بوتين لا يملك أدنى فكرة عن أهوال الحرب النووية

وجه أحد الناجين من هجوم القنبلة الذرية على مدينة ناغازاكي اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية تحذيراً إلى فلاديمير بوتين، مشيراً إلى أن الأخير لا يملك أدنى فكرة عن الدمار والألم الذي يتسبب به هذا النوع من الأسلحة، وذلك في سياق تهديد الرئيس الروسي الغرب باحتمال نشوب حرب نووية.

وقال تيرومي تاناكا، أحد الناجين من الهجمات الأميركية على اليابان في أغسطس (آب) 1945، وهم مجموعة من الناس تتضاءل أعدادها، إن استخدام الأسلحة النووية كفيل بأن “يقضي على البشرية” وإن الزعماء أمثال السيد بوتين “لا يدركون مدى الضرر الذي يمكن أن تحدثه”.

وأطلق السيد تاناكا هذا التحذير خلال مقابلة مع “اندبندنت” من داخل مكتب صغير ومزدحم تملكه مجموعة “نيهون هيدانكيو” Nihon Hidankyo في طوكيو، في وقت يتصاعد فيه قرع طبول الحرب النووية من جانب القيادة الروسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأصدر السيد بوتين هذا الأسبوع مرسوماً يرخي القيود المفروضة على بروتوكولات الأسلحة النووية في روسيا، مشيراً إلى إمكانية لجوء البلاد إلى هذا السلاح حتى لو تعرضت للهجوم بأسلحة تقليدية، إن كان المعتدي مدعوماً من دولة تمتلك السلاح النووي.

ويشكل هذا المرسوم تحذيراً لا لبس فيه، بعد سماح الرئيس الأميركي جو بايدن لأوكرانيا باستخدام الصواريخ الأميركية بعيدة المدى لضرب أهداف في العمق الروسي، بأن موسكو تحتفظ بحق الرد على ضربات من هذا النوع باستخدام السلاح النووي. ولاحقاً، استخدمت القوات الأوكرانية صواريخ أميركية وبريطانية بعيدة المدى.

وقال السيد تاناكا، البالغ من العمر 92 سنة، إن الحضارة كما نعرفها تواجه “خطراً محدقاً” وإن الحرب النووية لا تبدو “بعيدة”، مضيفاً “أنا خائف جداً من هذه المسألة”.

وبعد سؤاله عن الرسالة التي يود توجيهها للزعيم الروسي، قال “سوف أطلب منه بداية أن يخبرني ما يعرفه عن شكل الأثر الذي يخلفه السلاح النووي على كائن بشري. سأطلب منه أن يخبرني ذلك”.

وأضاف، “وسأطرح عليه سؤالي، يمكنك باستخدام قنبلة واحدة فقط أن تقتل مئات الآلاف من الأشخاص. هل تقول إنك لا تمانع ذلك؟”

ويعد السيد تاناكا الشريك المؤسس لمنظمة “نيهون هيدانكيو”، الاتحاد الياباني لمنظمات ضحايا القنابل الذرية والهيدروجينية، التي اعترفت لجنة نوبل النرويجية بعد طول انتظار بأهمية عملها في مجال مناهضة الأسلحة النووية على مدار عقود من الزمن. وسوف يسافر إلى أوسلو الشهر المقبل لمخاطبة اللجنة واستلام جائزة نوبل للسلام.

لم يتعد عمر تاناكا الـ13 عندما أُلقيت على ناغازاكي القنبلة الذرية المسماة بـ”الرجل البدين”، التي تزن 10 آلاف رطل (نحو 4.5 طن)، يوم التاسع من أغسطس (آب) 1945 فوقعت على بُعد 3.2 كيلومتر عن منزل عائلته. وتخصص منظمة “نيهون هيدانكيو” جزءاً من عملها لتسجيل شهادات الناجين من القنبلتين الذريتين اللتين ألقيتا على اليابان، ويقول إن ذكرى ما حصل ذلك اليوم ستظل إلى الأبد “محفورة في ذهني”.

واستطرد قائلاً، “كنت مستلقياً وأقرأ كتاباً عندما شع ضوء في كل مكان. أصبح كل ما حولي أبيض اللون وسمعت صوتاً هادراً. لم يكن يشبه أي شيء اختبرته في حياتي قبلاً لكنني شعرت بالطبع بأن ما يحدث خطر جداً”.

وأضاف، “هرعت إلى الطابق السفلي وجثمت وغطيت أذناي كما دربونا أن نفعل. وفي تلك اللحظة، وصل عصف الانفجار. لا أذكر أنني سمعته إذ يبدو أنني فقدت الوعي. ولا أذكر شيئاً بعدها”.

ويقول السيد تاناكا، إنه نجا لأن البابين الزجاجيين اللذين وقعا عليه لم يتحطما. “كان الأمر غريباً فعلاً، فالزجاج لم يتحطم لكن في المنازل الأخرى، لم يتبق أي زجاج. بعد ذلك أدركنا أنها معجزة أن الباب الزجاجي لم يتهشم ووقع فوقي وحماني. أنا موجود هنا اليوم لهذا السبب وحده”.

ومثل معظم الناجين الذين تمثلهم منظمة “نيهون هيدانكيو”، المعروفة باسم “هيباكوشا” hibakusha، فقد السيد تاناكا كثيرين من أحبائه في يوم الانفجار. وقال إنه توجه إلى موقع الانفجار وظل يسير في أرجاء المدينة طيلة أيام، بحثاً عن خمسة من أقاربه.

وتابع حديثه، “بعد ثلاثة أيام، كانت مئات الجثث لا تزال ملقاة في كل مكان، والجرحى يجثمون في الظلال ولا يتلقون أي رعاية أو انتباه على الإطلاق. يجب ألا تختبر البشرية أمراً مماثلاً. هذا ليس ما يجب أن يفعله البشر ببعضهم البعض”.

في بيان الإعلان عن قرار منح “نيهون هيدانكيو” جائزة السلام، أشارت لجنة جائزة نوبل إلى “مساعي (المجموعة) للتوصل إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية وإثباتها من خلال شهادات الشهود بأنه يجب عدم استخدام الأسلحة النووية مجدداً، على الإطلاق”.

وقال السيد تاناكا، إن المجموعة اعتقدت أنها قد تربح الجائزة خلال السنوات السابقة لا سيما في سنوات صادفت ذكرى سنوات يوبيل مهمة لتفجيرات هيروشيما وناغازاكي، لكنها تفاجأت كلياً هذا العام.

وأوضح أن “السبب الوحيد الذي يمكنني أن أفكر فيه لاتخاذهم قرار منحنا الجائزة هذا العام هو الوضع العالمي من ناحية [خطر حرب] الأسلحة النووية”، مشيراً إلى التهديدات الروسية، كما إلى كوريا الشمالية وإيران والصراع في الشرق الأوسط.

وأضاف، أن الفوز “حلو ومر في آن” نظراً إلى ما يعنيه بالنسبة إلى الوضع الخطر الذي يمر به العالم. “تأثرت فعلاً عندما قرأت (ما قالته) لجنة نوبل، أنها تدرك فعلاً العمل الذي كنا نقوم به… وكيف كنا نسهم في جعل استخدام الأسلحة النووية من المحظورات، وكيف تنتظر منا أن نواصل عملنا”.

نقلاً عن : اندبندنت عربية