اختار الحزب الحاكم في جورجيا اليوم السبت، ميخائيل كافيلاشفيلي الموالي له من اليمين المتطرف رئيساً للبلاد في عملية انتخابية مثيرة للجدل، بينما أعلنت الرئيسة الحالية سالومي زورابيشفيلي أن التصويت “غير شرعي”، رافضة التنحي.

وأعلن رئيس اللجنة المركزية للانتخابات جيورجي كالانداريشفيلي، أن الهيئة الانتخابية التي يسيطر عليها حزب “الحلم الجورجي” الحاكم والتي قاطعتها المعارضة، انتخبت ميخائيل كافيلاشفيلي بـ224 صوتاً رئيساً جديداً للبلاد لمدة خمسة أعوام.

وانتخاب لاعب كرة القدم السابق قد يفاقم الأزمة في جورجيا حيث تخرج تظاهرات مؤيدة للاتحاد الأوروبي.

ومنذ التاسعة صباح اليوم (5:00 بتوقيت غرينتش)، بدأ مئات المتظاهرين يتجمعون متحدين البرد والثلج ومتوافدين إلى محيط البرلمان حيث جرى التصويت خلال عملية انتخابية قاطعتها المعارضة.

وجلب بعض المحتجين كرات قدم وشهاداتهم الجامعية استهزاء بكافيلاشفيلي. وقال تيناتن ماتشاراشفيلي ملوحاً بشهادة تدريس الصحافة التي استحصل عليها، “ينبغي ألا يكون رئيسنا من دون شهادة جامعية، فهو يعكس صورة بلدنا”.

وكان كافيلاشفيلي، المعروف بتهجمه اللاذع على منتقدي الحكومة، المرشح الرئاسي الوحيد رسمياً لأن المعارضة رفضت المشاركة في البرلمان بعد الانتخابات التشريعية التي أجريت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وشكك في نتيجتها، ولم ترشح أحداً لمنصب الرئيس.

ويتهم المتظاهرون كافيلاشفيلي البالغ 53 سنة، بأنه دمية بين يدي الملياردير بدزينا إيفانيشفيلي الذي جمع ثروته في روسيا وأسس حزب “الحلم الجورجي” ويحكم جورجيا من الكواليس منذ عام 2012.

 

الانضمام للاتحاد الأوروبي

وتتخبط الدولة القوقازية في أزمة منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في 26 أكتوبر 2023 وفاز بها حزب “الحلم الجورجي” الحاكم وطعنت بنتائجها المعارضة المؤيدة لأوروبا. ونهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أصدرت الحكومة قراراً أرجأت بموجبه إلى عام 2028 بدء المساعي لانضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي، وهو هدف منصوص عليه في الدستور.

ولقي هذا القرار احتجاجات شعبية نظمها المؤيدون لأوروبا تخللتها صدامات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن.

ومنذ صدور القرار تشهد جورجيا كل مساء تظاهرات احتجاجية تفرقها الشرطة باستخدام خراطيم المياه وقنابل الغاز المسيل للدموع، ويرد عليها المتظاهرون برشق عناصر الشرطة بالحجارة والألعاب النارية.

ويقول المتظاهرون، إنهم ماضون في احتجاجاتهم حتى تتراجع الحكومة عن قرارها.

وللمرة الأولى منذ بدأت هذه الاحتجاجات، جرت في تبليسي أمس الجمعة، تظاهرة نهارية حاشدة نظمتها قطاعات مهنية.

ودعت المعارضة التي تتهم الحكومة باتباع نهج استبدادي موال لروسيا إلى عشرات التجمعات الاحتجاجية في العاصمة تبليسي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رئيس بصلاحيات محدودة

وأعلنت الرئيسة المنتهية ولايتها سالومي زورابيشفيلي التي تتمتع بسلطات محدودة لكنها على خلاف مع الحكومة وتدعم المتظاهرين، أنها لن تتخلى عن منصبها إلى أن يتم تنظيم انتخابات تشريعية جديدة.

وخلال مؤتمر صحافي عقدته أمس، عدت زورابيشفيلي أن الانتخابات الرئاسية المقررة اليوم ستكون “غير دستورية” و”غير شرعية”، منددة بما وصفته “مهزلة”.

وفي جورجيا، صلاحيات رئيس الدولة محدودة ورمزية. لكن ذلك لم يمنع زورابيشفيلي المولودة في فرنسا والبالغة 72 سنة، من أن تصبح أحد أصوات المعارضة المؤيدة لأوروبا.

ومساء أمس، جرت التظاهرة أمام البرلمان في تبليسي من دون اضطرابات، على عكس الاحتجاجات السابقة التي تخللتها اشتباكات عنيفة منذ انطلقت في 28 نوفمبر.

وأوقفت السلطات خلال التظاهرات الاحتجاجية أكثر من 400 متظاهر، بحسب الأرقام الرسمية.

من جهته، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في رسالة مصورة، إن فرنسا تقف إلى جانب “أصدقائها الجورجيين الأعزاء” في “تطلعاتهم الأوروبية والديمقراطية”.

في المقابل، حمل “الحلم الجورجي” المتظاهرين والمعارضة المسؤولية عن أعمال العنف، مشيراً إلى أن التظاهرات كانت أكثر هدوءاً منذ أيام، وأن الشرطة ضبطت كميات كبيرة من الألعاب النارية.

وأعلنت واشنطن أمس، أنها فرضت على نحو 20 شخصاً في جورجيا، بينهم وزراء وبرلمانيون، حظر تأشيرات متهمة إياهم بـ”تقويض الديمقراطية”.

 

شرعية الانتخاب

وحتى قبل أن يصبح كافيلاشفيلي رئيساً، شكك خبراء في القانون الدستوري في شرعية انتخابه المرتقب، ومن بينهم أحد واضعي الدستور، فاختانغ خمالادزيه.

وبحسب هذا المتخصص الدستوري، فإن سبب هذا التشكيك هو أن البرلمان صادق على انتخاب النواب خلافاً للقانون الذي يقضي بانتظار قرار المحكمة في شأن طلب الرئيسة زورابيشفيلي إلغاء نتائج انتخابات أكتوبر.

وأضاف خمالادزيه، أن “جورجيا تواجه أزمة دستورية غير مسبوقة”، مشدداً على أن “البلاد تجد نفسها من دون برلمان أو سلطة تنفيذية شرعيين، والرئيس المقبل سيكون غير شرعي أيضاً”.

وبدأت التظاهرة اليوم أمام البرلمان في أجواء هادئة واكتفت الشرطة بحظر النفاذ إلى مدخل المبنى. لكنها وضعت ثلاثة خراطيم مياه ونحو 20 مركبة على أهبة للتدخل في ساحة الحرية.

وقالت ناتيا أبخازافا، “الشرطة في كل مكان… وعلى رغم الثلوج والأمطار والطقس البارد في الشتاء، سنناضل من أجل بلدنا”.

وكشفت صوفي كيكوشفيلي من جهتها أنه لم يغمض لها جفن في الأسابيع الأخيرة. وأخبرت المحامية البالغة 39 سنة التي تركت ابنها البالغ 11 سنة وحيداً في المنزل، “بات الجميع مهدداً الآن، من الأصدقاء والأقرباء ولم يعد في وسعنا التركيز على العمل”. وتوقعت أن تطبق السلطات نهجاً استبدادياً “سيتفاقم مع مرور الوقت إن لم نقاوم اليوم… هذه هي الفرصة الأخيرة للنجاة”.

نقلاً عن : اندبندنت عربية