ستعلن وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي في واشنطن عن خطتها لتغيير قواعد الديون البريطانية، التي ستفتح المجال أمام الحكومة لإنفاق ما يصل إلى 50 مليار جنيه استرليني (64.6 مليار دولار) إضافية على مشاريع البنية التحتية.
فبعد أسابيع من التكهنات ستؤكد ريفز أن موازنة الأسبوع المقبل ستتضمن طريقة جديدة لتقييم وضع الديون في بريطانيا، في خطوة ستسمح للخزانة بالاقتراض أكثر للاستثمار الرأسمالي على المدى الطويل.
ومن المتوقع أن تلقى التغييرات ترحيباً قوياً من قبل صندوق النقد الدولي، الذي يشير دوماً إلى ضرورة تخصيص إنفاق مشاريع البنية التحتية في بريطانيا، خصوصاً في ظل سعي الحكومة لإصلاح الأضرار التي لحقت بالمالية العامة نتيجة للجائحة وأزمة كلفة المعيشة.
التوقعات تشير إلى أن ريفز لن تفصح في واشنطن أياً من التدابير المختلفة المتعلقة بالديون التي نُظر فيها، لكن مصدراً حكومياً رفيع المستوى أفاد لصحيفة “الغارديان” بأن وزيرة الخزانة ستستهدف الالتزامات المالية الصافية للقطاع العام، وستأخذ هذه المعايير التي ستحل محل الدين الصافي للقطاع العام بعين الاعتبار، بما في ذلك قروض الطلاب والحصص في الشركات الخاصة، إضافة إلى أنظمة المعاشات الممولة.
نقطة انطلاق
“موازنتنا المقبلة ستكون نقطة انطلاق لاقتصادنا” هذا ما قالته ريفز مضيفة أن “بريطانيا المبنية على صخرة الاستقرار الاقتصادي هي بريطانيا شريك دولي قوي وموثوق”.
وأكدت “سأكون في واشنطن لأخبر العالم أن موازنتنا المقبلة ستكون نقطة انطلاق لاقتصادنا، بينما نستثمر في أسس النمو المستقبلي”. وتابعت “من هذه القاعدة الصلبة، سنكون قادرين على تمثيل المصالح البريطانية بأفضل صورة وإظهار القيادة في القضايا الرئيسة مثل الصراعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وورث حزب “العمال” مجموعة من القواعد المالية عن وزير المالية السابق جيريمي هانت تنص على تمويل الإنفاق اليومي من العائدات، وأن يتراجع الدين كنسبة من الاقتصاد خلال العام الخامس من التوقعات التي ينتجها مكتب المساءلة المالية.
وكان هانت على وشك تحقيق قاعدته الخاصة بالدين بفارق ضئيل بلغ 8.9 مليار جنيه استرليني (11.5 مليار دولار)، بعد أن أعلن عن خفوض ضريبية كبيرة على رغم الضغوط المرتبطة بكلف خدمة الدين المرتفعة في بريطانيا، وارتفاع الطلب على الخدمات العامة، وضعف النمو الاقتصادي.
ولو كان هانت اعتمد هدف صافي الالتزامات المالية للقطاع العام خلال مارس (آذار) الماضي لكان من الممكن أن يضيف نحو 53 مليار جنيه استرليني (68.5 مليار دولار) إلى هامش اقتراضه.
مشاريع الطاقة محور تركيز الموازنة الجديدة
وأشارت وزارة الخزانة إلى أنها لن تستفيد في البداية من جميع النطاقات الإضافية التي سيوفرها تغيير قاعدة الدين، وأنها ستضع “حواجز أمان” لضمان أن مشاريع الاستثمار تحقق قيمة جيدة مقابل المال، في حين قالت مصادر إن مشاريع الطاقة والنقل ستكون محور التركيز في الإنفاق الرأسمالي في الموازنة المقررة خلال الـ30 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
ولن تلجأ ريفز إلى تغيير القاعدة بصورة جذرية من خلال اعتماد مقياس صافي قيمة القطاع العام، الذي يتضمن أيضاً الأصول غير المالية مثل شبكة الطرق والمدارس والمستشفيات، بحسب المصادر.
وستقول وزيرة الخزانة في الموازنة إن القاعدة المالية الرئيسة للحكومة ستكون أن يغطى الإنفاق اليومي من إيرادات الضرائب، على أن يستخدم الاقتراض فحسب للإنفاق الرأسمالي.
وتقول وزارة الخزانة إن “ذلك سيعني زيادة الضرائب وعمليات خفض الإنفاق بقيمة تصل إلى 50 مليار جنيه استرليني (64.6 مليار دولار)”.
وسيشير الإعلان عن التغييرات في صندوق النقد الدولي إلى أن وزيرة الخزانة تسعى إلى الحفاظ على توافق مع هيئة تقليدية محافظة في خططها، بينما تهدف إلى كسب تأييد أقوى وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في العالم.
وتتناقض هذه الجهود لتقليل أي رد فعل في الأسواق المالية نتيجة لتغيير القواعد المالية بصورة حادة مع النهج الذي اتبعته ليز تراس، التي واجهت تحدياً مباشراً من الصندوق في شأن موازنتها المصغرة خلال عام 2022.
وفي مؤتمر صحافي بمناسبة إصدار أحدث تقارير صندوق النقد الدولي عن المراقبة المالية، قال مدير دائرة الشؤون المالية في الصندوق فيتور غاسبار “كما هو الحال في عديد من الاقتصادات المتقدمة الأخرى، فإن الاستثمار العام في بريطانيا كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في اتجاه هابط”.
وأضاف “تتطلب التحديات المرتبطة بالتحول الطاقي والتقنيات الجديدة والابتكار التكنولوجي وغيرها كثير استثماراً عاماً بصورة كبيرة”.
وأكد غاسبار أن “المراقبة المالية تؤكد ضرورة حماية الاستثمار العام في الإجراءات الموازنة التي تعزز الأداء الاقتصادي الكلي السليم”، مشيراً إلى أن “حقيقة أن هذه القضية تحتل مركز الصدارة في النقاش في بريطانيا حالياً أمر مرحب به للغاية”.
وتحول موقف صندوق النقد الدولي تدريجاً خلال الأعوام الأخيرة ليؤيد الاقتراض الحكومي من أجل الاستثمار في الظروف المناسبة.
نقلاً عن : اندبندنت عربية