تُجسّد عمارة واحات الأحساء نموذجًا معماريًا مميزًا يعكس الهوية الثقافية والتاريخية للمحافظة، حيث يشكّل التراث العمراني عنصرًا أساسيًا في تشكيل الطابع الحضري للمنطقة. وفي إطار الحفاظ على هذا الإرث وتعزيز المشهد المعماري المحلي، يُبرز دليل تحليل عمارة واحات الأحساء أهمية اعتماد نظام موحد في اختيار المواد والألوان، مع التركيز على تحقيق الانسجام البصري بين العناصر المعمارية والبيئة الطبيعية المحيطة. ويطرح الدليل مجموعة من التوصيات التي تدعو إلى استخدام الألوان الترابية والمواد المستمدة من الطبيعة، بهدف إحياء الخصائص المحلية وخلق بيئة معمارية متناغمة تعكس جمال الأحساء وأصالتها.
الأنماط الزخرفية: رموز من التراث
يشير الدليل إلى أن الزخارف التقليدية في الأحساء ليست مجرد عناصر جمالية، بل تحمل دلالات ثقافية عميقة، حيث يرتبط كل نمط بمعنى رمزي خاص. ويوصي بالعودة إلى الأنماط الهندسية الأصيلة، لما تحويه من طبقات زخرفية غنية يمكن الاستفادة منها في التصاميم الحديثة. كما يقترح استخلاص الزخارف الفردية من تلك الأنماط، وتجريدها لتكوين وحدات زخرفية هندسية بسيطة قابلة للتكرار والتناغم، على أن يُعاد تبسيط هذه الوحدات واستخدامها في تصميم واجهات المباني الجديدة، سواء في الفتحات أو النوافذ، بما يحقق التوازن بين الأصالة والمعاصرة.
الفريج، البراحة، والساباط: مكونات النسيج العمراني
يتناول الدليل الخصائص العمرانية التقليدية لواحات الأحساء، حيث تتكون البلدة القديمة من أحياء تُعرف محليًا بـ”الفريج”، يضم كل منها تجمعات سكنية مع مسجد ومدرسة، وغالبًا ما تكون ملكية “الفريج” لعائلة واحدة. وتتميز هذه التجمعات بكثافة البناء وتقارب المباني، مع وجود ممرات ضيقة توفر الظل وتخفف من تأثير أشعة الشمس، وتُوجَّه هذه الممرات عادة من الشرق إلى الغرب لضمان التهوية الطبيعية والراحة المناخية.
وتقع “البراحة” عند تقاطعات الممرات، وتُعد مساحات مفتوحة تسهم في تحريك الهواء داخل النسيج العمراني. كما يشير الدليل إلى عنصر معماري مميز يُعرف بـ”الساباط”، وهو ممر مسقوف يقع أسفل غرفة مشيدة بين مبنيين على جانبي الشارع، ويُستخدم كامتداد وظيفي ومساحي للمسكن.