على رغم استقرار سوق الصرف وتراجع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري فإن التوقعات في شأن مستقبل العملة المصرية خلال العام الحالي متباينة، ففيما يرى بعض المحللين عودة الجنيه المصري إلى مربع الخسائر وتجدد حال الارتباك، تتوقع المؤسسات الدولية تحسناً كبيراً في أداء العملة المحلية مقابل الدولار الأميركي خلال العام الحالي في ظل استقرار سوق الصرف.
خلال التعاملات الأخيرة، استقر سعر صرف الدولار الأميركي لدى البنك المركزي المصري عند مستوى 50.17 جنيه للشراء، و50.30 جنيه للبيع، وفي بنوك “الأهلي المصري” و”مصر” و”العقاري المصري” و”القاهرة” بلغ سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء مستوى 50.18 جنيه للشراء و50.28 جنيه للبيع.
وجاء أعلى سعر لصرف الدولار لدى بنكي “قناة السويس” والشركة المصرفية العربية الدولية “سايب” عند مستوى 50.20 جنيه للشراء مقابل 50.30 جنيه للبيع، فيما كان أقل سعر لصرف العملة الأميركية في المصرف العربي الدولي عند مستوى 50.17 جنيه للشراء، و50.27 جنيه للبيع.
هل يوافق صندوق النقد على المراجعة الرابعة؟
في سياق التوقعات، رجح بنك الاستثمار الأميركي “مورغان ستانلي” أن يوافق مجلس إدارة صندوق النقد الدولي قريباً على المراجعة الرابعة للبرنامج الاقتصادي المصري، مرجحاً استقرار سعر الجنيه مقابل الدولار في ظل السياسات النقدية والمالية المتشددة، خصوصاً مع استمرار الدعم من الشركاء الإقليميين والدوليين.
وكان محللو البنك زاروا القاهرة وعقدوا اجتماعات مع مسؤولين من القطاعين العام والخاص، وأصدر البنك مذكرة بحثية تضمنت توقعاته للاقتصاد المصري، لافتاً إلى أن استحقاقات الديون الكبيرة على مصر خلال مارس (آذار) 2025 والبالغة 25 مليار دولار غير مقلقة، لأنها في الغالب مملوكة للبنوك المحلية.
وأشار إلى أن إجمال إصدارات الدين الدولية لمصر عام 2025 سيصل ملياري دولار، مقابل استحقاقات بقيمة 3 مليارات دولار، مما يعني أن صافي الإصدار سيكون سلبياً بمقدار مليار دولار، وانخفاض صافي الأصول الأجنبية للبنوك التجارية سيكون موقتاً.
ولفت إلى أن الحساب الجاري سيتراجع إلى 18 مليار دولار خلال العام المالي الحالي من 21 مليار دولار المسجلة العام المالي الماضي، علاوة على أن هناك مجالاً لخفض الفائدة بنحو 10 في المئة خلال العام المالي الحالي، ففي حين اقتصرت توقعات المحللين على ستة في المئة، فإن التضخم سيتراجع إلى مستويات بين 14 و15 في المئة خلال العام المالي الحالي.
ورجح أن تصل إيرادات قناة السويس إلى 8 مليارات دولار العام المالي المقبل من نحو 4 مليارات العام المالي الحالي، وتوقع ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج إلى 32.5 مليار دولار العام المالي الحالي بمعدل 8 مليارات كل ربع، ورجح زيادة إيرادات السياحة إلى 15 مليار دولار العام المالي الحالي ثم إلى 15.5 مليار العام المالي المقبل، مع وصول السياح بالفعل إلى 15.7 مليون سائح عام 2024.
وقال إن النمو يصل إلى أربعة في المئة خلال العام المالي الجاري، و4.6 في المئة العام المقبل، وهو ضمن نطاق توقعات المحليين للنمو والذي يراوح ما بين 3.8 وأربعة في المئة، و4.6 و4.8 في المئة خلال العامين الماليين الحالي والمقبل على التوالي.
كيف يتحرك الجنيه المصري مقابل الدولار؟
في ما يتعلق بمستقبل الجنيه المصري، توقع “مورغان ستانلي” استقرار العملة المصرية مقابل الدولار في ظل السياسات النقدية والمالية المتشددة، خصوصاً مع استمرار الدعم من الشركاء الإقليميين والدوليين، مرجحاً أن يوافق مجلس إدارة صندوق النقد الدولي قريباً على المراجعة الرابعة للبرنامج.
وأشار إلى أن معظم الاقتصاديين والمستثمرين المحليين في السوق يرون أن سعر الدولار الأميركي مقابل الجنيه المصري سيراوح ما بين 48 و52 جنيهاً للدولار وحتى نهاية عام 2025، ليظل ضمن المستويات التي تشير إليها عقود الصرف الآجلة.
وساعد توحيد سعر الصرف خلال مارس 2024 إلى جانب التمويلات المتعددة الأطراف وبرنامج الإصلاح المدعوم من صندوق النقد الدولي، في وضع مصر على مسار مستدام نحو استقرار الاقتصاد الكلي على المدى المتوسط. وقال “مورغان ستانلي” إن استثمارات الأجانب في الدين المحلي تراجعت إلى 14 مليار دولار من نحو 20 مليار دولار ذروتها في مارس 2024 وفق تقديرات المتعاملين في السوق، وإن بيانات البنك المركزي المصري تكشف عن أن حيازة الأجانب للأذون بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2024 والبالغة 37 مليار دولار تشمل 18.3 مليار دولار ضمانات متعلقة بمعاملات “الريبو” للبنوك المحلية مع البنوك الأجنبية، والتي يجب خصمها من الرقم الإجمال لتجنب العد المزدوج. وأشار إلى أن استحقاقات شهر مارس الكبيرة والبالغة 25 مليار دولار غير مقلقة لأنها ديون ستكون في الغالب مملوكة للبنوك المحلية.
ورجح أن يكون انخفاض صافي الأصول الأجنبية للبنوك التجارية موقتاً، وذكر أن زيادة التنسيق بين البنك المركزي ووزارة المالية، وكذلك بين أعضاء الحكومة، عززت ثقة المواطنين في السياسات الاقتصادية المتبعة، وهي الملحوظة التي أكدها “غولدمان ساكس” خلال وقت سابق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتوقع البنك تراجع عجز الحساب الجاري إلى 18 مليار دولار خلال العام المالي الماضي من 21 مليار دولار المسجلة خلال العام المالي قبل الماضي، في زيادة على 14 مليار دولار بتقديراته السابقة لكنها تتماشى مع توقعات المحللين في مصر بين 18 و20 مليار دولار.
إمكانية خفض الفائدة 13 في المئة
وعلى غرار “غولدمان ساكس”، يرى بنك “مورغان ستانلي” أن هناك مجالاً لخفض الفائدة بنحو 10 في المئة خلال العام المالي الحالي في حين اقتصرت توقعات المحللين على ستة في المئة، فيما كان يرى “غولدمان ساكس” أن الخفض قد يصل إلى 13 في المئة، ورجح أن يتراجع التضخم لمستويات بين 14 و15 في المئة خلال العام المالي الحالي.
وقال البنك إن تراجع حدة التوترات الجيوسياسية يعد عاملاً رئيساً لتحسن ميزان المعاملات الخارجية، خصوصاً من خلال تعافي إيرادات قناة السويس، وإن كان من غير المؤكد سرعة استئناف حركة العبور في قناة السويس، لكنه رجح ارتفاع إيرادات القناة إلى 8 مليارات دولار العام المالي المقبل من نحو 4 مليارات تقديراته للعام المالي الحالي.
وتوقع البنك تعافياً تدريجاً في مستويات عبور السفن للقناة بداية من الربع الثاني على أن يصل للتعافي الكامل خلال الربع الثاني من عام 2026، وأشار إلى أن الاقتصاديين في مصر لديهم نظرة حذرة في شأن التضخم نتيجة ترجيحهم زيادة أخرى في أسعار الطاقة نحو مستويات تعافي الكلفة بنهاية العام، وإمكانية إزالة بعض الإعفاءات في ضريبة القيمة المضافة خلال وقت لاحق، وفقاً لمتطلبات برنامج صندوق النقد الدولي.
وقال البنك إنه بصورة إيجابية، ساعد قطاع السياحة المرن وتعافي تحويلات العاملين في الخارج في دعم إيرادات النقد الأجنبي، لكن هذه الإيرادات لم تعوض سوى جزء من الاتساع في العجز التجاري وانخفاض إيرادات قناة السويس.
ونقل “مورغان ستانلي” عن الاقتصاديين المحليين توقعهم أن يكون عجز المعاملات الجارية مُغطى بالكامل في ظل الزخم الجيد في الاستثمار الأجنبي المباشر المدعوم من الشركاء الإقليميين، وخطوط التمويل متعددة الأطراف بما في ذلك دعم صندوق النقد الدولي، والاتحاد الأوروبي، والبنك الدولي وإمكانية ارتفاع تدفق الأموال الساخنة.
نقلاً عن : اندبندنت عربية