لم تعد انقطاعات الكهرباء المفاجئة في إيران تقتصر على حرارة الصيف الشديدة أو برد الشتاء القارس، بل أصبحت تمتد لتشمل فصلي الربيع والخريف أيضاً، ليصبح توقف الأجهزة المنزلية من التلفاز والثلاجة إلى الإضاءة جزءاً من روتين الحياة اليومية للملايين. هذه الانقطاعات المتكررة لا تؤدي فقط إلى تعطيل الأجهزة، بل تسبب انقطاع مضخات المياه وانعدام خدمات الإنترنت، ما يفاقم من معاناة الأسر ويهدد أمنها وراحتها النفسية.
رغم تأكيدات مسؤولي النظام، وعلى رأسهم وزير الطاقة عباس علي آبادي، بأن وضع الطاقة في إيران أفضل من كثير من دول المنطقة وأنه يجب النظر إلى “النصف الممتلئ من الكأس”، يبدي الإيرانيون غضبهم من هذه التصريحات التي يصفونها بأنها بعيدة عن الواقع المرير الذي يعيشه المواطنون يومياً.
خسائر يومية وأضرار متراكمة
في عصر باتت فيه الكهرباء حاجة أساسية لا غنى عنها، تسبب الانقطاعات في فقدان الطعام، تعطل الأجهزة الطبية والمنزلية، وتزيد من التوتر النفسي، كما توثق شهادات من مدن مختلفة مثل الأحواز ومشهد، حيث يعاني السكان من فساد الأدوية وحليب الأطفال بسبب انقطاع التيار.
ويعاني الكثير من الأفراد من خسائر مادية فادحة نتيجة احتراق الأجهزة الكهربائية أو تلفها، فيما تزداد معاناة كبار السن والأطفال الذين يعلقون في المصاعد أو يعيشون في منازل بلا مياه أو إنارة، مما يدفع بالكثيرين إلى استخدام حلول مؤقتة وخطرة كالشمع والمصابيح المحمولة.
تأثيرات متشعبة على الاقتصاد والعمل
الانقطاعات لا تقتصر على تعطيل الحياة المنزلية، بل امتدت لتشل الأعمال والمشاريع الصغيرة التي تعتمد على الكهرباء. فقد توقف العمل في المخابز، وتعرضت شركات صغيرة لخسائر أدت إلى تسريح عمال، فيما توقفت خدمات التجارة الإلكترونية بسبب انقطاع الإنترنت والكهرباء.
الخطر يتسلل إلى المستشفيات
الأمر لا يتوقف عند المنازل والأسواق، بل يمتد إلى المستشفيات التي قد تغرق في الظلام، مع مولدات طوارئ غالباً ما تكون متهالكة أو غير كافية، مما يعرض حياة المرضى للخطر، خصوصاً في المناطق المحرومة والأقسام الحيوية.
سخط شعبي وغياب حلول
تزامن هذا الواقع مع استهزاء وتندر شعبي على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يطلق الإيرانيون هاشتاغات تعبر عن سخطهم على الأوضاع، ويعكسون خيبة أملهم من وعود المسؤولين الذين يؤجلون الحلول، ويتذرعون بصعوبة الأزمة وتعقيدها، فيما يبقى العبء الأكبر على كاهل المواطن العادي.
تؤكد هذه الأزمة المتواصلة أن انقطاع الكهرباء في إيران ليس مجرد مشكلة تقنية، بل أزمة اجتماعية واقتصادية وصحية تهدد استقرار حياة الملايين، وسط غياب أي خطوات عملية تعيد الأمل أو تخفف من وطأة المعاناة.