أحدثت الحكومة الأسترالية ضجة مؤخرًا بتحديدها سنًا أدنى لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي عند 16 عامًا، بهدف حماية الشباب من المخاطر المحتملة للمنصات الرقمية.
وفقا لموقع onlymyhealth تعكس هذه الخطوة الوعي المتزايد بتأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة العقلية والبدنية والتنمية الشاملة للمستخدمين الشباب، ونعرض فيما يلى العوامل التي أثرت على هذا القرار ونفحص الأضرار المحتملة للوصول غير المقيد إلى وسائل التواصل الاجتماعي على عقول الشباب.
فهم الدوافع وراء الحظر
قرار أستراليا بتقييد وصول الأطفال دون سن 16 عامًا إلى وسائل التواصل الاجتماعي معتمد على الأدلة التي تشير إلى أن المنصات عبر الإنترنت يمكن أن تؤثر على المستخدمين الأصغر سنًا بطرق ضارة، ففي أعقاب جائحة كورونا، ارتفعت التفاعلات عبر الإنترنت حيث أصبحت المساحات الرقمية ضرورية للتعليم والتواصل الاجتماعي والترفيه، ومع ذلك، أثار التعرض المطول لهذه المنصات دون إشراف مخاوف بشأن تعرض الأطفال لمحتوى غير لائق والتنمر الإلكتروني وأنماط الاستخدام الإدمانية.
المخاطر المتعلقة بالصحة العقلية: القلق والاكتئاب ومشاكل صورة الجسم
ارتبط الاستخدام غير المقيد لوسائل التواصل الاجتماعي بالعديد من مشاكل الصحة العقلية لدى الأطفال والمراهقين، وخاصة فيما يتعلق بتقدير الذات وصورة الجسم، حيث يتعرض العديد من الشباب لثقافة المقارنة من خلال الصور المفلترة وأنماط حياة المشاهير، والتي يمكن أن تغذي انعدام الأمان والتوقعات غير الواقعية.
وبالنسبة لبعض الأطفال، وخاصة الفتيات، يمكن أن يتجلى هذا بطرق شديدة، مثل ضعف صورة الذات، وعدم الرضا عن الجسم، وحتى اضطرابات الأكل، ويشير علماء النفس إلى أن الأطفال الذين يقضون وقتًا مفرطًا على وسائل التواصل الاجتماعي قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالقلق وأعراض الاكتئاب، وخاصة عند تعرضهم لمحتوى يعزز معايير الجمال التي لا يمكن تحقيقها أو يسلط الضوء على حياة الآخرين “المثالية”.
وعلاوة على ذلك، يعكس قرار الحكومة الأسترالية أبحاثاً تظهر أن المستخدمين الأصغر سناً هم الأكثر عرضة للتأثير العاطفي الناجم عن التفاعلات عبر الإنترنت. فالملاحظات السلبية والتنمر الإلكتروني والاستبعاد قد يكون لها تأثير دائم على الصحة العقلية للأطفال، مما قد يؤدي إلى الانسحاب الاجتماعي والتوتر والشعور بالوحدة، ويهدف الحد الأقصى للسن إلى منح الأطفال مزيداً من الوقت للتطور عاطفياً واجتماعياً قبل مواجهة مثل هذه الضغوط.
المخاوف الصحية الجسدية: نمط الحياة المستقرة واضطرابات النوم
من بين المخاوف الرئيسية الأخرى المرتبطة بالإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي تأثيرها على الصحة البدنية، فالساعات الطويلة التي يقضيها الأطفال على الأجهزة الرقمية تساهم في نمط حياة خامل، مما يقلل من الوقت الذي قد يقضيه الأطفال في الأنشطة البدنية أو اللعب في الهواء الطلق، وقد ارتبط قلة النشاط البدني في مرحلة الطفولة بقضايا صحية طويلة الأمد، بما في ذلك السمنة، وضعف صحة القلب والأوعية الدموية، وضعف العضلات.
ومن المعروف أيضًا أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يعطل النوم، وخاصة عندما يظل الأطفال مستيقظين حتى وقت متأخر من الليل يتصفحون الأخبار، ويمكن للضوء المنبعث من الشاشات أن يتداخل مع دورة النوم والاستيقاظ الطبيعية في الجسم، ما يؤدي إلى أنماط نوم منخفضة أو غير منتظمة. وبمرور الوقت، يمكن أن يؤدي قلة النوم إلى مضاعفات صحية أخرى، بما في ذلك ضعف المناعة، وانخفاض التركيز، ومشاكل سلوكية.
التطور الاجتماعي والعاطفي: خطر العزلة والاعتماد على الآخرين
قد تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي على كيفية تطور الأطفال اجتماعيًا وعاطفيًا، ففي حين تسمح المنصات بالاتصالات الافتراضية، إلا أنها قد تخلق أيضًا شعورًا زائفًا بالألفة والتواصل، مما قد يؤدي إلى عزل المستخدمين عن العلاقات وجهاً لوجه، وقد يصبح المستخدمون الأصغر سنًا، الذين لا يزالون يتعلمون الإشارات الاجتماعية ومهارات الاتصال، معتمدين بشكل مفرط على التفاعلات الرقمية، مما يؤدي إلى صعوبات في تكوين العلاقات والحفاظ عليها في الحياة الواقعية.
تسلط السياسة الجديدة في أستراليا الضوء على نهج استباقي لحماية العقول الشابة من الآثار الضارة لوسائل التواصل الاجتماعي، ومع ضغوط المقارنة الاجتماعية، والمخاطر التي تهدد الصحة العقلية والجسدية، واحتمال الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن القيود العمرية تهدف إلى منح الأطفال المزيد من الوقت للتطور دون التأثير المستمر للمنصات الرقمية.
نقلاً عن : اليوم السابع