يبدأ وزراء بريطانيون هذا الأسبوع جولة جديدة من المفاوضات مع الهند في محاولة للتوصل إلى اتفاق تجارة حر يقدر بمليارات الجنيهات الاسترلينية التي يأملون أن يسهم في تعزيز الاقتصاد البريطاني الذي يشهد حالاً من الركود.

وغادر وزير التجارة البريطانية جوناثان رينولدز إلى دلهي أمس الأحد للاجتماع مع نظيره الهندي بيوش جويال، وذلك للمرة الأولى منذ فوز حزب العمال بالانتخابات.

هذه الزيارة بداية الجولة الـ15 من مفاوضات التجارة مع الهند التي تعد من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم مع 1.4 مليار نسمة بعد تعليق المفاوضات في مايو (أيار) الماضي بسبب إعلان رئيس الوزراء السابق ريشي سوناك عن إجراء انتخابات عامة.

وسعى عديد من رؤساء وزراء حزب المحافظين المتعاقبين للتوصل إلى اتفاق تجاري مع الهند التي تعد من أهم المكاسب التي تحققها بريطانيا من “بريكست”. وقال رينولدز لصحيفة “الغارديان” إن إبرام الاتفاق “أولوية قصوى” بالنسبة إليه، وإنه “ليس خائفاً من اتخاذ القرارات الصعبة”. وأضاف، “شاهدنا وزراء التجارة يأتون ويذهبون، وعلى رغم صدق جهودهم، فلا سر أن الشركات البريطانية لم تحقق نتائج ملموسة من تلك المفاوضات”. وتابع، “إنهم في حاجة إلى اتفاق تجاري يمكنهم من تقليل الكلفة، وتوسيع أعمالهم، والتوسع في السوق الهندية الضخمة. هذا ما ستحققه لهم هذه الحكومة”.

وخلال زيارته الهند سيزور رينولدز وجويال مكتب “بي تي الهند” في غوراغرام، ومن المتوقع أن تجري وزيرة الاستثمار بوببي غوستافسون اجتماعات تجارية في مومباي وبنغالور.

وقال الرئيس التنفيذي لبنك “ستاندرد تشارترد” سيف مالك إن الفرص التجارية الناتجة من توقيع الاتفاق ستكون “هائلة”.

وأضاف مالك، “سواء كان الأمر يتعلق بتحسين الوصول إلى السوق الاستهلاكية الهندية المتنامية أو الفرص في مجالات التصنيع والبنية التحتية والابتكار أو التعاون في الخدمات المالية والمهنية، فإن إعادة إطلاق المفاوضات التجارية يمكن أن تفتح آفاقاً أكبر للتجارة والاستثمار والازدهار عبر ممر بريطانيا – الهند”.

الهند مفاوض صعب في قضايا التجارة

تعد بريطانيا والهند من أكبر الاقتصادات العالمية، إذ تحتلان المرتبتين السادسة والخامسة على التوالي، وتشهد علاقتهما التجارية تداولاً بقيمة 41 مليار جنيه استرليني (51.9 مليار دولار)، ومن المتوقع أن تصبح الهند ثالث أكبر اقتصاد عالمي بحلول عام 2028. ومع ذلك تعد الهند مفاوضاً صعباً في قضايا التجارة، إذ وقعت حكومة ناريندرا مودي في الربيع اتفاقاً تجارياً بقيمة 79 مليار جنيه استرليني (100 مليار دولار) مع رابطة التجارة الحرة الأوروبية، وهي كتلة تضم النرويج وسويسرا وآيسلندا وسان مارينو بعد 16 عاماً من المفاوضات. وفي وقت سابق من هذا الشهر قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن مودي يعد “مفاوضاً أصعب” منه.

وحدد كل من رئيسي الوزراء البريطانيين السابقين بوريس جونسون وليز تراس مواعيد نهائية خلال احتفالات “ديوالي” للتوصل إلى اتفاقات، لكنهما فشلا في الوصول إلى التوقيع. ومع حكومة ريشي سوناك اقترب المفاوضون من التوصل إلى اتفاق، لكن المفاوضات توقفت بسبب الدعوة إلى إجراء الانتخابات البريطانية.

وفي إطار الاتفاق طلبت بريطانيا تخفيض الرسوم الجمركية على السلع مثل السيارات والويسكي وزيادة الوصول إلى السوق الهندية للمحامين البريطانيين والشركات المالية. وفي المقابل طلبت الهند تسهيل الإجراءات الخاصة بإرسال العمال الهنود إلى بريطانيا، بما في ذلك تسريع عملية تصاريح العمل.

ومن القضايا العالقة كان قلق دلهي من أن الهنود الذين يعملون موقتاً في بريطانيا بتأشيرات عمل يجب أن يدفعوا ضريبة التأمين الوطني على رغم أنهم غير مؤهلين للحصول على المعاشات أو مزايا الضمان الاجتماعي البريطانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكشفت الصحيفة في الربيع عن أن الهند طلبت أيضاً إعفاءً من آلية التعديل الحدودي للكربون (CBAM) المخطط لها من قبل بريطانيا، وهي ضريبة مرتقبة على استيراد السلع كثيفة الكربون مثل الصلب والزجاج والأسمدة، استناداً إلى كونها دولة نامية. في حين أن أي قرار بإعفاء الهند من ضريبة الكربون سيكون مثار جدل، إذ صممت هذه الخطط لتقليص الانبعاثات ودعم منتجي الصلب في بريطانيا من خلال تحقيق توازن بين الدول التي تفرض رسوماً أقل أو لا تفرض أي رسوم على الكربون.

صادرات الشركات البريطانية إلى الهند

وفي الآونة الأخيرة تحدث الوزراء عن عدد من شركات العلوم الحياتية والتكنولوجيا التي تزيد من صادراتها إلى الهند، إذ جرى تصدير نحو 17 مليار جنيه استرليني (21.5 مليار دولار) من السلع والخدمات في إجمال صادرات الشركات البريطانية إلى الهند خلال الـ12 شهراً المنتهية في سبتمبر (أيلول) 2024.

ومن بين الشركات البريطانية المصدرة إلى الهند شركة “راديو ديزاين” التي تتخذ من شيبلي غرب يوركشاير مقراً لها، والتي افتتحت منشأة تصنيع في الهند، وكذلك شركة “ماركوس إيفانس غروب” للتكنولوجيا التي أسست عملياتها التقنية العالمية في مومباي.

وطورت شركة “أبليان سيستمز” للتكنولوجيا التي تتخذ من كوفنتري مقراً لها وتقدم خدمات التعليم عبر الإنترنت مشروعاً تجريبياً سيستخدم في نحو 5 آلاف مدرسة هندية.

وقال وزير التجارة جوناثان رينولدز إن التكنولوجيا والعلوم الحياتية هما “قطاعان كبيران للنمو بالنسبة إلى بريطانيا”. وأضاف أن صادراتهما إلى السوق الهندية “ستصل إلى عشرات الملايين من الجنيهات الاسترلينية لمصلحة الاقتصاد البريطاني”.

نقلاً عن : اندبندنت عربية