خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) سعر الإقراض الرئيس لليلة واحدة ثلاث مرات متتالية هذا العام، وكان التأثير مختلطاً بالنسبة إلى المستهلكين.

بصورة عامة، انخفض سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية، بمقدار نقطة مئوية كاملة عن أعلى مستوى له منذ أكثر من عقدين من الزمان.

ويؤثر سعر الفائدة في الأموال الفيدرالية في معدلات اقتراض وادخار المستهلكين في جميع أنحاء الاقتصاد الأميركي، إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لكن تأثيره الهبوطي حتى الآن لم يكن دراماتيكياً للغاية، وهذا أمر إيجابي للمدخرين ومستثمري الدخل الثابت، الذين لا يزال لديهم كثير من الفرص في الأشهر المقبلة للحصول على عائد على أموالهم يفوق التضخم.

لكن هذه ليست أخباراً رائعة لأولئك الذين لديهم ديون، فلم تنخفض أسعار اقتراضهم كثيراً، ويتوقع كثير من مراقبي “الفيدرالي” أن تتباطأ وتيرة خفض أسعار الفائدة في عام 2025، وأن يكون حجم الخفوض أن وجدت متواضعة، إذ تشير أحدث توقعات “الفيدرالي” الآن إلى خفض أسعار الفائدة مرتين وحسب للعام المقبل، نزولاً من الأربعة المتوقعة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

توقعات بعودة أسعار الفائدة إلى مستويات محايدة

في ظل التوقعات والبيانات المتاحة، إليك نظرة على كيفية وضع مدخراتك وتقليل ديونك وتحديد أفضل وضع لاستثماراتك للعام الجديد، بالنسبة إلى مدخراتك، وفي توقعاتها لعام 2025، قالت شركة “فانغارد إنفستمنتس” إنها تتوقع أن “تعود أسعار الفائدة إلى مستويات محايدة، وهي أعلى من تلك التي كانت في العقد الأول من القرن الـ21، مما يدعم العائدات القوية على الاستثمارات النقدية والدخل الثابت”.

“يعتمد مقدار النقود التي يجب أن تبقيها في متناول يدك على حاجاتك وأهدافك، ولكن في الأقل، ضع في اعتبارك خصخصة نصف شهر من نفقات معيشتك أو 2000 دولار في حساب سائل للتعامل مع صدمات الإنفاق”، كما يقول رئيس استثمارات المستثمرين الشخصيين في “فانغارد” براندون كينغ، وتابع “هذا هو المال الذي ستحتاج إليه إذا تعطلت سيارتك أو نشأت نفقات منزلية غير متوقعة”.

وقال كينغ “قد ترغب في الاحتفاظ بما يعادل ثلاثة إلى ستة أشهر في الأقل من نفقات المعيشة في متناول اليد للتعامل مع صدمات الدخل مثل التسريح”، مستدركاً “يمكن الاحتفاظ بأموال الصدمة هذه في حساب توفير عالي العائد مؤمن عليه من قبل مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية عبر الإنترنت، الذي يدفع أكثر بكثير من البنوك التقليدية، إذ تقدم عديد منها عائدات تتراوح ما بين 4.5 و4.9 في المئة هذا الشهر”.

وأضاف كينغ “ربما قد تفكر في وضع هذه الأموال في حساب سوق النقد المؤمن عليه من قبل مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية في بنكك الخاص إذا كان يقدم عائداً جذاباً”.

وفقاً لموقع “بنك ريت” كانت بعض حسابات سوق المال تقدم عائداً يتراوح ما بين 4.65 في المئة و4.85 في المئة في الأسبوع الماضي.

ضع في اعتبارك أن أسعار الفائدة على حسابات التوفير وحسابات سوق المال من المرجح أن تنخفض قليلاً في أعقاب خفض أسعار الفائدة من قبل البنك “الفيدرالي”.

قد يكون البديل الآخر هو صندوق سوق المال، الذي تقدمه شركات كبيرة مثل “فانغارد” و”فيدليتي” و”سشواب” في نطاق 4.3 في المئة إلى 4.6 في المئة، وتستثمر مثل هذه الصناديق في أدوات الدين القصيرة الأجل والمنخفضة الأخطار.

وفيما لا يتم تأمين الصناديق، لكن إذا استثمرت من خلال الوساطة الخاصة بك، فمن المرجح أن يؤمن حسابك الإجمالي من قبل “سيكوريترز إنفستور بروتكيشن كورب”.

ما خيارات الحصول على دخل ثابت؟

وسواء كنت تدخر لسداد دفعة أولى في الأعوام القليلة المقبلة، أو كنت متقاعداً تريد الاحتفاظ بدخل عام أو عامين في متناول اليد حتى لا تضطر إلى سحب الأموال من محفظة الاستثمار الخاصة بك عندما تنخفض السوق، فقد تفكر في خيارات الدخل الثابت، هنا، قد تقدم شهادات الإيداع وسندات الخزانة والسندات البلدية العالية الجودة عوائد جيدة، ولكل منها آثار ضريبية مختلفة وقواعد مختلفة للسحب المبكر.

وتتطلب شهادات الإيداع المؤمنة من قبل “الفيدرالي” حبس أموالك لفترة زمنية معينة، والأرباح خاضعة للضريبة بالكامل على المستوى “الفيدرالي” ومستوى الولاية، وكانت العائدات على شهادات الإيداع التي تتراوح مدتها ما بين ثلاثة أشهر وخمسة أعوام تتراوح ما بين 4.1 في المئة و4.5 في المئة هذا الأسبوع.

وكانت سندات الخزانة الأميركية التي تتراوح مدتها ما بين ثلاثة أشهر وثلاثة أعوام تقدم عوائد تتراوح ما بين 4.23 في المئة و4.3 في المئة، والفائدة المكتسبة من سندات الخزانة معفاة من الضرائب المحلية، لذا قد تكون خياراً أفضل إذا كنت تعيش في منطقة ذات ضرائب مرتفعة.

وبحسب العروض المقدمة على موقع “سشواب كوم”، فإن العائدات على سندات البلدية من الفئة “إي أي إي” التي تتراوح مدتها ما بين ثلاثة أشهر وخمسة أعوام تتراوح ما بين 2.66 في المئة و3.87 في المئة، وعادة ما تكون الأرباح معفاة من الضرائب الفيدرالية.

وإذا اشتريت سندات بلدية صادرة عن الولاية التي تقدم فيها ضرائب ولايتك، فقد تكون معفاة من الضرائب المحلية والولائية أيضاً، وهذا خيار جيد آخر إذا كان لديك دخل مرتفع أو تعيش في منطقة ذات ضرائب مرتفعة.

كيف تدير ديونك وبطاقات الائتمان؟

بالنسبة إلى ملف الديون، وعلى رغم خفوض أسعار الفائدة التي أجراها “الفيدرالي”، فإن المقترضين لا يرون عموماً راحة ملحوظة لأن أسعارهم كانت مرتفعة للغاية، فقال نائب الرئيس في “ترانس يونيون” ميشيل رانيري “قد لا تشهد أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان والرهن العقاري وقروض السيارات تأثيراً فورياً كبيراً نتيجة لهذا الخفض الأخير”، مستدركاً “لكن يجب على المستهلكين الاستمرار في مراقبتها والتأكد من أن ملفهم الائتماني الإجمالي في أفضل صورة ممكنة حتى يتمكنوا من الاستفادة من انخفاض الأسعار مع انخفاضها”.

في ما يتعلق ببطاقات الائتمان، فإنه اعتباراً من الـ11 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، بلغ متوسط ​​سعر بطاقة الائتمان 20.35 في المئة، بانخفاض عن أعلى مستوى قياسي بلغ 20.79 في المئة في منتصف أغسطس (آب) 2024، وبعد تحرك “الفيدرالي” نحو خفض الفائدة الأربعاء الماضي، من المرجح أن ينخفض ​​أكثر قليلاً، لكنه سيظل أعلى بكثير من متوسط ​​16.16 في المئة المسجل في يوليو (تموز) 2021.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إذا كنت مديناً بأموال على بطاقة ائتمان للبيع بالتجزئة، فمن المرجح أن يكون معدل الفائدة أعلى بكثير، وفقاً لتقرير جديد من مكتب حماية المستهلك المالي، الذي وجد أن بطاقات العلامات التجارية الخاصة لأكبر تجار التجزئة لديها متوسط ​​معدل فائدة سنوي مقداره 32.66 في المئة للحسابات الجديدة.

لذا عليك أن تتجاهل “الفيدرالي” إذا كنت تحمل رصيداً، فانقله إلى بطاقة نقل رصيد بنسبة صفر في المئة لن تفرض عليك فائدة لمدة تصل إلى 21 شهراً، إذ يمنحك هذا الوقت لسداد أصل قرضك بصورة هادفة من دون الحاجة إلى إهدار المال على الفائدة.

وإذا لم تتمكن من تأمين بطاقة نقل رصيد، فاطلب من جهة إصدار بطاقتك الائتمانية خفض معدل الفائدة، فقال كبير محللي الائتمان في “ليندينغ تري” مات شولتز “هذا ينجح في كثير من الأحيان أكثر مما تعتقد، فأظهر تقرير حديث أن 76 في المئة من الأشخاص الذين طلبوا معدل فائدة سنوياً أقل حصلوا عليه، وكان متوسط ​​الخفض أكثر من ست نقاط”.

كيف تتعامل مع قروض الرهن العقاري؟

بالنسبة إلى قروض الإسكان فقد ارتفعت أسعار الرهن العقاري بالفعل منذ أن بدأ “الفيدرالي” في خفض الأسعار في سبتمبر الماضي، وذلك لأن هذه الأسعار مرتبطة بصورة مباشرة بالعائد على سندات الخزانة لمدة 10 أعوام ، التي تتحرك وفقاً لعوامل اقتصادية مثل التضخم والنمو، وتفسيرات التحركات المستقبلية لـ”الفيدرالي”، نظراً إلى أن البيانات الاقتصادية الأخيرة كانت قوية، فإن العائد لمدة 10 أعوام أعلى مما كان عليه في منتصف سبتمبر الماضي.

وخلال الأسبوع المنتهي في الـ12 من ديسمبر الجاري، بلغ متوسط ​​سعر الفائدة على الرهن العقاري الثابت لمدة 30 عاماً 6.60 في المئة، في حين أن هذا أعلى من 6.2 في المئة المسجلة قبل أسبوع من اجتماع “الفيدرالي” في سبتمبر الماضي، إلا أنه لا يزال أقل بكثير مما كان عليه قبل عام عند 7.50 في المئة، وفقاً لتقرير حديث من “فريدي ماك”.

وقد يشعر مشتري المنازل بخيبة أمل، ولكن بالنسبة إلى أي شخص يحمل رهناً عقارياً بمعدل أعلى من متوسط ​​30 عاماً، فقد تفكر في إعادة التمويل، وعن ذلك يقول، كبير المحللين الماليين في “بنك ريت” جريغ ماكبرايد “إذا كان بإمكانك تقليص نصف إلى ثلاثة أرباع نقطة مئوية من سعر الرهن العقاري الخاص بك، فإن إعادة التمويل تستحق النظر، ومن الناحية الواقعية، يعني هذا أنه إذا كنت تحمل معدل سبعة في المئة أو أعلى، فستحتاج إلى التسوق لمعرفة نوع المعدل الذي يمكنك الحصول عليه ومقدار ما سيوفره لك ذلك كل شهر”.

وتابع “أما بالنسبة إلى الاقتراض مقابل حقوق الملكية في منزلك فكن حكيماً فهو لا يزال مكلفاً”.

وعلى رغم خفوض أسعار الفائدة التي أجراها “الفيدرالي”، فإن متوسط ​​أسعار خطوط الائتمان على حقوق الملكية في المنزل وقروض حقوق الملكية في المنزل يبلغ نحو 8.5 في المئة.

وعن ذلك يقول ماكبرايد “لا تعد خطوط الائتمان على حقوق الملكية في المسكن المصدر المنخفض الكلفة للتمويل الذي كان القاعدة لمدة 20 عاماً تقريباً، وعلى خطوط الائتمان على حقوق الملكية في المسكن الحالية، لا يزال هناك كثير من المقرضين يتقاضون أسعار فائدة مزدوجة الرقم، فادفعها بقوة لأن أسعار الفائدة لن تنخفض بسرعة كافية لتوفير الإغاثة ذات المغزى”.

نقلاً عن : اندبندنت عربية