما يثير تساؤلات حول علاقة هذه الحوادث بالتحضيرات لتجديد المهمة في أغسطس المقبل.

فيما يتعلق بموقف “حزب الله”، فقد استخدم الحزب أسلوبه المعتاد في إيصال رسائل معينة من خلال “الأهالي” الذين اعترضوا على دوريات “يونيفيل”، مطالبين بإيقافها بحجة عدم مرافقتها للجيش اللبناني. ولكن في حال تم إلغاء مهمة “يونيفيل”، فإن “حزب الله” قد يكون أول المتضررين.

وخلال جلسة مغلقة في مجلس الأمن في مارس الماضي، تمت مراجعة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بشأن تنفيذ القرار 1701، حيث أشار التقرير إلى أن الجيش اللبناني استجاب لـ 60% من الحوادث والخروق المبلغة من قبل “يونيفيل”، فيما كان العائق الرئيس هو نقص الموارد، وليس اعتبارات سياسية. كما طلبت “يونيفيل” الوصول إلى مواقع حساسة، منها أنفاق ومنشآت تحت الأرض، لكن جميع أعضاء مجلس الأمن أعربوا عن دعمهم للقوات الدولية باستثناء الولايات المتحدة التي التزمت الصمت.

هذا وتُعبر المصادر الدبلوماسية في الأمم المتحدة عن قلق متزايد من الضغط الأميركي لتعديل مهام “يونيفيل” وتوسيع صلاحياتها لتشمل مناطق أخرى. ومنذ عام 2019، بدأت واشنطن تلوح بتعديل المهمة، بل وأحياناً بوقف تمويلها. هذا العام، تزامن الضغط الأميركي مع نتائج الحرب الإسرائيلية على لبنان، حيث تم الكشف عن أنفاق ومخازن أسلحة تابعة لـ”حزب الله” بالقرب من مناطق عمل “يونيفيل”. وترى واشنطن أنه من الضروري تعزيز دور الجيش اللبناني وتمكينه من القيام بمهمة نزع السلاح.

في المقابل، تسعى الحكومة اللبنانية، بالتعاون مع حلفائها الدوليين، لا سيما فرنسا، إلى إقناع واشنطن بعدم تعديل مهمة “يونيفيل”، وتقديم مسودة تجديد مشابهة لما تم في العام الماضي. ورغم الضغوط الأميركية والإسرائيلية، فإن الحكومة اللبنانية تأمل في أن يحافظ مجلس الأمن على الوضع القائم، وتراهن على دعم دول مثل فرنسا وروسيا لرفض التعديلات على مهمة القوات الدولية.

وأخيراً، تشير التقارير إلى أن وفداً من مجلس الأمن سيزور بيروت في الأيام المقبلة لبدء التفاوض مع الجانب اللبناني حول تجديد مهمة “يونيفيل”.