في زاوية هادئة من قرية الزعاترة بمركز الزرقا في محافظة دمياط، بعيدًا عن ضوضاء الماكينات في الورش الحديثة، يعمل عم محمد عبد المنعم، البالغ من العمر 49 عامًا، في ورشته الصغيرة. يمسك بإبرة وخيط، ويصنع الأحذية كفنان يرسم لوحات فنية على الجلد الطبيعي، مستخدمًا يديه وعشقه العميق لهذه الحرفة التي مارسها لمدة عشر سنوات.

بداية عم محمد مع صناعة الأحذية

يروي عم محمد كيف بدأت قصته مع صناعة الأحذية، مؤكدًا أنه تعلم المهنة على يد صديقه محمد السجيني من قرية بساط كريم الدين في مركز شربين. جلس معه لفترة طويلة حتى تعلم أسرار المهنة، ليكمل بعدها الطريق بنفسه. ويقول: “الحمد لله أكملت المشوار بيدي”.

ورغم أن معظم الحرفيين في صناعة الأحذية يعتمدون على الماكينات، اختار عم محمد المسار الأصعب، الذي يراه أكثر أصالة وهو العمل اليدوي بالكامل. ويشدد على أن الجلد الطبيعي هو أفضل خامة يمكن العمل بها، نظرًا لجودته ومتانته، مشيرًا إلى أن السعر يعتمد على جودة الجلد والخامات المستخدمة.

العمل اليدوي وصناعة الأحذية

صناعة الحذاء اليدوي تستغرق وقتًا طويلاً قد يصل إلى يومين، كما يوضح عم محمد. يبدأ أولاً بتشكيل الجلد على القالب، ثم يتركه في الشمس قبل أن يعيده إلى القالب ويثبت الجلد مرة أخرى. بعد ذلك، يضيف المواد اللازمة لتماسك الحذاء ويبدأ في عملية التقفيل.

وعن الفرق بين العمل اليدوي والعمل الآلي، يبين عم محمد: “الشغل الآلي أسرع ويجذب الشباب الذين يريدون إنهاء عملهم بسرعة، لكن العمل اليدوي له عشاقه الذين يفضلون الدقة والجودة. العمل الآلي أحيانًا يكون غير متناسق، بينما في العمل اليدوي، تشعر وكأنك صنعت شيئًا بروحك”.

التحديات والواقع

ورغم حبه العميق لمهنته، لا يخفى على عم محمد التحديات التي يواجهها، خصوصًا في صناعة الأحذية ذات النعل السميك، التي تحتاج إلى وقت وجهد كبيرين، مما يجعلها أكثر صعوبة. ويضيف: “الشغل مع النعال السميكة بيكون صعب شوية وبيحتاج وقت طويل”.

أما عن الأسعار، فيقول: “في القرى الوضع يختلف عن المدن، ففي القرية يمكنني صنع حذاء بـ 20 جنيهًا، بينما في المدينة يمكن أن يصل السعر إلى 50 جنيهًا، لذلك دائمًا نراعي ظروف الناس”.